المنبرالحر

الحكومة القادمة ورحلة اربيل/ احمد عواد الخزاعي

ولدت حكومة انتخابات 2010 بعد مخاض طويل دام لاشهر عدة من الحوارات والمساومات السياسية التي غلبت عليها المصالح الفئوية بعيدا عن مصلحة المواطن الذي اوجد هذه الحكومة ..وبين مد وجزر وصراع خفي ومعلن على تقاسم الكعكة قرر الجميع الذهاب نحو شمال الوطن والاحتكام عند اربيل وكان الاحرى بهم الذهاب الى الجنوب والجلوس في احدى مدنه الفقيرة بالقرب من ابار النفط مصدر الثروة والاختلاف ..ذهب الجميع اجتمع الجميع اتفق الجميع على وثيقة يجهلها الجميع وهي (وثيقة أربيل )..لتنتج حكومة الشراكة الجميع مشترك بها والجميع يقول عنها انها فاشلة.. ومجلس للسياسات الستراتيجية نسوا ان يضعوا اللمسات الاخيرة لماهيته ودوره ومهامه فأنتهت صلاحية الحكومة ولم ير النور وظل مثار جدل ومدعاة للزعل بين الاطراف السياسية الى يومنا هذا ..وهذه انتخابات جديدة قد افرزت واقعا لا اظنه جديدا على المشهد السياسي العراقي فجمهور الناخبين رغم عدم رضاهم على الاداء السياسي لمعظم الكتل المتنافسة والمرشحين لكنهم صوتوا لهم مرة اخرى كما في الانتخابات السابقة والسبب هو التخندق الذي لازال يعانيه مجتمعنا العراقي الذي غيب الرؤية الواضحة له وجعله غير قادر على التمييز بشكل او باخر ويتعامل مع الانتخابات من مبدأ ( الشين لتعرفة احسن من الزين الي ماتعرفة ).. فصوت كل لطائفته وانتمائه القبلي ومصالحه الحزبية والشخصية وخلصنا الى مجلس نواب جديد ذي نسب متقاربة بالنسبة للكتل الكبيرة اذا ما استثنينا دولة القانون والتي ستحتاج احداها للاخرى كي تستطيع تشكيل الحكومة القادمة التي ستشكل هذه المرة على اساس المصالح الحزبية فقط ولاتكون الطائفة طرفا فيها فلن يكون هناك تحالف وطني شيعي جديد داخل مجلس النواب ولن تكون قائمة عراقية سنية فعامل التشظي اتضح جيدا في ملامح الحملة الانتخابية وماسبقها من حملات تشوية وتسقيط للاخر لحلفاء الامس القريب مما سيجعل الجميع يقفون في منتصف الطريق عدا الكرد فبالرغم من خلافاتهم الخفية والمعلنة ومشاكلهم الداخلية الا انهم سوف يتوحدون في قبة البرلمان لان مصالحهم القومية سوف تطغى على خلافاتهم الجزئية ..لذلك ستتجه الانظار الى شمالنا الحبيب مرة اخرى والى اربيل بالتحديد التي سيكون دورها اكثر تأثيرا من السابق وستكون حقاً بيضة القبان التي ستمنح رئاسة الوزراء على طبق من ذهب لمن يستطيع ارضاءها ثم ارضاء الاخرين..اي ارضاء الجميع دون استثناء وهذا سيولد حكومة شراكة جديدة يشترك الجميع بأمتيازاتها ويتنصل الجميع منها اذا ما فشلت ..اما اذا قرروا جميعا او البعض منهم عدم الذهاب مرة اخرى لاربيل فهذا يعني ان من الصعوبة جدا ولادة حكومة جديدة في العراق وسيدور الجميع في حلقة مفرغة ونفق لن نرى اثرا للضوء في نهايته وسيكون الخاسر الاول والوحيد هو المواطن المسكين ..ان العجالة التي كتب فيها الدستور والضبابية التي هيمنت على الكثير من فقراته والمعادلات الصعبة والتوافقية التي حددت صياغة تشكيل الحكومات في العراق بعد 2003 جعلت ولادة اي حكومة لا يتم الا عن مخاض صعب وطويل وتكون هذه الحكومة عاجزة ومشلولة منذ ولادتها لانها نتاج اتفاقات حزبية ضيقة وانية وستلعب المصالح الاقليمية والدولية دورا كبيرا في تشكيلها تبعا لمصالحها ..اذن نحن امام حالة اكثر تعقيدا واكثر تداخلا من التجارب الانتخابية السابقة وان عملية تشكيل الحكومة القادمة ستكون شبه مستحيله وفق المعطيات السياسية المتاحة الآن وهذا بدوره سيجعل العراق على مفترق طرق في ظل الظروف الامنية والاقتصادية التي يمر بها ..لذا على الجميع ادراك خطورة الموقف والنظر بعين المسؤلية لمصير العراق وأهله فالجميع بحاجة لهذا الوطن واذا حلت الكارثة لا سامح الله فلن تنفعنا كل العناوين دون عنوان العراق الكبير .