المنبرالحر

صديقنا البنك الدولي! / قيس قاسم العجرش

موازناتنا الحكومية السابقة كانت تتضمن بنداً دائماً يخول وزير المالية إستمرار الإقتراض من البنك الدولي لسد عجز الموازنة.
ولأن العجز لم يكتمل (إذ لا توجد حسابات ختامية تشرح تفصيلاته)، فلم يكتمل قرض صديقنا البنك الدولي.
موازنة هذا العام تتضمن كذلك بنداً يمكن اعتباره أفضل بقليل مما في السابق.
البند يخول وزير المالية (الإستمرار) بالإقتراض بما يكمل مبلغ 2 مليار دولار تخصص لتمويل اعمال طريق المرور السريع.
كما تتيح الموازنة الحالية إكمال عملية الإقتراض القديمة من صندوق النقد الدولي لإكمال مبلغ 4.5 مليار دولار دون اقتراض جديد.
ومعلوم ان واحدة من ركائز تمتين العُملة المحلية هي ألا نتورط بمزيد من الإقتراض الخارجي. فهذه الخصلة إن استمرت بالتسرب الى الإقتصاد الوطني فسنجد رائحة البنك الدولي في تفاصيل التفاصيل المتعلقة بحياتنا اليومية.
سيفرض البنك الدولي شروطه بخصوص الدعم وتوجهات صرف الحكومة، وهو امر ليس بالضرورة أن يكون توجهاً علمياً يستهدف تحقيق التنمية. لكن في بعض الأحيان يكون الأمر إيجابياً حين يتدخل البنك الدولي لتشجيع الحكومات المقترضة على ترشيد الانفاق.
لكن الأفضل أن يتحرك العراق من تلقاء نفسه بلا دافع خارجي ليواكب الإشتراطات العالمية للاسواق المفتوحة، ومنها رفع الدعم عن الفئات التي ليست بحاجة للدعم.
ليس هذا فحسب، بل ان يتم استهداف الإنفاق الحكومي بالصميم وترشيقه والبحث في تفصيلاته وفي ثقوب الهدر التي تأكله من كل ناحية.
في رأيي انه لن يكون لإيقاف الصرف على المشاريع اثر سلبي كبير على الناس وعلى معيشتهم، فهي مشاريع متلكئة تحيطها شبهات الفساد من كل ناحية.
جهتان فقط يمكنهما أن يقدما يد العون في هذا المجال، الصحافة ومجلس النواب.
إبحثوا في إيفادات المسؤولين، في تفاصيل انفاقهم ، ابحثوا في الدرجات الوظيفية العليا التي كانت تتكاثر مثل الفايروسات (الآن منعتها الموازنة الجديدة)، دققوا واكشفوا تفاصيل كل منصب جديد يستحدث لمسؤول عراقي في احدى وزارات الحكومة، ستجدونه مترافقا مع اثاث وسيارات وحمايات وأحياناً بناية مفردة تخصص للمسؤول الجديد الذي يجلب الدب من ذيله.
ربما تكون الازمة الإقتصادية هي السبب في صحوة ضمير الدولة، فهي مراجعة ذاتية قسرية يفرضها سعر برميل النفط الخام المنخفض.
ربما تكون قصتنا مع البنك الدولي قد تحققت بلا تدخل منه.
ربما يقل عدد الفاسدين وتقل قدرته على الشفط، مع ضيق ذات اليد الذي تمر به الحكومة الآن.
لكن.. لا يمكن الا القول إن واجبي الكشف والرقابة هما من صميم واجبات البرلمان والصحافة.. هنا كلمة (ربما) لا مجال لها.