المنبرالحر

هي القشة ذاتها، قشة الغريق والتي تقصم ظهر البعير ! / احسان جواد كاظم

التكنوقراط، المفردة الاكثر تداولاً في تصريحات سياسيينا وفي وسائل الاعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، ويتداولها المواطن العادي ايضاً في احاديثه في البيت والشارع ويرفعها شعارات في مظاهراته.
ان الطريق المسدود الذي وصل له نهج المحاصصة وسياسات اطرافها والرفض الشعبي للاستمرار فيه، اوجد حاجة ملحة لأجراء تغيير. وقد ادركت قوى الفساد ضرورة ذلك واهمية القيام به.
فعلى ضوء الاصرار البطولي، طوال سبعة اشهر، للمتظاهرين المدنيين في ساحات البلاد، على مطالب التغيير. وتعزز زخم مظاهراتهم بالتحاق مؤيدي التيار الصدري بهم اخيراً، واندلاع الانتفاضة الطلابية العارمة في جامعات البلاد ضد الفساد المستشري في وزارة التعليم العالي وعمادات الجامعات، اضافة الى تصاعد الاضرابات والتظاهرات المطلبية لعمال وموظفي فروع متعددة من الاقتصاد الوطني، فأن ادرنالين فزعهم العالي من الآتي من الايام، جعلهم يتسابقون على طرح اوراق اصلاح. كثرتها مثل قلتها، لخواء فقراتها من جوهر المطلب الشعبي : قبر المحاصصة الطائفية - العرقية الى غير رجعة.
فلم تعد تخدع مواطنينا التسميات الرنانة لحكوماتهم المتعاقبة، التي لم تنجز شيئاً، من قبيل "حكومة المظلومية "، " التوافق او الشراكة الوطنية " ، " حكومة المقبولية " مروراً ب " حكومة الفريق القوي المنسجم " التي خرجت كلها من عباءة المحاصصة المقيتة التي جلبت الويلات للبلاد.
ان التهرب من استحقاقات التغيير بعدم محاربة الفساد جدياً او معالجة الازمة الاقتصادية الخانقة باجراءات تعوزها المهنية، مثل قرارات دمج وزارات شكلية او تدوير مراكز ادارية او بالاستدانة من البنوك العالمية ورهن مستقبل البلاد لكارتيلات نفطية، ثم تحميل المواطن تبعات الازمة الاقتصادية بتخفيض الرواتب وفرض الضرائب والرسوم على الخدمات الاساسية كما في وزارتي الصحة والتربية وغيرها من المعالجات الترقيعية، لن يمر.
فالمجتمع العراقي الرازح بأكمله تحت ضغط ارهاب مركب، ارهاب داعش وارهاب الفاسدين وتهديدات التقسيم والشرذمة اضافة الى التدخل الاجنبي، واخيراً وليس آخراً اخطار انهيار سد الموصل وعواقبه الكارثية المحتملة، لن يرض بذلك. وهذا ما يستوجب موقف جدي حقيقي، للحل.
واذا كانت حكومة التكنوقراط مخرجاً محتملاً من الازمة العامة التي تجتاح البلاد بأعتبارها قشة النجاة للغريق المتمثل بشعبنا، فأن فبركتها بما لا يتناسب مع الارادة الشعبية يمكن ان تتحول الى القشة التي تقصم ظهر البعير المتمثل بأحزاب الفساد الحاكمة، بثورة شعبية عارمة تطيح بهم وتجعلهم شذر مذر !
ولا يظنن ان مجرد الحديث عن حكومة التكنوقراط كفيل بأمتصاص الغضب الشعبي. فالوعي الشعبي بدأ ينادي بحكومة تكنوقراط، بكفاءات حقيقية، ذوي ولاء وطني صادق وبأيادي نظيفة تحظى بأحترام شعبي... ببرنامج عملي يحقق تغييراً حقيقياً بضرب الفاسدين والقضاء على فسادهم. وليس مجرد دمية تحركها ايادي حيتان الفساد من وراء الستار.
أن تشكيل جبهة شعبية فاعلة ضد الفساد والفاسدين تكون ظهيراً لحكومة التغيير تعد ضرورة موضوعية لضمان نجاح مشروع التغيير، وهو امر يقع على عاتق قوى التغيير ممن لم تتلوث بأدران الفساد ولم تمتليء جيوبها بأموال الفقراء والمحرومين وممن لم يصادروا الحريات.
قشة المعاناة الشعبية ليست مثلها أيّة قشة، فهي لابد وان تقصم ظهر بعير فسادهم... انه " بعير من ورق "!
ولكل محاولات الالتفاف على المطالب الشعبية، تعلو اصواتنا مع صوت الشاعر علي الشيباني :
أصيحن لا...
ترسونة حزن ودموع... كتبونة على هدوم النثاية ذنوب
جم دوب الصبر، جم دوب.