مدارات

تأريخ الحركة الشيوعية في قضاء الهندية (طويريج)ما بين 1940 و 1970

تأليف إسماعيل محمد السلمان
عرض/ د. مزاحم مبارك مال الله
كتاب صادر عن المركز الثقافي للطباعة والنشر.يقع في (100) صفحة من القطع المتوسط في طبعته الأولى2016.
المؤلف من مواليد قضاء الهندية عام 1944،ارتبط بالحزب في بداية الستينيات من القرن الماضي والتحق بقوات الأنصار في كردستان وكان عضواً في المكتب المركزي للشبيبة وممثلاً لشبيبة عمال العراق ثم محرراً في الصفحة العمالية لجريدة طريق الشعب عام 1974، وما زال من كتاب مجلة الشرارة التي تصدر عن اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في النجف، قسم كتابه الى ثلاثة أقسام ومقدمة.
جاء القسم الاول تحت عنوان/ الخلايا الحزبية الأولى والأنشطة الجماهيرية لقضاء الهندية ابان الحكم الملكي
يبدأ المؤلف مشوار سرده للأحداث من الجريمة الكبرى التي أقدمت عليها سلطات العهد الملكي البائد بإعدام قادة الحزب الميامين(فهد وحازم وصارم)، حيث أفرزت هذه الجريمة النكراء ردة فعل مضادة لنوايا عملاء العهد الملكي بالقضاء على الحزب الشيوعي، حينما انتشرت الأفكار الوطنية والاشتراكية بين الناس في كل أرجاء العراق بما فيها مدينة طويريج(الهندية) وكان من ابرز الأسماء التي عملت في المدينة (محمد عبد الله ابو الكبة) حيث أسهم في المناسبات الدينية والقى القصائد و(الهوسات) الدينية والسياسية فيها.
في عام 1952ظهرت التشكيلات الأولى لتنظيمات الحزب الشيوعي في طويريج وأصبحت لجنة المدينة تتكون من (غني وفخري عبد الهادي الظاهر، يونس السماوي ومحمد عبد الله ابو كبة). احدث توزيع البيانات الحزبية سراً داخل المدينة مع تعليق اللافتات في أوقات مناسبة، ضجة كبيرة وخصوصاَ بين الأوساط الأمنية، فزاد الكسب الحزبي من العمال والكسبة. قام الطلاب بتظاهرة تضامناً مع انتفاضة تشرين المجيدة. كان للشهيد الخالد سلام عادل دوراً بارزاً في تطوير العمل الحزبي حيث اشرف عام 1955على لجنة المدينة ودعاهم للقيام بتظاهرة ضد حلف بغداد وإطلاق سراح السجناء السياسيين، ومن جملتهم علي وحمزة أولاد الحاج محمود وهم أصحاب (موكب الشبيبة) في القضاء.
يقول المؤلف: تميز الإعصار الثوري في الخمسينيات في بروز نشاطات وطنية وثورية متميزة لبعض الشباب الواعي في القضاء ومنهم الملحن المعروف محمد جواد أموري.
القسم الثاني وجاء تحت عنوان / التنظيم الشيوعي في قضاء الهندية 1958- 1963
منذ الأيام الأولى لانتصار ثورة 14 تموز الخالدة، شهدت الساحة السياسية نشاطاً كبيراً لقوى الثورة المضادة من العملاء والإقطاعيين وكبار التجار والرجعيين وبدعم من الأجندات الداخلية والخارجية وشركات النفط الأجنبية وتصعيد التآمر على الجمهورية الفتية. وإزاء ذلك فقد نهض الحزب ليقود المد الجماهيري متحدياً المؤامرات الخطيرة. وفي اليوم الأول لانتصار الثورة، يقول المؤلف: "عقدت لجنة قضاء طويريج اجتماعها العلني الأول في دار(عبد زيد كعيد)، وكانت قيادة الحزب قد منحت اللجنة صلاحيات بمستوى لجنة محلية لسعة عملها التنظيمي ونشاطها الفاعل"، فقاد مهدي سيد جودي المعلمين والمدرسين ، الخط الطلابي سيد شهيد، التنظيمات والجمعيات الفلاحية (كاظم حمد)، أما النقابات العمالية فتركت لانتخاب ممثليها بشكل مهني وديمقراطي وكان عبد الحسين جاسم نقيباً للبقالين والعطارين ومحسن بريد ولي نقيباً لعمال البناء، أما في المجال النسوي فكانت سعدية عبد الهادي ناشطة في تنظيمات رابطة المرأة وفخري عبد الهادي وكان مسؤولا لإتحاد الطلبة وكان مقر الطلبة الدائم في مقهى عبيد.
عام 1959 عقدت لجنة أنصار السلام في الهندية مؤتمراً جماهيرياً حضره محمد صالح بحر العلوم والشاعرة وفية أبو قلام وتوفيق منير.
ويضيف المؤلف: "بالنظر الى شدة الإقبال على الانتماء للحزب فقد اتخذ الحزب قراراً بوقف الانتماء للحد من الحالات الانتهازية والوصولية حفاظاً على وحدة الحزب من العناصر الغريبة والطارئة خصوصاً مع تزايد التآمر الرجعي.وبالتزامن مع أحداث الموصل وكركوك فقد وقعت أحداث في الهندية عام 1959 حيث استشهد الرفيقان معطي بلور ومحمد حسين موسى إضافة الى عشرات المعتقلين من خيرة الرفاق والمخلصين وقد تعرضوا الى شتى أنواع التعذيب والأحكام."
ويقول المؤلف: "اعيد تشكيل لجنة المدينة والتي سرعان ما انقسمت الى لجنتين وفقاً لتعليمات الصيانة وسرية العمل، وقد وجهت اللجنة المركزية حينها شكراً الى لجنة مدينة الهندية لجمعها التبرعات لرفاقهم السجناء المعتقلين خلف السدة."
ويقول، يستذكر أبو ميثم مجيد مزهر، "لدى تشديد المراقبة على دور الشيوعيين كان المعلم الديني الوطني المتنور الفقيد علي ابو الخير يوفر داره لاجتماع لجنة المدينة ويطلب من شقيقه الحاج مسلم مغادرة الدار حفاظاً على التنظيم الشيوعي.
القسم الثالث وجاء بعنوان/ التنظيم الشيوعي في قضاء الهندية 1963 – 1970
بعد الهجمة البربرية التي قادها مجرمو 8 شباط الأسود ضد الحزب وتضرر معظم المنظمات الحزبية، يقول المؤلف: "قمنا، ـ يقصد هو ومجموعة من الشباب الثوريين ـ ببناء منظمة حزبية تزود ببيانات وأخبار سياسية يحصلون عليها من إذاعة صوت الشعب من براغ، فيوزعونها بين الجماهير ولصق شعرات تتضمن المطالبة بإسقاط النظام الفاشي، ولكن بعد شهرين تمكن المجرمون من الاندساس ونصب الكمائن للاجتماعات في بساتين منطقة (الطنبي) ومن ثم في بستان (عجة) حيث تم اعتقال المؤلف مع عدد أخر من رفاقه."
عام 1964 وبعد سقوط النظام المجرم قام المؤلف مع عدد من رفاقه بإعادة التنظيم وتشكيل لجنة مدينة مكونة من خمس رفاق وكان الاتصال ببغداد برفيق يعمل خياطاً في الكاظمية وكانت الاجتماعات تعقد في بيت العائلة الوطنية المعروفة (ابو العنبر) بشكل دوري.
وفي عام 1965 أعيد تشكيل لجنة المدينة مرة أخرى حيث تمت الصلة بالمعلم الهارب من سجن الحلة محمود موسى وهو من أهالي الكاظمية ، وتولى فيها المؤلف قيادة الخط الطلابي.
تم إلقاء القبض على محمود موسى في كراج الهندية وبحوزته النشرات الحزبية ورسالة ترحيل احد الرفاق، بعد متابعة تحركاته بين بغداد وكربلاء والهندية، وجرت حملة اعتقالات التي لم تتوسع بسبب مواقف الرفاق الصلبة، ويضيف المؤلف: "بقينا نجمع التبرعات المالية ونرسلها بواسطة يحيى الصباغ الى سجن الحلة."
ويستمر المؤلف في سرد الأحداث التي مرت خلال السنوات المتعاقبة ومنها قيادته لعدة لجان ومنها المكتب النسوي، ويستذكر:"وكان من ابرز الأنشطة السياسية والجماهيرية خلال الفترة 1968 – 1970، قيادة التظاهرات الجماهيرية الواسعة والقاء كلمة الحزب في ذكرى عدوان الخامس من حزيران وفي مناسبة صدور بيان 11 آذار وأخرى في مناسبة تأميم النفط، ومثل الحزب في القضاء للتفاوض مع البعثيين، كما شارك في الكونفرانس الطلابي الذي عقد في بساتين مدينة القاسم وبأشراف اتحاد الطلبة العام وكان من المشاركين فيه عبد المنعم الاعسم، ويقول" في نيسان 1970 ومع حدة الاغتيالات والهجمات والاعتقالات المتكررة عندما كنت متخفياً في ريف الهندية، طلب مني الحزب الانسحاب وترحيلي الى كردستان للالتحاق بقوات الأنصار، بعد مدة طلبت الرجوع للعمل في الداخل، وبعد اللقاء مع الرفيق توفيق احمد عضو المكتب السياسي وبقرار من قيادة الحزب، عدت الى الحلة ومن ثم الى مدينة النجف ثم الكوفة وريفها ومن ثم في كربلاء كعضو محليتها ومن ثم الى بغداد ثم الكوت."
ويحتوي هذ الفصل على كتابات، كتبها الرفيق المؤلف، عن أحداث عايشها في حقب مختلفة وظروف متنوعة وأدرجها تحت عنوان (من الذاكرة) وجاءت بعناوين مختلفة، وبلغت اثنتا عشر حكاية وهي:
1- المهرجان الجماهيري والتاريخي للسلم في قضاء الهندية
والذي جرى يوم 20/شباط 1959حيث توافد أنصار السلام الى قضاء الهندية، كجزء من أنشطة مجلس السلم والتضامن والذي تشكلت لجنته التحضيرية في العراق في بداية الخمسينيات والتي ضمت كل من: طلعت الشيباني، فاروق برتو، نزيهة الدليمي، صفاء الحافظ، صلاح خالص، كمال عمر نظمي، عطشان ضيئول، الشيخ عبد الكريم الماشطة).
2- سلام عادل وكاظم الجاسم في الهندية
التقى المؤلف مع المناضل البارز محمد عبد الله الهنداوي/ الملقب ابو الكبة ليقص له الحكاية التالية:" في احدى ليالي آذار 1955(وكان ابو الكبة مسؤول المنظمة)،دخل علينا الشهيد الرفيق كاظم الجاسم/ابو قيود وصحبته رفيق اخر لم اعرفه (ولكن بعد ثورة 14 تموز عرفت انه الخالد سلام عادل)، وهما يرتديان الملابس الريفية، وبالمصادفة كان في البيت ضيوف فطلبتُ منهم الخروج الاّ ان سلام عادل طلب منهم الجلوس لغرض الفائدة قائلاً إنهم ليسوا أعداء، واستعرض الخالد سلام عادل بحديث موضوعي واقعي رائع طبيعة النظام الملكي ودور حزبنا في مكافحة الاستعمار والدفاع عن مصالح الجماهير وطلب منا الخروج بتظاهرة جماهيرية ضد حلف بغداد الاستعماري مؤكداً على ابتعاد الرفاق المكشوفين عن قيادتها" ،ويقول ابو الكبة "طلبت تأجيل التظاهرة لأن المنظمة في بداية البناء والتكوين، الاّ ان الخالد سلام عادل رفض قبول الرأي قائلاً: ـ ان مثل هذه الفعاليات الجماهيرية سترفع من مكانة الحزب السياسية والمعنوية والتنظيمية وتسهم في إيصال صوت الحزب لأوسع الجماهير الشعبية وتساعد على رفع معنويات الشيوعيين وأنصارهم فضلاً عن خلق الرعب في نفوس أعدائهم ـ ويكمل ابو الكبة حديثه، كل تقديرات الخالد سلام عادل أثبتت صحتها بعد ان تجمعت التظاهرة ونجحت نجاحاً منقطع النظير".
3- أحداث الهندية في عام 1959
يسرد فيها أحداث المصادمات بين الشيوعيين وأنصارهم من جهة وبين البعثيين والقوميين والإقطاعيين والرجعيين من جهة أخرى خلال الاحتفالات التي دعا اليها الحزب في مناسبة الذكرى الأولى لانتصار ثورة 14 تموز المجيدة.
4- نساء باسلات يسطرن أروع المواقف الخالدة في مدينة الهندية
وفي هذه الحكاية يذكر الرفيق أسماء عدد من المناضلات ومواقفهن الخالدة خصوصاً أمهات الشيوعيين الموقوفين والمطاردين.
5- إنسانية الشيوعيين في ذاكرة حمدي محسن
تطلبت الاستعدادات لتظاهرة 1955التي دعا اليها الخالد سلام عادل ضد حلف بغداد لصق أعداد من المنشورات، وتم إحضار تلك المنشورات الى رفاق الهندية من قبل رفيقين ملثمين فاستلم رفيقان الشعارات المطبوعة ليلاً تحت ضوء خافت في الشارع. انصرف الملثمان على الفور، انتبه الرفيقان المكلفان باستلام المنشورات الى عدم وجود المادة اللاصقة(الشريص) فاستخدما العسل أخذاه من عربة بائع عسل كان نائماً وضعوا له النقود على العربة، وتمت العملية بنجاح وكانت الشعارات(تسقط العائلة المالكة الخائنة) و(تسقط معاهدة 1920 الجائرة)، هرعت الشرطة صباح اليوم التالي لتشطب كلمة (تسقط) بـ (تعيش) دون الانتباه الى كلمة (الخائنة)، فأصبحت نادرة سياسية مضحكة.
6- انطارة العكروك
ويتحدث فيها عن اصرار الشيوعيين على الاحتفال في مناسبة تأسيس الحزب عام 1969 وفشل البعثيين من منعها.
7- كيف لصقت شعارات الحزب على باب مديرية الامن
حيث يستذكر المؤلف مهمة لصق شعارات الحزب على باب مديرية امن الهندية عام 1969في غفلة من الحراسات أثناء استبدال الواجب.
8- الشيوعيون هم انبل من عرفتهم في حياتي
يتحدث المؤلف عن بطولة ونضال ومواقف تاريخية مشرّفة للرفيقة المناضلة نزيهة محمد/ ام علي.
9- حسين أبو الخيرة ناشطاً شيوعياً مميزاً
يتحدث بكل أمانة عن حياة الرفيق أبو الخيرة الذي رحل عام 2005 جراء إصابته بعوارض نفسية بسبب تعذيب البعثيين له.
10- الحاج دينار الاسدي وطنياً مخلصاً
يستذكر المؤلف مواقف هذا الرجل الوطني الشهم وهو من أعضاء الحزب الوطني الديمقراطي وكان قد رشحه الحزب الشيوعي العراقي لحضور مؤتمر الشبيبة العالمي في وارشو عام 1955.
11- في ذكرى رحيل الأستاذ عبد الامير رؤوف
يستذكر المؤلف قامة اخرى من قامات العمل الوطني والحزبي.
12- وجوه شيوعية – عبد الهادي شهيد عبيس وذاكرته النضالية
يضيف المؤلف هذه الحكاية التي كتبها المناضل عبد الهادي شهيد عبيس عن تأريخه النضالي وافتخاره بالحزب.
هذا الكتاب يضيف معلومات قيمة الى مكتبة سفر نضال الحزب الشيوعي العراقي، وتوثيقاً تاريخيا لنضال أبناء مدينة اجتمعت فيها كل معاني التضحية والتأريخ المشرّف.