ادب وفن

الجوال _ صورة المدينة */ عزيز الساعدي

في وسط الساحة سقط الرجل "الشاعر" فجأة مثل حصان حصدوا ركبتيه بمنجل "الشاعر سرجون بولوس"
شبح إنسان
جوال الحواري والآزفة المتربة
وجهه المصفر من المرض وسوء التغذية
ثيابه القديمة الملتصقة على جسده النحيل
أكلتها الأيام والسنين
قال عنه البعض انه بوهيمي متشرد
يعاني الاغتراب المزدوج
غربة الروح المدمرة
وغربة الواقع اللامعقول
ترعبه رؤوس الجثث الطافية في الأنهر
وجثامين الأطفال الذين ماتوا عطشا في الصحراء
وكفوف الأطفال والصبايا المقطعة بفعل تفجيرات داعش الارهابي
تتشاجر الامهات الثكالى عليهم
كل واحدة تدعي هذا كف رضيعها
صبيها
يا للهول!
وانا اقول لهم : اليس الشاعر الذي كتب اميرا من اور والقطرب
هو بطبيعته طيرا محلقا
لا يكفيه الواقع المحدود
فيذهب في حلمه يبحث في سماء اللامحدود
عن هويته وانتمائه واحلامه وانكساراته
عن مأساته ومأساة شعبه
المحترق بنيران السلطة الجاهلة الباغية المتجبرة
ونيران المحتل الامريكي القبيح
ليلة البارحة حلمت يا حسين ابن عبد اللطيف بأطياف أحبتنا أصحاب الكلمة الكبار
بالروائي كاظم الأحمدي وهو يتكئ
على عكازه شامخا مذهولا في ساحة أم البروم وأمام كشك ناصر أبو الجرايد الطيب
شامخا حزينا
كما رأيت في الحلم العملاق السامق كشجرة النخل البرحية "أم الشجر" بجلاله المهيب وشعره المنفوش كالملك لير
وهو يصرخ بوجه هذا العالم الباغي
ووجه السلطة الغاصبة التي اغتصبت عرشه وجعلته شريدا معدما انه استاذنا جميعا المهيب حمود عبد الوهاب
ورأيت ذلك الطيف الحالم بالمسرح
وهو يحوك كفنه من ستارة المسرح
ويدق نقالة نعشه بمسامير مسرحية المنجم
ذلك الجنرال الصامت الجليل المهيب في وقفته جبار صبري العطية
والتفت
ورأيت حفار قبر اوفيليا
يقول: اين هو ذلك الاستقراطي المسرحي الهائم في بحر الافكار والمتوج شعره بالكليل الأبيض حميد مجيد مال الله
وأخيرا سيبقى الشاعر حسين عبد اللطيف رغم هفواته شاعرا شامخا وتوثيقيا وأصيلا لمدينته الحزينة المستباحة بصرياثا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ألقاها الأديب الساعدي في تأبينية الشاعر حسين عبداللطيف التي أقيمت اخيراص في البصرة في مناسبة مرور سنة على وفاته، والتي قدمها د. فهد محسن ود. حسين فالح نجم.