المنبرالحر

مجلس النواب العراقي الإسلامي الموحد..!! / خدر خلات بحزاني

لثاني مرة، ومنذ 12 عاما يتفق النواب في مجلس النواب العراقي الموقر من سنة وشيعة على قرار واحد، حيث ان اتفاقهم الاول كان على رواتبهم وتخصيصاتهم وامتيازاتهم، والاتفاق الثاني كان لأجل ظلم الاقليات غير المسلمة من ايزيديين ومسيحيين وصابئة مندائيين..
اضطهاد الاقليات العراقية له تاريخ موغل بالقدم، علما انهم هم سكان العراق الاصلاء، وغالبية الآخرين وفدوا وتوافدوا على البلاد في موجات غزو دينية وقومية تحت عدة عناوين، لكن نتيجتها كانت واحدة وهي حصر الاقليات بأقصى الزوايا تمهيدا لطردهم، وفرهود اليهود ابرز دليل، وفرهود اليهود وقع لأجل فلسطين، بينما الأرقام تقول ان الفلسطينيين يحتلون الترتيب الثاني في عدد انتحارييهم في العراق منذ 12 عاما..!!ّ
وبعدما منع نظام المقبور صدّام حسين الشعب العراقي من تسجيل أسماء مواليدهم بأسماء غير عربية، فضلا عن قيامه بتعريب و "استيطان" الاف الدونمات من الاراضي التي تعود لأقليات عراقية وخاصة الايزيديين، اتى تنظيم داعش القذر وبكل وحشية، وخيّر المسيحيين بن الاسلام او الجزية او الطرد من معاقلهم التاريخية بالموصل واطرافها، كما استباح الايزيديين في سنجار وذبحهم وسبى نساءهم لانهم "كفار" فضلا عن نهب ممتلكات الايزيديين والمسيحيين في سنجار وسهل نينوى باعتبارها "غنائم" حلال وغير ذلك من الجرائم التي وقعت تحت يافطات دينية معروفة للجميع.
اليوم، يقوم مجلس النواب العراقي "المودرن" بسنته وشيعته، بهجمة ناعمة ضد الاقليات العراقية، في محاولة رخيصة وبائسة لضم اكبر عدد ممكن من (القاصرين) من ابناء الاقليات لديانة الاغلبية المسلمة.
حيث ان مجلس النواب صوت بالأغلبية على قانون البطاقة الوطنية، وبموجب الفقرة الثانية من المادة 26 منه فانه (على ان يتبع الاولاد القاصرين في الدين من اعتنق الدين الاسلامي من الأبوين)!!
وبالرغم من ان هذه الفقرة تتعارض مع الدستور العراقي الاتحادي وخاصة المواد (2) و (3) و (39) و (40) التي تؤكد على حقوق المواطنين العراقيين وتمنع اي محاولة لفرض الدين او الفكر او العقيدة عليهم بالإكراه، لكن يبدو ان النواب المسلمين سنة وشيعة يبحثون عن "حسنات" في الآخرة وفق مفاهيمهم الدينية في كسب الآخرين لدينهم.
تعالوا لنطلع على "الخباثة" في هذه الفقرة المشؤومة، لنفرض ان المواطن س ايزيدي وزوجته ص تركته لسبب ما، وكان لهم 4 اطفال وتزوجت من مسلم، بطبيعة الحال ان حظوظ ص في الزواج من آخر ستقلّ كلما تقدمت بالعمر، اي انها ستكون شابة ربما لم تتجاوز الثلاثين، اي ان جميع اطفالها (قاصرون)، ووفق القانون الجديد سيكون على اولادها اتباع دين (زوج امهم) وليس اباهم الحقيقي، ولن يكون بإمكانهم الحصول على اية وثائق رسمية عراقية الا بعد (خطفهم) من ابيهم الحقيقي والحاقهم بأمهم (التي تخلت عنهم) وبدين زوجها..!! والمسألة يمكن تطبيقها مع اختلاف الادوار، اي يقوم الاب الايزيدي س بالزواج من امرأة مسلمة و الخ..
"الخباثة" هنا هي انه من النادر ان يتزوج رجل او امرأة لهم اولاد بلغوا سن الرشد، من طرف اخر، وكل من يقدم على ذلك يكون له اطفال صغار تحت سن الرشد.
انا لا اعلم ماذا يمكن تسمية هذه الخطوة القسرية في فرض دين (زوج او زوجة) على اطفال لا ذنب لهم بأفعال امهم او ابيهم؟؟ لأنني ارى إن فرض دين قسري على قاصرين من غير المسلمين هو احد انواع الدعوشة، وانا كايزيدي ارفضه واندد به وبمن صوّت لأجل ذلك.
واذا كان النواب في مجلسنا العتيد، من السنة والشيعة، يبحثون عن "حسنات"، عليهم ان يحاسبوا الفاسدين من لصوص وسراق من وزراء ومسؤولين نهبوا الاول والتالي، ويحاسبوا من باع ثلث ارض العراق، ويحاسبوا ويحاسبوا ويحاسبوا.. لكن لا ان يظلموا الاقليات غير المسلمة.
ختاما، ليتصور احد اعضاء مجلس النواب من السنة او الشيعة ممن صوّت لهذا القرار العنصري والمشؤوم، ان مواطنا ايزيديا تزوج من ابنته المتزوجة اصلا وكان لها 3 اطفال.. هل سيقبل بتسجيل اسمائهم على الديانة الايزيدية؟؟ علما ان الدين الايزيدي ـ اصلا ـ ليس تبشيريا ولا يقبل باحد الا اذ ولد من ام واب ايزيديين..!
الدَعوَشة درجات يا جماعة.. وقانون البطاقة الوطنية المشؤوم، هو قرار مُدعوَش بامتياز، لكن بأسلوب ناعم وديمقراطي..!!