المنبرالحر

فيديو غير مسيطر عليه / قيس قاسم العجرش

يمكن فرض قيود عملية وأخلاقية على ما تبثه القنوات الفضائية، يمكن منع بث صور التعذيب وصور القتل واللقطات التي تظهر فيها أشلاء بشرية حتى عن الأخبار..هذا ممكن في القنوات الفضائية والصحافة المطبوعة حصراً.
فرض هذه القيود سيكون مبرراً من الناحية الأخلاقية، لكنه يبقى غير قانوني ما لم يتم توصيفه بدقة في(نص) قانوني شامل لا يتم استخدامه لمآرب أخرى.
أما فرض القيود عبر الأنترنيت فسيكون مهمة أكثر صعوبة بكل تأكيد، بل تكاد تكون مستحيلة.
الحكومة السابقة كان اول ما فكرت به لمواجهة هجمة داعش في حزيران الماضي ألكترونياً هو تقييد وسائل التواصل الاجتماعي الالكتروني: منعت مواقع يوتيوب والفيسبوك وتويتر و الفايبر، وهي المواقع الأشهر في هذا الإستخدام. كما ابلغت شركات الهاتف النقال بتقييد خدمات الانترنيت عبر الهاتف أيضاً.
ثم عمدت الى تقنين حزمة المعلومات المتوافرة للخادم الألكتروني المفرد (السيرفر) فأصبح عسيراً تحميل مواد فلمية، كذلك وزادت من صعوبة رؤيتها.
ثم تراجعت عن هذا القرار دون أن تعطي تفسيرات للمنع أو للتراجع عن المنع، في سابقة تنم عن لا مسؤولية وقلة احترام تجاه الناس عامة، الذين يستخدمون هذه الوسائل للتواصل مع أقربائهم أو لقضاء مصالحهم.
من المفيد ان نعلم عبر تقديرات من داخل إحدى شركات الهاتف النقّال ان استخدام الخطوط الدولية قد تراجع بنسب عالية جداً بتوافر هذه الوسائل الأقل تكلفة امام الناس، اي بعبارة أخرى، لقد ظهر عنصر المصلحة في هذا الإجراء الحكومي.
لكن المُخجل إن الجهة الحكومية التي قررت المنع حينها كانت تظن انها أول حكومة في العالم تلجأ لهذا الأسلوب، ولم يعلم صاحب القرار ان برامج رخيصة للغاية إن لم تكن مجانية يمكن أن تضحك على قرار المنع وتلتف عليه وتعيد تشغيل كل المحظورات بسهولة. بل إنها توفرت عند باعة بطاقات شحن الرصيد لخطوط الهاتف، وهم يمنحونها لزبائنهم حـُبّاً وكرامة.
لكن، مالذي عرفناه من هذه التجربة؟
اكتشفنا أن لدى الجهاز الحكومي المعني، القدرة (بدليل تطبيقها) على غلق منافذ التواصل وشبكات الانترنيت وتقييد حرية الإتصال لحظة ما قرر أحدهم ذلك.
هذه القدرة المطلقة على المنع هي أمر خطير للغاية، لذلك فأن هذه الإمكانية المتاحة أمام الحكومة (سواء الحالية أم السابقة) لا يجب أن تكون متاحة بين يديها ما لم تقيّد بقانون.
كثير من الصلاحيات مع قليل من الإدراك مع غياب للنص القانوني المنظّم- إنما هو (سلاح) غير مسيطر عليه أشد فتكاً من (فيديو) غير مسيطر عليه.