مدارات

إرفعوا رايات الحسين* / مفيد الجزائري

عندما رفع الامام الحسين بيرق الثورة ، واشهر السيف في وجه الحاكم المستبد الجائر ، كانت غايته انسانية عميقة ، تتمثل في اصلاح احوال المجتمع والناس ، التي تدنت بسبب ظلم الحاكم وفساده وإفساده ، وفي تحقيق العدالة وترسيخ مثل الحرية والكرامة.
والحسين انما جسد بذلك الحقيقة الساطعة للثوار العظام وقادة الثورات على مر التاريخ. وها هو سفر التراث الانساني المديد والحافل ، يفخر بمأثرة الحسين المجاهد بالقول والفعل لاسقاط راية الباطل الجائر المتجبر ، الحسين الذي احال دمه المسفوح ظلما .. نارا تطوق الطغاة وتؤرَق المستبدين في كل عصر ودهر ، واطلق باستشهاده دعوة متجددة تستنهض المظلومين والفقراء والمسحوقين وتحضّهم على مقارعة العسف والطغيان ، والتمسك بقيم العدالة والكرامة الانسانية.
نعم ، ليست مأثرة الامام الحسين ، ولم تكن شأنا كربلائيا محليا محدودا ، ولا عربيا اسلاميا مجردا. انها امثولة انسانية ، ذات بعد عالمي. وعلى امتداد العالم وعبر الاجيال ، وجد المناضلون من اجل الحرية والعدالة في اخلاقيات الحسين ومبدئيته ونكرانه الذات ، وفي رفضه المغانم والاغراءات ، وتحديه الترهيب وتفضيله الموت على الهوان .. وجدوا في ذلك وغيره من خصال الحسين الانسانية الاصيلة ، نموذجا يحتذى ، ومحفزا لاندفاعهم على طريق التحرر والحرية لشعوبهم ، والدفاع عن حقوق الفقراء ، ونصرة الحق والعدل في كل حين وكل رقعة. ولم تكن هذه الاخلاق والصفات الرفيعة ، الا ثمرة مدرسة ونهج ثابتين في حب الانسان واحترامه ، ومعارضة الظلم واغتصاب الحقوق ، وفي رفض الانانية والجشع والفساد الاخلاقي والسياسي ، وشجب التلاعب بالقيم الدينية السامية او توظيفها لخدمة الحاكم المستبد الجائر ، والوقوف ضد نهب ثروات الشعب وممتلكاته ، واستغلال الكادحين والاعتداء على حقوقهم. لقد كانت جريمة عظمى ، تلك التي اقترفها الجلادون في حق الحسين واهله وصحبه الاوفياء .. جريمة ظل جبين البشرية يندى لها على مر القرون. وفي المقابل بقيت مأثرة الحسين في مواجهة الجلادين ، معينا ثرّا لكل المناضلين الساعين الى صلاح المجتمع وخير الانسان ، يستلهمون امثولته في الجرأة والشجاعة والصمود في وجه المكاره ، وفي مقارعة الظلم والظالمين ، والاستبداد والمستبدين ، وكل اعداء الانسان والانسانية.
واعتبارا بدروس مأثرة الحسين الشهيد نصرح بملء الفم:
كونوا مع الناس ومطالبهم ، تكونون مع الحسين..
انصروا الفقراء والمحرومين ، تنصرون الحسين..
قفوا مع المظلومين المهضومين ، المهانين في عيشهم والمستباحين في حقوقهم ، تقفون مع الحسين..
امّنوا العمل للعاطلين ، والمستشفى للمعلولين ، والمدرسة للجاهلين ، تنالون رضا الحسين..
ارفعوا رايات الحرب على الفساد والمفسدين ، وعلى سارقي قوت الشعب وناهبي ثروات البلاد ، ترفعون رايات الحسين.
حاربوا رذائل الكذب والنفاق والطمع ، والاحتيال والتزوير ، والكيد والغدر ، والتعصب الطائفي والقومي، تصونون ذكرى الحسين.
لاحقوا الارهابيين وسافحي دماء الابرياء ، وحلفاءهم من رؤوس الجريمة والفساد ، واقطعوا دابرهم ، تعظمون مأثرة الحسين.
«مقتطفات»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
* القيت في " المؤتمر السنوي الثالث للثورة الحسينية" الذي عقد في بغداد (كانون الثاني 2010) والذي نظمه مكتب الشهيد الصدر.