المنبرالحر

تقنين البيدوفيليا عراقيا!/ احسان جواد كاظم

افظع ما يمكن ان يقوم به انسان هو جعل سلوك لا انساني بحجة تطمين رغبة الاكثرية وتبعاً لعادات لا تنتمى لعصرنا, قانوناً, وهذا الامر ينطبق كلياً على قانون الاحوال الشخصية الجعفري الذي اقترحه السيد وزير العدل حسن الشمري عن حزب الفضيلة الاسلامي والذي لاقى رفضاً واسعاً لعدم ارتقاءه الى مستوى الوعي الاجتماعي والحضاري لشعبنا لابل ووجه بالتجاهل العلني من قبل المرجعية الشيعية العليا واحزاب اسلامية اخرى, اضافة الى تقاطعه مع الشرائع الانسانية الدولية وقوانين المجتمع الدولي التي وقع عليها العراق وتناقضه مع بنود اساسية في الدستور العراقي المتعلقة بحقوق الانسان والمرأة والطفولة. لذا فان اقرار قانون نكاح القاصرات يدرج ضمن جريمة البيدوفيليا التي تجرّمها القوانين الدولية والتي تعتبرها انحرافاً جنسياً واستهانة بحياة وكرامة الاطفال والفتيات منهم بشكل خاص.
ان استدعاء عادات اجتماعية وتقاليد تعود في جذورها الى ما قبل ظهور الاسلام في الجزيرة العربية أملتها ظروف حياتية واجتماعية خاصة بتلك العصور الغابرة ثم اعتبارها قانوناً أساسياً من صلب الدين, لا تستقيم بدونه الشريعة وقيم الإسلام وطقس عبادي لا يمكن الاستغناء عنه, لتطبيقه على ظروف القرن الواحد والعشرين, لهو إفتئات على الدين الاسلامي ونبيه. ولا يمكن اعتبار الاصرار على انفاذ تشريع قانون نكاح القاصرات الا استعادة لعادة وأد البنات التي كانت سائدة لدى قبائل العرب, الذي حرمه الاسلام ليطبق الآن , لكن بعد بلوغها حدود التاسعة من العمر.
ومن الامثلة المجحفة التي تضمنها هذا القانون المقترح, أشار العديد من المحللين المختصين, الى ان الاساس الذي اشترطه القانون لمسؤولية الزوج في النفقة على زوجته هو امكانية تمتعه الجنسي بها وهو ما لا يشمل الزوجة الناشزة والكبيرة عمراً والطفلة التي لم تصل عمر التمتع بها, وهو بذلك يربط مصير الزوجة برغبات الزوج الجنسية واخضاعها لمزاجيته بشكل مطلق ولا يعير بالاً لظروفها وحاجاتها ومشاعرها كأنسانة ولا يقدم لها اي بدائل تحفظ بها كرامتها وحقوقها . ولابد من الاشارة الى ان الكثير من النساء البالغات عاجزات عن مواجهة عنت الزوج والحيف الاجتماعي ونيل حقوقهن فكيف بالطفلة البريئة مواجهة زوجها مغتصبها في ظل تخلي والديها والمجتمع عن حمايتها من شروره.
وكانت احدى النسوة المؤيدات لتشريع هذا القانون قد أشارت الى ان " القانون اعطاها الحق ان تكون بالغة في التسع بدل 18 سنة " للزواج. لا يمكن لأي قانون ان يعطي الحق او يحجبه في مسألة بلوغ كائن ما, فالمسألة لا تتعلق بالحقوق والواجبات وانما هي عملية بيولوجية مركبة تختلف من شخص لآخر, اضافة الى وجود شروط للبلوغ لا تقتصر على شكل جسد الفتاة والاستحاضة فقط, كما يظن المؤيدون لقانون الوزير الشمري, بل ان النضوج البيولوجي والذهني والموافقة الواعية ثم الاستعداد النفسي لتحمل مسؤولية اسرة كلها عوامل مهمة لضمان نجاح الزواج.
كما ان الموافقة على تمرير هذا القانون يسلب الفتيات القاصرات حقاً اساسياً أقره الدستور لكل مواطن عراقي, هو حق التعليم والذي هو من متطلبات عصر النور والتكنولوجيا الذي نعيشه, والذي لا يمكن بدونه تأسيس لبنة عائلة مستقرة قادرة على تربية جيل سوي, وهو الامر الذي اهمله مدونو هذا القانون كلياً, لكونهم مجترّين أصلاء لطريقة التفكير التي سادت القرن الهجري الاول.

المتمسكون بإقرار قانون نكاح القاصرات, والذي يعدّونه عمداً من اعمدة الدين والمذهب ودونه الموت الزؤام ورفضه كفر وألحاد, يتغافلون عن ان آيات قرآنية جرى نسخها اما بإرادة الهية او ارادة خليفة او حاكم وجرى تعطيل احكام فقهية برغبات هذا الفقيه او ذاك, كما جرى بسبب تجريم قانون أممي لنظام الرق والمتاجرة بالبشر الى غلق باب واسع في الفقه الاسلامي هو باب أحكام العبيد والإماء والذي خضعت له الدول الاسلامية صاغرة . فلماذا كل هذه الضجة اذن ضد مطالبات الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق نيكولاي ملادينوف ومنظمات انسانية وحقوقية عالمية رصينة في سحب القانون ؟
اذا كان حزب السيد وزير العدل حسن الشمري يرى في اقرار هذا القانون حقاً للطائفة ( اذا كان يمكن تسمية نكاح القاصرات حقاً (
فأن هذا الحق اصبح في عصرنا الحالي جريمة, تسمى البيدوفيليا الاستغلال الجنسي للأطفال, ويفرض ميثاق الامم المتحدة التزام دولها الأعضاء بقوانينها التي صادقت عليها دول العالم وشعوبها والا تعرض خارقيها لعقوبات موجعة .
" العدل اساس الملك " كما قيل ولابد لكل انسان سوي ان يناضل من اجل احقاق قيم العدالة لاسيما المسؤول المكلف, مبتدئا من اصغر أفراد المجتمع واضعفهم واكثرهم حاجة قبل ان يبحث عن انصاف كتل ومجموعات اجتماعية, وهو ما لم يسعى اليه حكامنا الحاليون, كما انه لابد ان يكون محور عمل مؤسسات الدولة ودائرة وزير العدل بالذات هو اقتراح و سن القوانين التي تكفل المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات وخضوع جميع المواطنين لقانون عادل موحد والسعي بأستمرار الى تدقيق القوانين وتنقيحها لما يوسع دائرة الحقوق والحريات لهم وخلق اكثر الظروف الانسانية ملائمة لعملهم وابداعهم ورفاههم .
ان ضمان حق الأطفال بالتمتع بطفولة آمنة مترعة بالفرح هي اساس ومعيار عدالة كل عقيدة ودين ونظام, وخلاف ذلك يجب ان يوصم صاحبها بالإجرام ويقدم لينال جزاءه في العداء لأجمل البشر وانقاهم.

وصن ضحكة الطفل انها........ اذا غردت في موحش البر أعشبا !