المنبرالحر

شيوعيون في حياتي بمناسبة عيدهم / توفيق التميمي

في عيد الشيوعيين العراقيين وردة من بستان قلبي للأشجار التي زرعها فيه شيوعيون نبلاء منهم من قضى شهيدا حرا ومنهم عانق الزنازين ومنهم من ينتظر تحقيق احلامه واحلام رفاقه الشهداء في عراق حر معافى ومزدهر، اليهم ورداتي الحمر التي لا املك أعز منها ومنهم :
اخي الكبير عبدالله التميمي اول من علمني ان الشيوعية هي كتاب سري وقصيدة تطيح بالظلام وأفق يحتضن الإنسانية تحول عنها لأسباب قاهرة لكنه أغمض عينيه وفي قلبه حلم شيوعي بالعدالة والحريّة
غازي محمد ابو منتظر معلمي الشيوعي الاول علمني كيف يكون الانسان مؤمنا بأفكار العدالة والانتصار للفقراء والعلمانية من دون ان يتعالى على أهله وأبناء وطنه الفقراء فكان يشاركهم أحزانهم ومجالس عزاءاتهم ويزور فقراءهم ويمد لهم يد العون ما أمكن إلى ذلك سبيل علمني ان الشيوعية باب لاسترداد كرامة الانسان من تجار الأديان والسياسة وعلمني ان الشيوعية وعي يفتح نوافذه في ليل الجهل الحالك وعلمني ان الشيوعية سلوك وتضحية وقدوة قبل ان تكون شعارات وأغاني حماسية، مات بالسكتة الشيوعية المباغتة وهو يودع صورته تتوهج في ذاكرتي لذلك المعلم الشيوعي المخلص
مكي رزوقي أستاذ الانكليزية في المتوسطة أول من دس في يدي كتابا وأول من قادني بيديه لعوالم المسرح والسينما الملتزمة. علمني درسا لن أنساه ذلك المدرس الشيوعي العتيد بان المبادئ التي تنحاز للإنسان وأحلامه يهون عندها الغالي والنفيس فرفض الخضوع للتبعيث الإجباري وغادر التدريس الذي يعشقه قسرا وانتقل موظفا منسيا في وزارة الاعلام مع كوكبة من امثاله ومن هناك اقتيد إلى زنزانة مظلمة يقضي فيها ست سنوات والآن يرفض هذا الشيوعي اي مقايضة لا من دائرة السجناء ولا اية جهة لكل هذه التضحيات التي قدمها.
شهيد الحب محمد زهراو: التقيته في اروقة كلية الزراعة زميلا شممت من عطره رائحة الجنوب عرفت لا حقاً. ان الشيوعية قدت جسده من صلابة الثائر ورقة الشاعر علمني دروسا في الحب والثقافة واحترام الناس ومشاركة همومهم أودع لي أمانة اسم وليدته البكر "فجر" قبل ان يعانق المشنقة لأنه عاش كل حياته بعطرها ومكابداتها لأجل بزوغ ذلك الفجر الذي لم يشهده علمني ابو فجر الشيوعي بان المشانق واسواط الجلادين تتصاغر امام شعلة ما نؤمن به من أفكار لأجل الانسانية وحرية بلادنا فأعطى روحه الخضراء ونحن احلامه على مشنقة بعثية لتحكي فجر من بعده قصة ذلك الشيوعي الذي اختصر لي معنى البطولة والرجولة في أبهى معانيها
باسم مثنى الشيوعي رفيق حياتي ودربي علمني ان الشيوعية عطاء وعطاء لا تنتظر المقايضة فكان معطاء حد السخاء بروحه علمني ان أكون قويا في مواجهة مكاتب التحقيق والغرف المظلمة. علمني ان الشيوعية وأفكارها ستنتصر وتزهر أوراقها بعد عام أو مئة عام لا يهم ذلك أغمض عينيه بعد ان نالت من روحه شظية نابالم أمريكية وهي لا تعرف انها استهدفت الضوء كله والنهار كله
كريم راهي وهادي مولى صديقان شيوعيان علماني كيف تكون ذاكرة القمل وضيق الزنزانة، وكيف تكون نشيدا في عطر الذاكرة المشتركة. علماني ان الشيوعية التي آمنا بها وضحيا من اجلها لن يتوقف النضال من اجل أهدافها عند زنزانة ضيقة او فسحة خادعة من الحرية مازالا يرابطان عند خيمة للاعتصام او ساحة للاحتجاج وفاءاً لتلك الأيام في الزنزانة التي تشاطرا فيها القمل وأحلام الحرية
من اتذكر ومن أنسى بستان قلبي الأخضر وأشجار ذاكرتي السامقة زرعها بستانيون شيوعيون ومضوا واليوم ليس لي الا هذه الأشجار وتلك الورود وذلك العبير الزكي أقدمه لكم بهذا العيد الثاني والثمانين للذي قهر الموت والمشانق وظل شعلة تتوقد وتنقل وهجها وبريق ألقها من جيل إلى جيل.