المنبرالحر

التحول الى اقتصاد السوق / ابراهيم المشهداني

تضمن البرنامج الحكومي لعام 2014 التأكيد على التحول نحو اقتصاد السوق ، وهذه ليست المرة الاولى فقد سبقته كافة البرامج الحكومية منذ عام 2003 عملا بنصائح البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وكان هذا التحول هو القدر الحتمي والخيار المطلق للتخلص من الاقتصاد الاوامري الذي كان يعتمد التخطيط المركزي في زمن النظام السابق ، في محاولة للربط في منهجية واحدة بين التغيير السياسي والتغيير الاقتصادي في رسالة لمخاطبة الدوائر الغربية حول التوجه لبناء قاعدة لاقتصاد السوق يحاكي اقتصاديات الدول الغربية التي راكمت تجربة متدرجة مضى عليها عدة قرون .
وبالتأكيد كانت هذه المحاولات ترجمة لما كان يسمى مشروع اعادة الاعمار وضعته ادارة الاحتلال الامريكي ، ومن المنطقي ان يقترن هذا المشروع بإجراء تغيير هيكلي في الاقتصاد من خلال عملية خصخصة الشركات الحكومية وخصوصا شركات وزارة الصناعة انطلاقا من قناعات ايديولوجية مسبقة في اعتماد السوق محورا للنشاط الاقتصادي دون القيام بدراسات جدوى بهدف اعطاء الاولوية للقطاع الخاص واجتذاب الاستثمارات الاجنبية والشركات متعددة الجنسية ويومها كان الهدف الاساس وهو الحصول على دعم الدول والمؤسسات الدولية والاستسلام لشرط التخفيف من عبء المديونية الخارجية التي كانت في معظمها ديونا كريهة استخدمت لإغراض تثبيت سلطة الديكتاتور وتغطية لنفقات الحرب ضد دول الجوار ولم يستفد منها لإعادة بناء الاقتصاد العراقي الذي خربته الحرب او تقديم الخدمات للمواطنين .والسؤال الذي يطرح نفسه مالذي تحقق من برامج التحول الى اقتصاد السوق ؟وأي الطبقات والشرائح الاجتماعية خدم ؟ وما الذي تحقق للقطاع الخاص الذي يشكل عماد اقتصاد السوق ؟
فالقطاع الخاص لم يطرأ عليه اي تطور بل لا يزال يحبو والدليل وجود اكثر من 32 الف شركة متوقفة عن العمل او تعمل بأقل من ربع طاقتها الانتاجية ، برغم كل المناشدات من قبل الصناعيين وأصحاب الاراضي التي تحولت بسبب الاهمال الى ارض شديدة الملوحة غير صالحة للزراعة وعموم الشرائح الاجتماعية التي عقدت الامال على النظام الجديد في توفير الخدمات الصحية والتعليمية اللائقة ، وتعاظم السكن العشوائي وتحولت البطالة خاصة في اوساط الشباب الى ارقام تتعارض مع المعايير الدولية فيما ظهرت بسبب هذه السياسات طبقات اصحاب الرواتب والمخصصات الخيالية للبيروقراطية الحاكمة التي تسلطت بحكم نظام المحاصصة الطائفية الاثنية غير الدستوري وطبقة الكومبرادور العقارية والتجارية والطبقة الطفيلية من المقاولين والسماسرة .
ولكي لا تكون سياسة التحول الى اقتصاد السوق عبئا على الشرائح الفقيرة وما يترتب على ذلك من صراعات اجتماعية تتعارض مع مبدأ العدالة الاجتماعية يتعين على الحكومة ان تضمن خارطتها الاقتصادية ما يحول دون استمرارية ضنك العيش للطبقات الفقيرة والتفرج على تداعيات القطاع الخاص لابد ان تضع في سياساتها منظومة من الاجراءات ومن بينها :
- تعبئة الموارد المحلية والأجنبية لتمويل عملية تنموية مستدامة من خلال توفير بيئة استثمارية تتجاوز التحديات التي تواجه المستثمرين الوطنيين والأجانب وتعديل التشريعات المعرقلة لهذا التوجه .
- اشراك الطبقة العاملة في صياغة السياسات الاقتصادية والتعجيل في تشريع قانون العمل والضمان الاجتماعي وقانون العمل النقابي .
- الاهتمام الرشيد بتطوير الموارد البشرية وربط العملية التعليمية بعملية التنمية الاقتصادية والاهتمام بتأهيل العاطلين من خلال برامج علمية وتطبيقية .
- الاستخدام الرشيد للسياسة المالية والنقدية وضمان التنسيق الكفء بينهما بهدف تامين الاستقرار الاقتصادي وتحديث الانشطة الصناعية والزراعية والخدمية وإدخال اخر منجزات العلم والتكنولوجية.
- محاربة الفساد المالي والإداري من خلال تنشيط الاجهزة الرقابية وإشراك الجماهير الواسعة ووسائل الاعلام في عملية المراقبة وفضح الفاسدين وإنزال العقاب الصارم بحق من يتطاول على المال العام او يسبب ، بحكم وظيفته ، هدر المال العام .
- اعادة النظر بالنظام الضريبي وجعل الضريبة تصاعدية بما يعزز من مصادر تمويل الموازنات السنوية والحد من الضرائب غير المباشرة التي ترهق كاهل الطبقات المسحوقة .