ادب وفن

قراءة في تجربة الشاعر سلام دواي عبر قصيدة «أودع السنة مبكرا بأغنية» / حميد حسن جعفر

سيدي الشاعر سلام دواي ،انك تدوس ببطن الممنوعات ، سواء كنت حزينا أو منتشيا ،وقد تكون الأغنية من مصادر الحياة التي لابد منها ،من أجل مواجهة السلطات ، ومنها الشرطي ، هذا النموذج القديم /الجديد من ملاقط النار التي تمتلكها الحكومات عامة لمواجهة أرابيسك الحياة المفعمة بالمشاكسة ، الحياة /الارابسيك ، حيث التنوع والاختلافات ،
كافة السلطات التي صنعتها الذكورة تدعو الكائن النموذج / الكائن الاسفنجة ،الذي يتقبل كلما يقدم إليه حتى يتحول إلى جزء منتم للقيادات.
وداعا لشاعر هذا ليس وداع رحيل إنه احتفاء بشيء من الماضي، الذي لا يمكن أن يخلو من الجماليات ، الحياة لا تنمو بالسلطات / الحياة تتكرر بمن ينتمي إلى الحكومة ،الحياة تنتمي بأكثرها إلى الإنسان الاعتيادي الذي قد لا يشعر بوجوده.
الحياة بأصاغرها / بمساوئها لا أريد أن أقول بمحاسنها فحسب لا يمكن أن تمر من غير أن تترك وراءها أثرا ما ،الاغاني مصانع للتناقضات.
سلام دواي رجل لا أريد أن أقول شاعرا يحتفي بالحياة باجمعها، بقضها وقضيضها ، بأخضرها ويابسها ، قد يشير بسبابته ليودع السنة ولكنه يشير بيديه الاثنتين بل بكل جسده لما سيأتي من سنوات .
الشعر والجمال لن يحتملا الزوال أو الإلغاء ، بل لا بد من أن نراهما يتعلقان وبشكل علني بالقابل من السنوات.
لا سلطان على الشعر / الغناء ، والشعر / الجمال من قبل سلطة الشيخوخة تلك التي قد تصيب شخصا ما ، ولكن لا قدرة لها على الجميع ، الحركة الجمعية بكل أخطائها من أكبر منتجي الحراك الذي لا بد له من أن يطلع من تحت
"صخرة على الطريق
الشاعر / الحياة لا يهدي ولا يثرثر ،ربما القراءات قد ترتكب بعض الأخطاء وفق مواقف القراء ، حيث خطوط الشروع القراءاتية المختلفة والمنتجة، بدورها النتائج مختلفة ،الشعر أفق مفتوح بعشرات أو بمئات أو بآلاف العدسات ، كالعدسة تمنح المستخدم لها لونا وطعما ونكهة .
مختبرات القراءة هي التي تمنح القراءات حالات الاختلاف ،التي قد تنتمي إلى الصح أو الخطأ ،إلى الخط المستقيم أو الخط المنحرف / المتكسر.
الشعر/ الأغنية لا تعني وسط فن القراءة سوى الوصول إلى الجمال ، أما الوصول وارتكاب الأخطاء فهي قد تكون نتيجة مفاهيم أخرى ،تنتمي إلى الآخر / الشرطي ، العالم"الذي يشبه الشرطي
نظراتك على ألسنة
من ثقوبها التي أزعجت عزلتي"
سيظل الشعر ممثلا للانفتاحات على الحياة،
وسيظل الشرطي / الثوابت ممثلا للعوائق الداعية إلى التوقف عن الحياة /القراءة.
سلام دواي لا تهمه الكتابة فحسب ، بل وهذا من المؤكد بالنسبة للكائن المبدع إنه الباحث عن القراءة حاله حال النص الذي يكتبه ، النص لا يكتسب قيمته إلا من خلال الفعل القراءاتي الذي ينتجه القارئ نفسه، وقارئ سلام دواي يجب أن يكون ممتلكا هكذا تصور أكثر من عينين ربما يكون بحاجة أو متزودا بما ينتمي إلى العين المركبة،أي أن هناك عيون عديدة مراكز رؤية متعددة مما يقود هذه العين أو العيون إلى إدراك / رؤية ما لم تر العين الوحيدة.
هذه القدرات تمنح القارئ العديد من الفعاليات والتي منها غياب الجزئيات / جزئيات النص من خلال السيطرة على جزئيات أكثر قدرة على لفت انتباه القارئ.
هل بمقدور الشاعر والقصيدة إنتاج هكذا قارئ أو هكذا قراءة ، ربما من الممكن وذلك من خلال القارئ الذي يدخل القصيدة وهو محمل بمجموعة استقبالات .
انا اعتقد أن الشاعر سلام دواي كان يعمل أو القصيدة هي التي كانت تعمل أو تجيء على شكل "استقبل السنة القادمة مبكرا بأغنية "على الرغم من أن الشاعر لم يتنازل عن احتفاءاته غنائيا بما مضى من السنة ،التي تكاد تنصرم .
كل هذا والشاعر مازال يحتفظ بعالم آخر غير الذي يسمعه بانزعاج.
إذا هناك عالمان ، لم يقل هذا الشاعر ، بل هذا ما يجب أن يكتشف ويقوله القارئ ،فليس من "المعقول"/الواقع المعيش أن يتشكل عبر عملة ذات وجه واحد.
الشاعر منتج لحياة / لعملة متعددة الوجوه ، منتج لفعل شعري متعدد القراءات ، عبر هذه التعدديات يلغي الشاعر سلطة الوجه الواحد ، سلطة التفرد بالأمر الواقع ،عبر هكذا مفاصل تتضارب / تتصادم سلطة الشاعر --أن كان الشعر والقصيدة يمتلكان السلطة مع سلطة الآخر الشرطي الممثل الحتمي للأنواع المتعددة من وسائل الإلغاء الدينية والدنيوية ،حيث يتصاعد صراع الفرار الواحد مع القراءات المتعددة .
لم تكن حياة الشاعر /العزلة فعلا قهريا بل إنه نوع من الاختيارات.
هكذا يجب أن يكون الفعل الحياتي الأول ، أما ما يريده الآخر أي الفعل الثاني للحياة فهو أمر من صنع سلطة قاهرة تمني النفس وتطمح إلى إلغاء الشاعر ، إذا على الشاعر أن يستمر في الغناء وعلى الشرطي أن يستجيب لفعل الاستماع مجبرا.