مدارات

إضراب عمال كاور باغي دروس وعبر / ريسان حسين

في الذكرى السنوية لإضراب عمال شركة نفط العراق المحدودة (شركة نفط كركوك) والذي يعد ملحمة بطولية رائعة قامت بها الطبقة العاملة العراقية بعد ان اشتد ساعدها وتسلحت بالأفكار التقدمية وبسبب غمط حقوقها من قبل إدارة الشركة الانكليزية تداعت القيادات النقابية في كيفية الحصول على حقوق ومطالب الطبقة العاملة وكان آخر أسلحتها هو الإضراب في كاور باغي.
وبعد مرور 67 عاماً على تلك الملحمة التي قادها نخبة عمالية متميزة كان تأثيرها واضحا في العمل الوطني والمهني.. كان بودي ان التقي بأحد هؤلاء.. لكن جميعهم توفي عدا النقابي المناضل حنا دانيال والذي لا يقوى على مثل هكذا مقابلة نتمنى له الصحة التامة ومن اجل ذلك التقينا بكوادر نقابية لتسليط الضوء على مجريات إضراب عمال شركة نفط العراق في كاور باغي. اذ تحدث لنا بهاء الدين فرج عضو المكتب التنفيذي لاتحاد نقابات عمال كردستان فرع كركوك قائلا:-
بدأت التهيئة لإضراب كاور باغي في أواخر شهر حزيران عام 1946 بعد ان قدم العمال 3 مذكرات متتالية الى إدارة الشركة تخص مطالبهم وهي الإقرار بحقهم في التنظيم النقابي وزيادة الإجور من 80 فلساً الى 250 فلساً وتخصيص سيارات لنقل العمال من بيوتهم والى مواقع العمل وتشييد دور سكن للعمال او تعويضهم ببدل ايجار والكف عن الطرد الكيفي وضمان اجتماعي يقيهم وعوائلهم الفاقة والعوز عند البطالة والشيخوخة والمرض وتزويدهم بملابس العمل.ثم قدم العمال طلبا ثانيا لكن دون جدوى. وفي طلبهم الثالث، التهديد بالإضراب عن العمل... وفي 30 حزيران قدم العمال المجتمعون في (محطة كي وان) مذكرة الى إدارة الشركة تضمنت مطالبهم. وطلبت منهم تشكيل وفد للتفاوض مع ممثلي الشركة والسلطات المحلية والقنصل البريطاني.ويضيف قائلا: حاولت إدارة الشركة إغراء بعض القادة النقابيين ماديا ومعنويا لكنهم كانو اسمى من ان يتنازلوا. وعقد اجتماع موسع في مقهى (حمه طوبال) في مركز كركوك قرب سوق الهرج حاليا... حضره 500 عامل تقريبا والقى فيهم القائد النقابي حنا الياس كلمة اوضح موقف إدارة الشركة وإصرار العمال على تنفيذ مطالبهم.وعن قيادة هذا الإضراب أضاف قائلا: تشكلت لجنة عليا لقيادة الإضراب والتي بدورها شكلت من 6-7 لجان في كل لجنة من (4 - 6 عمال) واتفق على التجمع اليومي في بستان كاور باغي اعتبارا من 1/7/.تتكون اللجنة العليا للإضراب من مجموعة من العمال والمثقفين ومن كافة القوميات وكانت تلقى فيها الكلمات باللغات التركمانية والكردية والعربية والارمنية والعبرية وكان تتعالى الأهازيج وصيحات الفرح الغامر. واستطرد قائلا: ان اللجنة العليا وجهت بتشكيل لجنة لمتابعة العمال غير المضربين والذين يخافون من إدارة الشركة بفصلهم ويذهبون للعمل واستطاعت إقناعهم والمساهمة في الإضراب.وبفعل إصرار العمال على التجمع يوميا تخوفت إدارة الشركة من تطور الإضراب لغير صالحها وهددتهم بفصلهم وسجنهم و أبلغت وكيل متصرف اللواء صديق باشا القادري والذي كان يعمل برتبة لواء في الجيش العثماني وقام بتهديد العمال بأساليب وحشية واستمرت اللقاءات اليومية في كاور باغي لمدة 12 يوماً وفي 12/7 وصلت الى موقع التجمع قوات من شرطة الخيالة المدججة بالسلاح والعصي وقاموا بتهديد العمال وحاولوا تخويفهم بإطلاق النار فوق رؤوسهم لكن إصرار العمال على البقاء والاستمرار في الإضراب، فتعاملت الشرطة معهم بفتح النار عليهم سبب ذلك باستشهاد 10 منهم اما الذين وقعوا في الساحة فتم إخلاؤهم من قبل أهالي المضربين غير معروف وأصابت 26 جريحا وفي يوم 13/7 خرجت تظاهرة صامتة في ساحة الإضراب الى دار المتصرفية شجبا على ما أقدمت عليه الشرطة.وعن موقف الحركة الوطنية في دعم المضربين أشار الى: ان كل عمال العراق بمختلف قطاعاتهم شجب وتضامن مع عمال نفط كركوك في هذا العمل البطولي الذي أدى إلى سقوط وزارة ارشد العمري وتبديل وكيل متصرف اللواء بشخص اخر لامتصاص نقمة الشعب وكان موقف الأحزاب الوطنية وفي مقدمتهم الحزب الشيوعي العراقي موجها" مؤيدا" ومساندا" لمطالب العمال وان اغلب قادة الإضراب هم من الشيوعيين من أمثال (حنا الياس، وحكمان فارس، وجميل حنا، وجليل خضر، ويعقوب حنا، وناصر شمعون، والياس ابوخضر، والحاج ابراهيم، وادمون بشير،، وزين العابدين دوزلاوي، وبشير اصطيفان، ومحمد رشيد. صديق الحزب الشيوعي.. وعن نتائج الإضراب أشار بهاء الدين فرج قائلا: رغم ما أصاب العمال واستشهاد وجرح أعداد منهم لكن إصرارهم على مطالبهم الـ(7) رضخت إدارة الشركة بتعديل الأجور من 80/ 140 فلساً والبدء ببناء دور سكن للعمال وتهيئة وسائل نقل وإيقاف عملية الطرد الكيفي.
وعن العلاقة بين ما قام به العمال المضربون في كاور باغي والإضرابات العمالية التي تقوم بها بعض القطاعات العمالية بسبب ظروف عملها وعدم تنفيذ مطالبها ورغم الفترة الزمنية بين إضراب عمال كاورباغي والآن حدثنا النقابي جمال عبد الجبار اكرم رئيس النقابة العامة للعاملين في قطاع النفط والغاز عن تظاهرة 13 /2 / 2011 في تنفيذ مطالب العاملين في القطاع النفطي (الشركة نفسها) ان مطالب العمال لم تؤخذ بعين الاعتبار من قبل المسؤولين على هذا القطاع مما اضطروا الى التظاهر والمطالبة بحقوقهم ومنها تثبيت العاملين الوقتيين على الملاك الدائم وإلغاء قرار 150 لسنة 1987 وتشريع قانون عمل جديد يتلاءم مع ظروف المرحلة وقانون الضمان الاجتماعي وغيرها. لكن مع الأسف تعاملت إدارة الشركة مع قيادة التظاهرة بالسلبية بتوجيه عقوبات إدارية منها النقل وعقوبة التوبيخ بحقي كوني قدت التظاهة وهي ذات مطالب مشروعة اقرها الدستور، الا أنني اشعر بفرح وزهو عندما تم تنفيذ جزء من مطالب العاملين منها تثبيت 2800 عامل منهم على الملاك الدائم مع بعض المطالب الاخرى.ومع الأسف ان ما طالب به العمال في إضراب كاور باغي لازال العمال يطالبون به، ومنها التشريعات العمالية الضامنة لحقوق العاملين.
فتحية لعمال العراق منذ بواكير نشوء الطبقة العاملة ونضالاتهم في الميناء وكاورباغي والزيوت وكل مواقع العمل