ادب وفن

سلاماً خليل شوقي.. أستاذنا الجليل / اسماعيل خليل

كنا شبابا يافعين.. حين ولجنا بوابة المسرح العتيق.. الاثير.. مسرح بغداد.. كنت أنت ورفاقك تقفون بإباء.. نخلات باسقة.. فتحتم القلب قبل الذراع.. احتضنتمونا بحنو.. كنت أنت بينهم سويداء القلب.. تتحرك كالفراشة، لا فرق عندك بين الخشبة والحياة.. كلاهما لديك حياة.. لم تزل طلتك وابتسامتك ونبرة صوتك الشجي ماثلة في ذاكرتنا.. كفكرك النير الذي كان قبسا لذائقتنا ومواهبنا..
سنوات وخلية بغداد تعمل بهدوء.. تعزف سيمفونية المحبة.. فجأة.. وفي ليلة ظلماء تناثرنا في الشتات.. لم يعد الوطن يسعنا أمام المد الأسود.. لم يكن لدينا سلاح للمواجهة سوى الرحيل صوب المجهول.. في منفاك الاختياري لم تغب عن ذاكرة الناس.. الكل يسأل عن ابي فارس.. مصطفى الدلال.. عبد القادر بيك.. وأنت لم تزل بروح الشباب على الرغم من سطوة الشيخوخة.. وفي ساعة الحتم قررت المغادرة.. توقف قلبك المتعب لكن روحك ظلت تخيم على قلوبنا وذاكرتنا.. عذرا استاذ .. أبي، لم أحظ بلحظة أسير فيها مع نعشك.. لم أكن قرب فارس واخوتي الآخرين.. كما لم أحظ بسماع كلمات تأبينك في بغداد.. فأنا كما تعلم مازلت هنا في برلين، أسير سياط الغربة والمرض.. لكنني أرسلت لك آهات وحسرات وقبلات على جبينك الندي..
سلاما أيها المعلم الجليل.. سلاما من كواليس مسرح بغداد الذي آل الى خرابة.. لكنها ليست كخرابة يوسف العاني.. سلاما لك.. للسعدي جعفر.. للرفاعي خليل.. لقاسم.. لعوني.. لفاروق.. لهاني.. لمنذر.. للبدري مكي.. للعقيدي شكري..لأمنا زكية.. للسيدة النبيلة زينب.. وكل الراحلين ..سلاما.. سلاما..