المنبرالحر

كيف يدعم الموظف ميزانية الدولة؟ / عاصي دالي

عانى العراقيون في تسعينيات القرن الماضي من حصار جائر نتيجة السياسات الاجرامية للحكم الدكتاتوري ، وعاش الموظفون في تلك الفترة ظروفاً قاسية بسبب الرواتب المتدنية، حيث كان راتب الموظف لا يكفيه سد أجور النقل. وبعد التغيير في عام 2003 تأمل الموظفون خيراً كبقية أبناء الشعب العراقي، وان يتم تغيير واقعهم الاقتصادي بعد أن أصبحت ميزانيات دولتهم (انفجارية)، لكن سوء استخدام هذه الأموال من قبل حكومات المحاصصة على مدى أكثر من 12 عاما مقرونة بالفشل، حال دون ذلك.
اليوم يمر العراق في أوضاع اقتصادية بالغة التعقيد، ارتباطا باستمرار انخفاض مستوى عائدات المبيعات النفطية، وارتفاع نفقات الدولة على العمليات الحربية ضد عصابات داعش الإرهابية، وتطبيق إجراءات تقشفية، وتأجيل تسديد رواتب وأجور بعض شرائح العاملين في الدولة والقوات المسلحة والحشد الشعبي، ما دفع الحكومة إلى تعديل سلم رواتب موظفي الدولة، والذي أثار جدلا واسعا بسبب ما تضمنه من فقرات اعتبرها الموظفون مساسا بحقوقهم. وخرج الموظفون في تظاهرات عديدة في بغداد والمحافظات الأخرى، وطالبوا بإلغاء تعديل سلم الرواتب الجديد، وقد صرح وقتها مستشار رئيس مجلس الوزراء بأن «تعديل سلم الرواتب وفر مبلغ ثلاثة تريليونات دينار لخزينة الدولة»، ولكن ماذا لو فكرت الحكومة بطريقة أخرى، تستحصل بموجبها أكثر من المبلغ الذي صرح به المستشار المحترم، كأن تقوم بفرز قطع أراض سكنية بمساحة 200 متر مربع من الأراضي المتوفرة بمساحات كبيرة جدا والعائدة للدولة، مثل معسكر الرشيد ومعسكر أبو غريب، والتي لا تصلح أن تكون معسكرات للجيش لوجودها داخل المدن، هذا في بغداد، وعشرات الآلاف من الدونمات في المحافظات والتي أصبحت غير صالحة للزراعة، فمن الممكن بيع هذه القطع على الموظفين بأسعار لا تقل عن خمسة ملايين دينار للقطعة الواحدة، وبالتقسيط، كان يكون مبلغ القسط مليون دينار سنويا.
وإذا أخذنا بنظر الاعتبار ان عدد الموظفين الحكوميين بلغ أكثر من أربعة ملايين، وبحساب بسيط (أربعة ملايين موظف × مليون دينار سنويا من كل موظف) سيصبح المبلغ الموفر لخزينة الدولة أربعة تريليونات دينار سنويا، ويمكن شمول المتقاعدين بذلك. فكم سيكون المبلغ الذي سيدعم فيه الموظفون والمتقاعدون ميزانية الدولة سنويا؟!