مدارات

أوراق من الذاكرة

تأليف د. خيال الجواهري
استعراض شميران مروكل
أوراق من الذاكرة تهديها الدكتورة خيال الجواهري إلى الأصوات الهادرة في ساحة التحرير ببغداد وفي المحافظات، خبز.. حرية.. دولة مدنية.. عدالة اجتماعية عبر إصدار جديد لمطبعة دار الرواد المزدهرة. كتاب صدر في 159 صفحة من الطبع المتوسط مع مجموعة رسائل وكتب رسمية وصور توثق النشاط الثقافي والسياسي والاجتماعي للكاتبة لما بعد 2003 لغاية منتصف 2007..
في المقدمة ألقت الضوء على نشاطها خلال وجودها في المجلس الوطني العراقي المؤقت حيث أتيحت لها الفرصة للاطلاع عن كثب عما يجري تحت قبة البرلمان من نقاشات وحوارات ووجهات نظر متنوعة، حيث عملت على توثيقها لتكون جزءاً من مطبوع ينشر اليوم ليكون شاهدا على تجربة ومرحلة تنطوي على الكثير من الأهمية كوثيقة للدارسين والمتتبعين لأحداث تلك الأيام.
تستذكر مطلع نيسان 2003 والتطلع الى أن يتم التغيير على أيدي أبناء الشعب العراقي الذين عانوا الكثير من السلطات البوليسية والأجهزة القمعية بعيدا عن الاحتلال والإذلال. والفرح بسقوط التمثال ورغبة من غادر مرغما الى العودة الى الوطن رغم ضبابية الأجواء والفوضى المتمثلة بنهب ممتلكات الدولة أمام أنظار سلطات الاحتلال التي غضت النظر عما يجري باستثناء وزارة النفط وترتيبها اوراق تشكيل الحكومة الجديدة .
في تموز من نفس العام بعد تصفية القضايا المتعلقة بالعمل والسكن وبعد اقامة في دمشق استمرت لأكثر من عقد ونصف شدت الرحال مع زوجها الاستاذ صباح المندلاوي الى بغداد وقد غمرتها السعادة لمعانقتها سمائها مسترجعة شريطا طويلا من الذكريات. وتزامن رجوعها مع انطلاق التظاهرة الكبيرة في مناسبة الذكرى السنوية لثورة الرابع عشر من تموز التي نظمها الحزب الشيوعي العراقي وكانت من اوائل من توافد الى ساحة الفردوس منطلقة الى ساحة التحرير.
وتواصل سرد الأحداث، في الاسبوع الاخير من شهر تموز دعيت لحضور مهرجان الجواهري الأول الذي اقيم تحت شعار (شعر الجواهري.. عائدا الى الوطن). وتقول : ايفاءّ لبعض التزاماتي المتعلقة بوظيفتي في جامعة دمشق عدت لفترة الى دمشق وكانت ايضا فرصة مناسبة لطبع كتابي (موجز تاريخ الكتب) واعادة طبع كتابي المعنون (الجواهري.. سيمفونية الرحيل) من قبل وزارة الثقافة السورية.
مع نهاية 2003 ومطلع العام الجديد احتفلت الكاتبة برأس السنة الجديدة على الحدود السورية قادمة من جديد الى الوطن لتعمل بدرجة خبير في دار الكتب والوثائق في وزارة الثقافة وتمارس اختصاصها في علم المكتبات.
خلال هذه الفترة تم قبولها في اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين كعضوة لكونها اصدرت اكثر من 12 كتاباً. كما تستعرض ذكرياتها كناشطة في مجال حقوق المرأة من خلال عملها في رابطة المرأة العراقية وكسكرتيرة فرع الرابطة في سوريا حيث كانت فرصة للعمل القيادي واكتساب التجربة والخبرة ومد جسور العمل مع المنظمات العربية والعالمية.
واحتوت مذكراتها ايضا مشاركاتها في مهرجان المربد الشعري الذي يقام دوريا في البصرة -ثغر العراق الباسم.
تتوالى الاحداث وتصل في مذكراتها الى القسم الثالث وحيث قانون ادارة الدولة العراقية الذي ينص على تشكيل واختيار المجلس الوطني المؤقت بواسطة مؤتمر وطني يعقد في بغداد خلال شهر تموز 2004... ويتكون المجلس الوطني من (100) عضو وكانت الدكتورة ضمنهم حيث انعقد المؤتمر الوطني من 15ـ 18 / 2004 وذلك تلبية لتطلعات شعب العراق وكانت لها أول مداخلة ضمن لجنة حقوق الإنسان مؤكدة فيها على المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقهم لإنجاح هذه التجربة وليكونوا مثالا ساطعا على طريق البناء الديمقراطي والمستقبل الأفضل ومثالا يقتدي به الآخرين. وكان من ضمن المقترحات التي قدمتها ضمان حقوق المرأة والطفل من خلال تطبيق الاتفاقات الدولية والاهتمام في مجال التعليم والصحة والقوانين وتوفير الأمان والاستقرار وضمان الحقوق المعيشية من خدمات وتقاعد ومكافحة الأمية وإصدار قانون الأحوال الشخصية وبناء المؤسسات الثقافية والترفيهية واعادة بناء ما دمر منها.
عقدت تحت قبة البرلمان ( 12 ) جلسة في شهر ايلول من عام 2004 نوقشت فيها المواضيع الساخنة وقدمت التقارير من قبل أعضاء اللجان الـ (13) التي شكلت واختيرت الدكتورة نائبة لرئيس لجنة الأعمار والتنمية.
ثم تناولت الكاتبة تفاصيل مشاركتها في الدورة التاسعة التي اقامتها مؤسسة عبد العزيز البابطين للابداع الشعري التي اقيمت في مدينة قرطبة الاسبانية للفترة من 4ـ8 تشرين الاول /2004، وشاركت بكلمة اشارت فيها الى اهمية بناء المكتبات التي هي مرآة المجتمعات وتعكس حضاراتها، كمكتبة قرطبة والزهراء بعد مكتبات بغداد والموصل والبصرة التي اتسمت بالتنظيم والإدارة والفهرسة. وتواصل الكاتبة استعراض الاحداث لتصل الى جلسة المجلس يوم الاثنين 18/10/2004 حيث تسلمت فيه بيان ميثاق الشرف الذي وقعت عليه باسم رابطة المرأة العراقية مع 48 حزبا واتحادا وجمعية ومنظمات مجتمع مدني وكان البيان قد اشار في مقدمته الى خطورة الأوضاع الأمنية والمحاولات المستمرة لزعزعة الاستقرار من قبل اعداء العراق من خلال اثارة النعرات الطائفية وتخريب النسيج الاجتماعي المتنوع داعين فيه الى اتفاق شامل بين القوى والاحزاب والتيارات الاسلامية والقومية والديمقراطية العراقية للاجتماع والتشاور والتنسيق واتخاذ الخطوات اللازمة لتوحيد المواقف واستنكار وإدانة الجرائم كافة التي ترتكب ضد شعبنا ودعا الميثاق الى تشكيل محاكم جنائية سريعة للنظر في الجرائم وتسريع محاكمة الطاغية ومعالجة ظاهرة الفساد والاسراع في اعادة بناء اجهزة الدولة وصيانة حرمة المراسم الدينية واحترام مقرات الاحزاب والمطالبة باطلاق سراح المعتقلين الابرياء ودعوة القوى الوطنية والعشائر للتعاون والتنسيق لحماية مناطقهم. وتستذكر بألم وحزن عميق كيف تلقت خبر استشهاد الرفيق والنائب وضاح حسن عبد الامير (سعدون) صبيحة الرابع عشر من تشرين الثاني عام 2004 وكان صاحب مشروع اعادة المفصولين السياسيين وسبق ان قدم الطلب باليد الى السيد رئيس المجلس د. فؤاد معصوم وقد سلم نسخة منه الى الكاتبة ومؤرخ بتاريخ 15/9/200.
وفي مذكراتها اشارة الى الراي السديد للرفيق حميد مجيد موسى في ما يخص المصالحة الوطنية مؤكدا في مداخلاته على التباين الموجود في فهم المصالحة الوطنية، المصالحة نقصد بها انهاء حال معينة في بلد ما، وهي مطلوبة لتجاوز المشاكل التي نعاني منها بيد ان من تلطخت ايديهم بدماء ابناء الشعب ممن كانوا في سدة الحكم على مدى عقود لا يمكن التعامل معهم مثلما نتعامل مع من كان خائفا ومغررا به... لتصل في سردها الى صباح الثلاثاء 30/ 11/ 2004 حيث البرنامج الحافل بالمواضيع المتنوعة، مناقشة القضايا الساخنة وصولا الى استضافة وزير الخارجية هوشيار زيباري ووزير الكهرباء ايهم السامرائي آنذاك.
الاجتماع الثامن والعشرون عقد بتاريخ 7/12/2004 وخصص لمناقشة موضوع الانتخابات الي ترددت اشاعات حول تأجيلها لعدم توفر الظروف الموضوعية والذاتية لعقدها.
وبفخر تستذكر العشرين من كانون الاول عام 2004 لتميزه في حياتها حيث بعد انتهاء جلسات المجلس حضرت مع رفيقها النائب صبحي مبارك مال الله ملبية دعوة للمشاركة في الكونفرنس السادس للحزب الشيوعي العراقي. لكونه عقد على ارض الوطن وفي العاصمة بغداد وفي ظل ظروف صعبة ومعقدة تستلزم الكثير من توافق قوى اليسار ليلعبوا دورهم في الساحة السياسية.
ومن ضمن مفارقات المجلس اشارت الى وجود عضو في المجلس من دون اكتساب الشرعية كونها كانت عضو شعبة او فرقة في حزب البعث وهي ابتسام كوركيس قد اخفت هده المعلومة عندما رشحت لعضوية المجلس وقد كشف السر الدكتور فؤاد معصوم في سؤال وجهه الى المفوضية العليا للانتخابات حول حيثيات قبولها واحيلت اوراقها الى الهيأة العليا لاجتثاث البعث والغيت عضويتها.
جلسة 2/ 1/ 2005 عقدت في كوردستان وافتتح الجلسة الدكتور فؤاد معصوم الذي قال : ان هذه الجلسة ذات طعم خاص وذلك لانعقاد المجلس الوطني للمرة الاولى في اقليم كردستان وهذا بحد ذاته مؤشر ايجابي ومفرح على تطور العملية السياسية وتعميق الديمقراطية.
عادت الدكتورة خيال الجواهري من جديد بعد انتهاء فترة المجلس الى عملها كخبيرة في وزارة الثقافة (الهيئة العامة للاثار والتراث) في مكتبة المتحف الوطني لتشرف من جديد على الاقسام لاعتماد اليات عمل جديدة تنطلق من تصنيف (ديوي العشري) في مجال الفهرسة والتصنيف واعداد فهارس جديدة وادخال المعلومات للحاسوب. مشيرة الى الكنوز الثمينة والنفيسة المتجلية في قسم المخطوطات القديمة والكتابات المزمارية.
تعرج في مذكراتها الى مؤتمر المثقفين العراقيين في اوائل نيسان 2005 الذي عقد في قاعة المسرح الوطني ومن ثم تذكر استضافتها من قبل منتدى نازك الملائكة في الاتحا العام للادباء والكتاب لإلقاء محاضرة عن تاريخ الكتب والمكتبات في الوطن العربي. وشاركت في ملتقى المرأة في الشرق الاوسط ممثلة لرابطة المرأة العراقية في عمان. وصدرت عن المؤتمر الذي كانت قد شاركت فيه ايضا الراحلة زكية خليفة ممثلة عن جمعية نهضة المرأة العراقية، بطاقة تقدير للنساء العراقيات.
كما حضرت ايضا ممثلة عن رابطة المرأة العراقية المؤتمر الرابع عشر الذي عقد في فنزويلا في تاريخ التاسع من نيسان 2007 في مسرح تيريزا احد اهم المسارح في كاراكاس. .
في صباح الأربعاء 2/تموز 2007 وتحت شعار (ثقافة عراقية مبدعة.. طريقنا لبناء العراق الجديد) حضرت الى جانب جمهرة من الأدباء والمثقفين العراقيين الى مهرجان الجواهري، وافتتح المهرجان الشاعر ابراهيم الخياط بابيات من شعر الجواهري، وتقول:
سلام على هضبات العراق
وشطيه والجرف والمنحنى