المنبرالحر

محادثات فينا .. كيري يريد الخروج من الجحيم ..! / علي فهد ياسين

استبق وزير الخارجية الأمريكي جون كيري محادثات فينا بتصريح ملفت في معهد كارنيجي للسلام، حين قال أن(التحدي الذي نواجهه في سوريا اليوم أشبه برسم طريق للخروج من الجحيم)،دون أن يشير الى دور حكومته وأعوانها في التخطيط والتنفيذ للفوضى الدموية في سوريا والمنطقة، ودون أن يوضح السبب الرئيسي الذي دفع الامريكيين الى قبول الاجتماع مع أطرافِ كانوا يرفضون مشاركتها في وضع الحلول الواقعية للوضع في سوريا، قبل دخول روسيا بثقل نوعي أربك المعادلات التي أرادها الأمريكيون دون حسم أطول فترة ممكنه، للعبث بأوضاع المنطقة والعالم.
لكن كيري كالعادة، استدرك بعبارة أخرى تحفظ لأطراف فريقه العربي التركي بعضاً من ماء الوجه، حين أشار الى أن(أفضل ما يمكن القيام به لدعم الحرب ضد تنظيم الدولة الاسلامية، هو حل سياسي يهمش الاسد، كي يتسنى الاتحاد بشكل أفضل ضد التطرف)،وكأن تهميش الأسد هو الحل السحري في بلدٍ تحول الى ساحة حرب متعددة الأطراف والغايات والمصالح، بفضل السياسة الأمريكية الخاطئة في المنطقة.
لم تعد التصريحات الأمريكية ذات شأن في ما تتعرض له المنطقة العربية من مذابح وخراب على ايدي عصابات داعش الاجرامية في سوريا والعراق، والعدوان السعودي وتحالفه العربي ضد شعب اليمن، فقد تأكدت بما لا يقبل الشك مسؤولية أطراف العدوان، في التخطيط والتمويل والتنفيذ والدعم السياسي.
لقد أعلن مدير المخابرات الأمريكية (جون بريتان) يوم أمس أن(الشرق الأوسط المعروف أنتهى الى غير رجعه)،وأعلن في نفس اليوم مدير الاستخبارات الفرنسية أن(الشرق الأوسط الذي نعرفه انتهى وأشك بأن يعود مجدداً)،وهما تصريحان مصاغان بنفس الاسلوب، وكأنهما مستندان الى وثيقة سرية معتمدة من دول العدوان، ربما لن يطول زمن كشف تفاصيلها لاحقاً!.
أن ما ينتظر المنطقة سيكون أسوأ من الجاري على أرضها الآن، فقد فتح الامريكيون أبواب الجحيم على شعوبها منذ عقود، وكانت ادواتهم الدكتاتوريات العربية، لكن الخطورة المضافة الآن هي تحول الاسلوب الى دعم التنظيمات الارهابية، وهو أحدث اساليب الدمار، لأنه المنتج الاقوى والدائم للصراعات المذهبية العصية على الحلول، والتي تدعم مصالحهم السياسية والاقتصادية لعقود قادمة !.
أن الجحيم الذي يريد الخروج منه كيري في محادثات فينا هو جحيم امريكي، أشعلته حكومته بأدواتها، وهي قادرة على غلق بواباته بدون مؤتمرات لو أرادت ذلك، لكن أغراضها منه لم تكتمل بعد، وطالما أن الخسائر بكل تفاصيلها تتحملها شعوب وبلدان المنطقة، فأن الحلول ستبقى مؤجلة، والمؤتمرات محطات تداول لتخفيف الضغوط على الحكومات المتبجحة بالديمقراطية.