المنبرالحر

ابو صميم.. ومكتبة «طريق الشعب» / ريسان الخزعلي

* في سبعينيات القرن الماضي، كانت مكتبة «طريق الشعب» الواقعة في بداية شارع السعدون، تمثل محطة ثقافية يقف عندها القراء الذين يبحثون عن كتابهم (الخاص)، الكتاب الذي لم تكن توفرّه المكتبات الأخرى. وقد كانت بمساحتها الممكنة يومذاك، تعرض، اضافة الى جريدتي «طريق الشعب» و»الفكر الجديد» ومجلة «الثقافة الجديدة»، الكتب المتنوعة على رفوفها وحسب التصنيفات: سياسية، اقتصادية، اجتماعية، أدبية، علمية.. الخ، ما يُسهل الوصول الى الكتاب المقصود بسرعة ودقة. كما كانت تعرض كتب الأدباء والمثقفين اليساريين التي يتم طبعها على نفقتهم الخاصة، اضافة الى اصدارات دار الرواد؛ وهكذا اصبحت مزاراً يومياً للمثقفين والقراء بصورة عامة.
* مكتبة «طريق الشعب» الان، حيث يديرها السيد (أبو صميم)، ورغم صغر المساحة وتواضع الأمكانيات المادية؛ تحاول ان تقوم بالدور ذاته، حيث يحصل القراء على جريدة «طريق الشعب»، ومجلة «الثقافة الجديدة» ومجلة «الشرارة» وبعض الاصدارات الثقافية المتنوعة، والرجل يقدم كل التسهيلات للزبائن، بدءاً من الاستقبال الحميمي بالمظهر الجميل والأبتسامة التي تقود الى المعنى، وضمان حصص المشتركين بالجريدة، وترويج كتب الأدباء العراقيين.. الى تسهيلات الدفع بالآجل؛ وبذلك أراه يقوم بدور ثقافي وتثقيفي لا يقل أهمية عن اي مركز ثقافي آخر مع فارق الامكانيات، كما تجدر الاشارة الى الرجل الطيب الهادئ (أبو عباس) الذي يساعده في العمل.
* في هذا العمود، اردت ان اشير الى (أبو صميم) في استهلال العام الجديد، كتحية ثقافية له كونه الجندي غير المجهول الذي يخدم الزبائن من رفاق واصدقاء، اضافة الى الخدمة الأكبر والتي هي أوضح من أن اشير اليها، متمنياً لهذه المكتبة ان تتطور وتتسع مساحتها كلما كان ذلك ممكناً؛ وان تكون مصدر تمويل ثقافي لمكتبات مشابهة لها يتم فتحها في المحافظات، كما أتمنى على الأدباء ممن يحصلون على حصتهم من كتبهم من الناشرين، ان يعرضوها في هذه المكتبة بسعر الكلفة وحسب التصريف كدعم بسيط لها، وان يتركوا له تقدير سعر البيع المناسب وبما يقوى عليه الزبائن، ويوفر فرصة لرواج كتبهم. وبهذا الخصوص، لي تجربة ناجحة مع السيد (أبو صميم)، أتمناها للآخرين أيضاً، حيث ساهم بترويج اكثر من (400) نسخة من اصداراتي بالطريقة التي اوضحتها. ومن جماليات التجربة معه، كلما تنفد الاصدارات يتصل هاتفياً لتأمين كميات اضافية، وبذلك يحقق علاقة ثقافية - جديرة بالأشارة والأشادة - بين المؤلف والمكتبة والقارئ؛ وأتمنى لهذه الظاهرة الثقافية ان تُدعم بكل ما نستطيع خدمة للثقافة وللهدف الذي قامت من أجله المكتبة.
وبالعراقي، همس لي أحد زبائن المكتبة، والحسچة واضحة في همسه:
«والله خوش مكتبة.. وآنه مطلوب إلهه إهواي.. يا ما مرّات ومرات آخذ جريدة «طريق الشعب» وأطلع.. مِنْ ماكو أحد كاعد بيهه..!!»