المنبرالحر

مسوّدة سوداء / قيس قاسم العجرش

مرّة ثانية أعاد مجلس الوزراء مسوّدة (مشروع) قانون حريّة التعبير الى البرلمان.لا أعرف هل ان التوقيت والإنشغال بالشأن الأمني له علاقة أم لا، هل هناك من اختار هذا التوقيت بعناية؟.. سؤال لا يغيب ابداً ويحتاج الى إجابة.
لكن اللافت للنظر أن المسوّدة هي ذاتها التي كان مجلس الوزراء السابق قد رفعها الى البرلمان، وجرى ردّها كونها تتعارض مع الدستور(نصّاً وليس روحاً فقط) وفيها ما يضيّق من حرية التعبير وحق التظاهر ويفرغ النص الدستوري من روحه ويحد من سقف الحريات التي ضمنها الدستور. نقول ضمنها ولم يمنحها لأن الدستور تعامل معها كأساس لا جدل فيه لدولة ديمقراطية.
صحيح أن القانون كلّه والقرار في معظمه هو الآن في يد مجلس النواب، وصحيح أنه يمكن لمجلس النواب أن يغيّر في نصوص المشروع قدر ما يريد وقدر ما تجتمع عليه إرادة الكتل النيابية، لكن إعادة نسخة مرفوضة بلا تغيير الى البرلمان هو أمرٌ محبط للغاية.
هذا يفتح الباب أمام التخمين بأن إرادةً بعينها داخل أروقة مجلس الوزراء، وداخل الأمانة العامة وبالأخص في الدوائر القانونية التي لا تتغير بطبيعة الحال بتغيّر الحكومة، إنما تهدف الى إشاعة عُصابية تدّعي الحرص على النظام العام من (خطر) سقف الحريات!
لهؤلاء نقول مذكرين، إن تظاهرات شباط 2011 مُنعت وقمعت تحت ستار الخطر الأمني، فيما نفذت جهات بعينها تظاهرات مُضادة مدفوعة ومحمولة بالعربات الحكومية لتواجه متظاهري المطالب الخدمية بالعصي والدرنفيسات! و لم يكن هناك من خطر أمني على المتظاهرين سوى هؤلاء الذين حملوا العصي، وانهالوا على الناس ضرباً تحت نصب الحرية.
إن كان الهدف هو تطويق حريّة التعبير الدستورية بالنصوص بدلأً من (متظاهري العنف)الذين قيل حينها انهم، عشائر فهي محاولة غير موفقة.
لقد أثبت رئيس الوزراء أنه يعمل بتناغم وتنسيق عالي المستوى مع البرلمان، وانه تمكن من نيل دعم البرلمان لحد الآن في قضايا مصيرية. لكن حرية التعبير وحق التظاهر السلمي قضية مصيرية أيضاً لا ينبغي التعرض لها بأي طريقة إلتفافية مهما كانت عناوين الحرص ومهما كان عليه الظرف الأمني.
البرلمان مدعو اليوم الى قراءة روح الدستور واستلهامها، بينما هو يعد ويصحح وينقح مسودة القانون الواردة من مجلس الوزراء. ذلك ان تظاهرات شباط 2011 لم تستأذن أحداً حينها واوصلت صوتها ضد الفساد والمحسوبية بما لم تتمكن عصي القمع من منعه.