مدارات

إلى متى نبقى نستورد مفردات البطاقة التموينية ؟ / حمدي العاني

كميات مفردات البطاقة التموينية الواجب توفرها سنوياً توزع بواقع 4.400 مليون طن من الحنطة 1.000.000 مليون طن من الرز، 800.000 ألف طن من السكر،500.000 طن من حليب الأطفال، 600.000 ألف طن من الزيت.
ومن مفردات هذه البطاقة توفر الدولة 2.000 مليون طن من الحنطة وهذا العام أعلنت وزارة التجارة استلامها أكثر من ثلاثة ملايين طن، من أصل 4.400 مليون ، كما يستهلك العراق 1.250.000 طن من الرز، والعراق يوفر جزءاً قليلاً من الرز يقدر بـ 200-300 ألف طن.
وتقدر المبالغ المخصصة لاستيراد الحنطة والرز بملياري دولار ولشراء السكر مبلغ 700 مليون دولار، والحليب والزيت يقدر مبلغهما بـ 1.300 مليار دولار. عليه يكون مجموع المبالغ المتحققة لشراء مفردات البطاقة التموينية 4 مليارات دولا سنوياً، ومجموع ما صرف على مفردات البطاقة التموينية خلال (10) سنوات منذ سقوط النظام- 40 مليار دولار وهي تساوي ميزانية الدولة العراقية عام 1976. فكم مشروع استثماري وخدمي يمكن لنا تنفيذه من هذا المبلغ؟
فهل عجز العراق عن إنتاج مواد البطاقة التموينية؟ وفيه يجري نهران كبيران ومساحة زراعية صالحة للزراعة تقدر بـ(45) مليون دونم، و(25) مشروعاً للري والبزل وتضم هذه المشاريع أكثر من 7 ملايين دونم، ومستصلحة منه قرابة 4 ملايين دونم.
فهل عجز العراق عن إنتاج مواد البطاقة التموينية؟ ويدخل في نهر الفرات من المياه سنوياً 8 مليارات م3، ونهر دجلة يدخل اليه 19 مليار م3 سنوياً، يضاف إليه (30) مليار م3 من الأنهر الفرعية التي تصب فيه، كما يقدر حوض نهر دجلة بـ14 مليون دونم، والمساحة الصافية للإرواء بـ 12 مليون دونم، والمستثمر منها 8.5 ملايين دونم كما تقدر المساحة الواقعة ضمن نهر الفرات ب 8 ملايين دونم والمساحة الصافية للإرواء بـ7 ملايين دونم والمستثمر منها 3 ملايين دونم، يعني مجموع المساحة المستثمرة لنهري دجلة والفرات 11.5 ملايين دونم.
وهل عجز العراق عن انتاج مفردات البطاقة التموينية؟ ولدينا من السدود 6، وخزين سد دوكان 6.800 مليار م3، وسد دربنديخان 3 مليارات م3 وسد حديثة 8.24 مليار م3، وسد الموصل 1.11 مليار م3 وسد حمرين 2.4 مليارات م3، وسد العظيم 1.5 مليارات م3. كما ان هناك دراسة لتشييد 9 تسعة سدود في المنطقتين الشماية والجنوبية ومنها سدا بخمة ومنداوة.
فهل نبقى على هذا الحال؟ هناك وعود من المسؤولين (في وزارة الزراعة) للتخلص من استيراد الحنطة خلال السنوات القادمة، والاكتفاء ذاتياً من خلال الاستثمار العقلاني للأراضي الزراعية عن طريق الرش المحوري والري بالتنقيط.
فهل من المعقول أن تبقى أراضي الجزيرة في محافظة نينوى الواسعة الانتشار تعتمد على طريقة الإرواء المضمونة وغير المضمونة، ونهر دجلة قريب منها؟ وسد الموصل أقرب إليها؟
وهل من المعقول أن تسوق هذه الأرض (ارض الجزيرة) 200-115 الف طن من الحنطة الى وزارة التجارة؟
وهل من المعقول أن تسوق محافظة دهوك 134 ألف طن من الحنطة ومساحتها لا تساوي شيئاً بالنسبة لمساحة محافظة نينوى.
وهل من المعقول ان تسوق محافظة واسط الى وزارة التجارة من الحنطة ما يعادل المحافظات الشمالية لسنة 2011 نينوى، دهوك، كركوك، أربيل السليمانية وقدرها 519 الف طن.
ماذا يعني ذلك؟ يعني هناك خلل كبير في عدم استغلال الأراضي الزراعية بشكل علمي وسليم، استصلاح التربة، كميات المياه، المكننة الحديثة، البذور المحسنة، الوقت المحدد للزراعة، الأسمدة الكيماوية والمبيدات.
كل هذه العوامل مجتمعة ومترابطة، تشكل حجر الزاوية في الحصول على مستوى عال من غلة الدونم، وهي المشكلة الأساسية في التوصل الى حل وإنهاء استيراد هذه المواد. وهل من المعقول ان نبقى نستورد السكر ولدينا معملان لإنتاج السكر معطلان، الأول في محافظة ميسان وكان إنتاجه 100 الف طن سنوياً، والثاني في محافظة نينوى (انتاج البنجر السكري).
وهل من المعقول ان نبقى نستورد «دهن الزيت» ولدينا شركة الزيوت النباتية والتي كانت تنتج في الأعوام قبل السقوط آلاف الأطنان وبمختلف الأنواع وتلبي حاجات السوق المحلية، وتصدير الفائض إلى دول الخليج.
وهل من المعقول أن نبقى نستورد حليب الأطفال ولدينا إمكانية تشييد الكثير من المشاريع الزراعية والصناعية ومنها محطات الأبقار.
أما الرز فانحسرت زراعته في السنوات الأخيرة بسبب شح المياه، بحيث وصل إنتاج السنة الماضية والمسوق الى وزارة التجارة 149 الف طن (شلب) وهذه الكمية لا تسد سوى 10 في المائة من الاستهلاك المحلي. ان حل مشكلة الرز في العراق لا تتم إلا باستنباط أصناف بذور تقاوم الجفاف، وإلا ستبقى المشكلة قائمة والاستيراد مستمر ويتصاعد سنوياً بتصاعد الزيادة في نفوس العراق.