المنبرالحر

حلول فنتازية / قاسم السنجري

في بداية الأزمة المالية التي دخل العراق في محورها، قالت الحكومة أن اهم اسباب هذه الأزمة هو انخفاض اسعار النفط العالمية. وبما أن العراق يعتمد على واردات النفط كمصدر أساس، رأت الحكومة أن العلاج لهذه الأزمة والخروج منها يتم من خلال التقشف في المصاريف الحكومية العالية، وفرض الضرائب على السلع المستوردة وعلى بعض الخدمات كالاتصالات والانترنت وغيرها. ولكن بعد إقرار قانون الموازنة والتعافي النسبي لأسعار النفط، ما زالت الحكومة تشتكي من الأزمة المالية وسطوتها على كل قطاعات الدولة، بل واخذت بالتفكير بحلول مبتكرة وغريبة على الشارع العراقي. فبعد تسريب وثيقة رسمية تذكر أن الحكومة ستلجأ إلى توزيع رواتب موظفي الدولة كل اربعين يوماً بدلاً من التوزيع الشهري المعتاد، سرعان ما تراجعت عن ذلك بعد تخبط واضح بالتصريحات بين النفي والتأكيد، وصولاً إلى الاقرار بوجود توجه كهذا إلا أنه سينفذ عند الضرورة بحسب متحدث باسم رئيس الحكومة حيدر العبادي.
ولم تمض أيام قليلة على مشروع تحويل الشهر العراقي إلى اربعين يوماً بدلاً عن ثلاثين، حتى ظهرت وثيقة جديدة تحمل مقترحات ثلاثة وجهتها أمانة مجلس الوزراء لتشمل جميع موظفي الدولة بالادخار الإجباري بمن فيهم الذين يتقاضون رواتب تصل إلى ٥٠٠ ألف دينار، دون أي مراعاة لهذه الشريحة التي تتقاضى رواتباً بهذا القدر، والتي تعد من الطبقات متوسطة الدخل حيث يعلم الجميع أن هذا المبلغ قد لا يسد متطلبات الموظف البسيط، أو أنه قد برمج حياته المعيشية وفق هذا المبلغ وأن أي نقصان فيه قد يجعله يضطر إلى الاستدانة وبالشكل الذي يربك حياته.
أن الحكومة تحاول أن تمارس المخاتلة مع موظفيها، فهي تأخذ هؤلاء على حين غرّة وتصدمهم بإجراءاتها التي تمثل القمة في الممارسات الرأسمالية التي لا تراعي أي جانب إنساني، وتشكل انصياعاً كاملاً لتوجيهات البنك الدولي الذي يصر على رفع الدعم الحكومي عن كل تفاصيل الحياة في العراق.
الحكومة تغض الطرف عن الاسباب الحقيقية للتدهور الاقتصادي الذي دفع بالبلاد إلى هذه الحال في وقت كانت تعدّه البيانات الدولية من اغنى دول العالم استناداً إلى الاحتياطي النفطي الذي يمتلكه العراق، حيث أن من أهم أسباب هذا التدهور الاقتصادي هو الفساد واستحواذ قوى متنفذة على أموال الدولة من خلال سيطرتها على المشاريع التي نخرها الفساد وتحولت تخصيصاتها المالية لصالح هذه الجهات المتنفذة. كما أن هناك سؤالاً لا يجد الإجابة ولن تجيب عليه هذه القوى السياسية، وهذا السؤال يتعلق بموزانة العام ٢٠١٤ ومصيرها المجهول الذي تتحاشى هذه القوى بما فيها الحكومة الإجابة عليه أو البحث عن اسباب ضياع أموال الدولة طيلة عام كامل ومجهولية أبواب الصرف.
وبناء على ما تقدم أعلاه؛ فأن الحكومة لا ترى سبيلاً سوى المضي في تطبيق منهاجها القاضي بخصخصة القطاع العام ووضع العاملين في هذا القطاع أمام الأمر الواقع واختيار الإحالة على التقاعد. وبالرغم من التعافي المحدود لأسعار النفط العالمية وتجاوزها عتبة الستين دولاراً للبرميل الواحد، وهي الذريعة التي تحججت بها الحكومة، فأنها وجدت ذريعة نقص السيولة المالية، التي لا حطب لفرنها كما يبدو سوى موظفي القطاع العام بجميع درجاتهم الوظيفية.