قُبلةٌ ضائعة بالضوء الأحمر** / منير النمر*
- التفاصيل
- نشر بتاريخ الخميس, 31 كانون1/ديسمبر 2015 18:18
قررتُ المشيَ وحيداً، كالماء التائهِ في الصحراءْأبحثُ عن وجه الدنيا..
عن إمرأةٍ تحمل بين يديها عمرَ الرّملةِ..
شكل أنوثتها..
قمماً ملساءْ
لا الشِّعرُ سيكتبُنِي عند قبيلتها..
تكتبني الحربُ.. تفاصيلُ الموتِ اليوميهْ.
والحقد الجاثم في نهديها يكتبُ آخرَ أمنيّه
قررت كتابةَ شِعرٍ يُهدى للغيمةِ
حين تَظَمُّ الأرضَ بماءٍ يَغسلُ كل مساءٍ حوريّه
يغتسلُ الحبُّ بماء الوردِ، ولكنْ بين مفاصل صخرٍ
ماتَ الحبُّ، مثل الأفكار الشرقيه
تنتحرُ الجوزاءُ علينا
ويبول علينا كفرُ الحربِ ووجهُ الرّدهْ
قررتُ بأنْ أكتبَ شِعراً منفيّاً عن كل سماءِ
العصفور التائه في وطنٍ يجعلني منسيّاً، حلمَ الأزهارَ المنسيهْ.
لا يُتْعِبُ أيدي الرقباءَ على حرفٍ قيّدهُ القفلُ
السافلُ والأغلالُ الليليهْ
لا يجعلُ كل فحولِ الدنيا تعشقُ رقصَ الحوريّهْ.
يجعلني منسياً مثل العشبةِ حين تموتُ
على يدها في الردَّةِ كلُّ الأشعارِ المنسيه
وطنٌ عربيُّ هذا...!!؟
أم مَبْغَى تُنكحُ فيه الغيماتُ الشرقيه
وطنٌ عربيُّ هذا...!!؟
أم مَبْغَى تدفن فيه ملايين النجماتِ..
نساءٌ تسبى من دمها الحريه
قررتُ المشيَ، ووجه الحائطِ في حبيَ
صمتٌ اتحرك حيناً.. حينا..، سعيا للشفة الورديهْ
قررتُ بأنْ أعشقَ حلمي وحدي
أنْ أصحوَ وحدي
أمضي وحدي دون كلامٍ يُتعب آذانَ الفجريه
قررتُ بأنْ أمضيْ هباءً تلو هباءٍ
أنظرُ في المرآة الثكلى شكلي، وجعي المنسيِّ
على حلمي، علبةَ كولا نُسِيَتْ مثل رداءِ العمر ببابي..،
اتحسسُ شكلاً مخفياً، والحائطُ أعمى لا أبصرُ بين يديه ضياءْ
لا قطُّ يُمسي بسمَتَهُ فوقي
ومواءُ القطةِ يستر عورتنا البلهاءْ
لا شعرٌ أكتبُ.. يا اسماءْ
هذا القيدُ على فمنا سجنٌ، والحبرُ دمٌ، والحرفُ
تمزَّقَ في صحفٍ خرساءْ
وطني عربيُّ، والشكُ على قلبيَ كفّنني
أرسمُ ضوء الشمسِ، ولكنَّ الفرشاةِ التعبى
ترسمُ داخليَ الداءْ
ترسمُ لوناً أسودَ.. أسودْ
والمرسمُ أسودْ
وكذا كلُّ جداريَ أسودْ
شِعريَ أسودْ
نوميَ أسودْ
رقصيَ أسودْ
كل مضاجعةٍ في وطني سوداءْ
صمتٌ يَقلبُ صفحةَ عمري
والليلُ الهائمُ في جسدي يحملُ عقمَ نجومٍ بيضاءْ
لستُ أعي كيف تسيرني الدنيا
كيف سأولد فيها..
أدفنُ فيها..
ضاعتْ كل قبيلتنا..
والقبلة ضاعتْ في الضوء الأحمر يا أسماءْ.
ضاعَ العمرُ رياحيناً
والفجرُ أضعناه بكاءْ
صمتَ الغيمُ ونخلتهُ
والموج الهادر في شاطئ قلبي منتحرٌ
وسمائي ماتتْ، والقيد على فمنا ما زال طليقاً يرسمُ داخلنا الداءْ.
2015-12-31
ــــــــــــــــــ
*شاعر وفنان تشكيلي
** قصيدة مهداة للشعب العربي بمناسبة العام الجديد