المنبرالحر

المكتبة العامة في الشطرة/ رحمن خضير عباس

كان خبرا مؤلما لآبناء الشطرة ، حينما علموا بأنَ ثمة محاولات من قبل المجلس البلدي للمدينة ، بتحويل المكتبة العامة الى مركز صحي ! والسؤال الذي يراود جميع من صُدم بهذا الطلب : ألَمْ يجدوا مكانا غير المكتبة لتحويلها الى مستشفى ؟ ومع حاجة المدينة الماسة الى مركز صحي ، يمكن تشيده بمواصفات تليق باهلنا المحرومين من المراكز الصحية والمشافي ذات المواصفات الإنسانية ، ولكن ليس على حساب مشفى النفوس والعقول حسب التوصيف الألماني الشهير " المكتبة مستشفى النفوس " . نحن نطمح من المجلس البلدي أن يدرك اهمية بناء العقل ، واهمية مفهوم الكتاب ، وليتأملوا معنى الآية الكريمة ( إقرأ بإسم ربك الذي خلق ) ، وليتدبروا ما قاله متنبي الشعر " وخير جليس في الأنام كتاب"
لقد كان لنا والكتاب تأريخ مجيد ففي مدينة لكش الغير بعيدة عن الشطرة ومجلسها البلدي ، عُثر على ثلاثين ألفا من الألواح الطينية المكتوبة أو ما يسمى ( بمكتبة تلو) كما أثبتت الحفريات أن اولى المكتبات التي ظهرت في تأريخ البشرية كان لبلاد ما بين النهرين حصة كبيرة ، حتى أنّ السومريين أطلقوا على مكتبتهم إسم ( إنعاش الروح ) . ألا يستحق أبناء الشطرة أن تنعش ارواحهم بمكتبة ، يقرأون فيها ويدرسون ما شاء لهم ويقيمون المنتديات الأدبية والفنية ؟
قيل لأرسطو ( كيف تحكم على إنسان؟ فأجاب، أسأله كم كتابا يقرأ ، وماذا يقرأ ) فالقراءة هي مصل النجاة من الجهل ، وهي التي تفتح لنا ولأجيالنا القادمة نوافذ للتقدم والرقي . لقد ادركت المجتمعات في مشارق الأرض ومغاربها أهمية المكتبة في البناء لذا فهم يفتخرون بإنجازاتهم في هذا المضمار ، ومكتبة الكونكرس في واشنطن تحوي على ثلاثين مليونا من الكتب في جميع اللغات اضافة الى المخطوطات والوثائق. وهي صرح ثقافي يفتخر به الأمريكان وحينما تعرضت للتخريب من قبل الغزاة البريطانيين ، اعاد بناءها الرئيس الأمريكي جيفرسون ، وكأنه اعاد لبلده روحها . وفي فيينا توجد مكتبة هي اقرب الى المتحف لما تضم من الأبداع في مجال الفن الكلاسيكي ، رسما ونحتا .وكل العالم قديمه وحديثه من يفخر بمكتباته وفي المغرب الأقصى يسمونها خزانة . وأقدم مكتبة عامة كانت في بغداد ايام الرشيد وكانت تسمى ( بيت الحكمة ) . ونحن هنا في كندا تقدم لنا الخدمات المكتبية بشكل مجاني ، وتكون المكتبة ضمن مجمع متكامل يضم المسابح وملاعب الهوكي والجم ومختلف انواع الملاعب ، ليبدو للمواطن هذا الهرموني الرائع مابين تربية الأجساد بواسطة الرياضة وتحقيق تربية العقول بواسطة القراءة ، وليتحقق القول القديم الذي نسمع به فقط : ( العقل السليم في الجسم السليم ) ، وبالمناسبة فان كندا تخصص اموالا هائلة للتربية البدنية والعقلية ، لأنها ترى أنّ هذه التخصيصات ستقلص وتقلل من نسبة الأمراض وتفشيها ، باعتبار (انّ الوقاية خير من العلاج ) وانا متأكد بان مكتبة الشطرة ستكون صمام أمان وقائي ضد كل انواع الأمراض الأجتماعية التي يتعرض لها الشباب .لكي لاينجرفوا في التطرف والإدمان والفراغ .
إن موضوع المكتبة يعني اهالي الشطرة ومثقفيهم ، وينبغي أنْ يقفوا موقفا موحدا للمحافظة على صرحهم الثقافي هذا ، والموضوع ليس مجرد دعاية ضد المجلس البلدي في الشطرة ، وهو مجلس يضم الكثير من الحريصين على مدينتهم ، والموضوع تم طرحه في مواقع التواصل الأجتماعي ( الفيس بك) وقد ذكر الأديب المبدع نعيم ال مسافر في معرض إجابته عمن دافع عن المجلس البلدي مانصه ( الخبر نقلا عن سيد شهيد الغالبي والورقة التي قدمها بخط يده مشكورا ، علما انه عضو اللجنة الثقافية في مجلس محافظة ذي قار وهذه القضية من صلب عمله لكن أعيته الوسيلة بعد مطالبات ومناشدات كبرى قام بها ، فلجأ الى الجماهير ، والقضية تخص جميع أهل الشطرة ) .
لذا ينبغي من أهلنا في الشطرة أن يدافعوا عن صرحهم الثقافي بالطرق القانونية ، لأن الموضوع يعنيهم قبل غيرهم ، فالمجلس البلدي راحل بعد إتمام دورته ، اما الشطرة فهي غير راحلة .