المنبرالحر

سوريا: ذريعة إستخدام الأسلحة الكيمياوية والعدوان..!؟؟ / باقر الفضلي

بعد إنعقاد مؤتمر قمة مجموعة/ 20 في بطرسبورغ ليومي 5 و6 / من شهر آب/ 2013، لم يعد أمام المرء أن يذهب بعيداً في البحث والتنقيب عن ما يمنحه مؤشراً او سنداً لتعليل أو إستنتاج ما يمكن أن يساعده في رسم صورة للمشهد السوري الحالي، وإنما يكفيه فقط، متابعة أعمال قمة العشرين التي جرت أثناء المؤتمر، وما أفرزته لقاءات رؤوساء الدول العشرين خلال اليومين المذكورين، ليحدد بشكل من الأشكال مسار هذا المشهد، وما يمكن أن يتوقعه المرء في أحسن الأحوال، عما تبيته أمريكا وحلفائها لدولة سوريا وطناً وشعبا..!؟؟

فكل ما تضمره أمريكا ضد سوريا، لم يعد خافياً على أحد، بعد ما قيل وما أظهرته نتائج مؤتمر قمة/20، والتي كشفت بجلاء لا يقبل التأويل أو الإجتهاد، عن طبيعة أهداف أمريكا ومن معها من بعض الدول، التي فضحتها مواقفها المساندة للعدوان على سوريا دون خجل أوحياء؛ ومنها بالذات، دول عربية نزعت عن نفسها، كل ما يمت بصلة لما تدعيه من تمسك بعروبة أوما تتمسح به من دين..!؟

فقد جاء المؤتمران الصحفيان لكل من السيدين بوتين وأوباما في نهاية مؤتمر قمة مجموعة/ 20، ليؤكدا حالة الإنقسام التي هيمنت على مؤتمر قمة مجموعة/ 20، حيث أصر السيد أوباما على إعادة وترديد ما سبق وقدمه من حجج وتبريرات حول التمسك بذريعة إستخدام الأسلحة الكيمياوية في سوريا، وما ينبغي بناء عليه وحسب تقديراته، من ضرورة توجيه ضربة عسكرية عقابية ضد سوريا، والذي كثيراً ما يختزلها بشخص الأسد، هذا في نفس الوقت الذي أعلن فيه السيد بوتين عن عدم تولد القناعة لدى روسيا  بمصداقية المعلومات التي قدمتها أمريكا، في الوقت الذي  تمتنع فيه، من تقديمها الى مجلس الأمن لتدقيقها وإبداء الموقف منها، وأكد من جانب آخر، على لا قانونية ولا شرعية ما تريد الولايات المتحدة الإقدام عليه من توجيه ضربة عسكرية ضد سوريا خارج إطار الأمم المتحدة, وحتى قبل أن تقدم هيئة التدقيق الأممية تقريرها بهذا الشأن الى الامم المتحدة، الأمر الذي أكده السيد بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة..!؟

ومما لاشك فيه، وعلى حد قول لافروف وزير خارجية روسيا؛ فإن إستخدام القوة العسكرية ضد سوريا سيؤدي الى فشل أي حل سياسي للأزمة السورية، ولكن وطبقاً لما يراه السيد أوباما، فإن مثل هذا الحل سيكون نتيجة لاحقة بعد تنفيذ الضربة العسكرية لسوريا، وبعد إضعاف قدرات النظام السوري العسكرية، للحيلولة بينه وبين محاولة تكرار محاولته إستخدام السلاح الكيمياوي مجدداً، او التهديد بإستخدامه ضد حلفاء أمريكا في إسرائيل وتركيا والأردن..!؟

إن ما يضعف الحجج والذرائع والأسانيد الأمريكية، التي تجد فيها مبرراً وأساسا، يمنحها السبب الكاف لتوجيه ضربة عسكرية عقابية ضد سوريا، هو أن تلك الأسانيد جاءت ضعيفة في حجتها، فهي في مجملها إفتراضية ومبنية على الإستنتاجات والإجتهادات الشخصية المعتمدة على التقارير المخابراتية، الأمر الذي لا يمنحها قوة الإدلة القاطعة للإتهام، خاصة وإنها تتعلق بإستخدام للسلاح الكيمياوي" كإتهام" موجه الى دولة سوريا، وهو أمر يتطلب التدقيق العلمي والمهني، ومن قبل جهات ذات إختصاص علمي مهني، وتحت إشراف الأمم المتحدة، مما سيعطيها خصوصية الحيادية، ويجنبها شائبة الطعن بعدم نزاهة النتائج..!

وحيث يتكرر الحديث على لسان بعض المسؤولين في الإدارة المريكية، ومن جانب بعض حلفائهم في التحالف الغربي، بأنهم يمتلكون أدلة لإستخدام الأسلحة الكيمياوية في سوريا، في وقت يحجمون فيه، عن تقديم تلك " الأدلة " الى جهات  الإختصاص المسؤولة عن فحصها وتدقيقها، وعن نوعيتها وطبيعة تصنيعها، ومدى علاقتها بنوعية تلك المواد السامة التي جرى إستخدامها فعلاً في تلك المواقع والميادين المفترض إنها إستخدمت فيها. وفي هذه الحالة هو مجلس الأمن قبل غيره، لتتحمل القوى الأممية مسؤوليتها في تحديد مدى صحة الإدعاءات بشأن تلك " الأدلة "، الأمر الذي جعل من مصداقية تلك "الأدلة المزعومة" ، أحد إشكاليات مجلس الأمن في البحث عن الجهة التي إستخدمت تلك المواد، حيث إن مجرد إستخدامها، لا يكفي وحده ، أن يكون حجة قاطعة على شخصية الجهة المستخدمة، إن لم تتوفر هناك من الحجج والإثباتات المدعمة بالوقائع، ما يدل بصورة مؤكدة وقطعية على شخصية تلك الجهة التي ينصب عليها الإتهام..!؟ 

 

كل هذا يضع الولايات المتحدة، من خلال إعلانها التهديد بتوجيه ضربة عسكرية الى سوريا وفقاً للذرائع المزعومة، وإنفرادها وبعض حلفائها، بالقيام بتنفيذ تلك الضربة العسكرية المحتملة، خارج نطاق مجلس الأمن، ودون قرار منه، إنما يضع الولايات المتحدة ومن سيشاركها من الدول الأخرى، في موقع المسؤولية الأخلاقية والقانونية، وكل هذا يدركه من له حتى إلمام متواضع بمباديء القانون، فكيف الأمر بدولة عظمى، عضو في الأمم المتحدة، ومن الدول التي أنيط بها حماية الأمن والسلم الدوليين، أن تجد نفسها خارج نطاق القانون الدولي، وهي من المسؤولين الأوائل في سلم المسؤولية الدولية، على حفظ التمسك بأحكام القانون المذكور، وإتباع اللآلية التي رسمها القانون الدولي في حفظ الأمن والسلم الدوليين..!       

اما المؤتمر الصحفي المشترك لكل من السيد جون كيري وزير الخارجية الأمريكي، والسيد لوران فابيوس وزير خارجية فرنسا في باريس بتاريخ _ 7/9/2013، فقد قطع على المستمعين، أي شك ب " اليقين"، فيما يتعلق بشن الحرب على سوريا، حينما عبر كلاهما عن موقف موحد من حتمية الضربة العسكرية لسوريا؛ فتحت وقع تأثير نبرات الخطاب العاطفي المتحمس، وتحت سيل منهمر من دموع الأسى والحزن الخادعة، التي ذرفاها على ما صوراه من "فجيعة الأطفال السوريين الذين قتلهم كيمياوي الأسد بلا رحمة ولا شفقة"، توعدا وأكدا على اهمية وضرورة توجيه الضربة العسكرية الى سوريا عقاباً لتجاوزه الخط الأحمر، بإستخدامه الأسلحة الكيمياوية، [[ وفي مؤتمر صحفي في باريس، قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيريإن الولايات المتحدة وفرنسا لا يتحدثان عن خوض حرب، بل عن إجراء عمل عسكري محدوديستهدف إضعاف قدرة الحكومة السورية على استخدام الأسلحة الكيمياوية.]] ، اما وفقاً للسيد لوران فابيوس فإنه يرى : بأن [[ الضربة العسكرية قد تمهد للحل السياسي.]]..!!؟؟    

ولكن وحتى مع " إفتراض صحة" ما أورده الوزيران من إتهامات ضد سوريا، وهو مجرد إفتراض لا يقوم على أساس موضوعي، فهما قد تناسيا حقيقة من ستكون جهة التنفيذ للعقوبة..؟ وقبل ذلك من هي الجهة التي ستحدد تلك العقوبة..؟ وغيرها الكثير من الأسئلة التي يمكن توجيهها للوزيرين المتحمسين والمستعجلين في توجيه الضربة العسكرية الى سوريا.. ولكن وعلى حد ما يقوله المثل الشائع : ( إكذب ثم إكذب حتى يصدقك الناس، ثم إكذب حتى تصدق نفسك..!)؛  فبهذه الطريقة الغوبلزية، يجري التعامل مع الوقائع في الأزمة السورية، ومن أراد أن يصدق ما تقوله الإدارتين الأمريكية والفرنسية، عليه أن يصدق ما كان يقوله السيد كولين باول وزير الخارجية الأمريكية السابق، يوم 5 شباط 2003، أمام مقر الأمم المتحدة، قبل غزو العراق بأيام حول كذبة أسلحة الدمار الشامل، والحر تكفيه الإشارة..!؟ 

فالعدوان المرتقب على سوريا، ومن خلفه تقفذريعة إستخدام الأسلحة الكيمياوية، التي وجدت فيها أمريكا وفرنسا وحلفائهما، مفتاح الغزو العدواني الذي ترى فيه أمريكا، الطريق الوحيد لفرض هيمنتها على المنطقة، رغم موجة الرفض والغضب التي أبداهما الشعبان الأمريكي والفرنسي، ومن قبلهما الشعب البريطاني، إستنكاراً لشن الحرب على سوريا، إن مثل هذا العدوان، لا يختلف في ممهداته ودوافعه الإقتصادية والسياسية، بل وحتى فيذرائعه المحركة أياً كانت، عن مثيله الغزو العدواني على العراق عام/2003 ، أوما لحقه فيما بعد في ليبيا، وبسيناريو أكثر حذاقة، بمروره من تحت عباءة الشرعية الدولية بإستغفال من مرت عليه اللعبة من بعض أطراف تلك الشرعية، من الذين عضوا أصابع الندم على ذلك الإستغفال..!؟؟

 اما ما يدعى اليوم ب "العمل العسكري المحدود" فلا يعني وفي جميع الأحوال، إلا خدعة لا معنى لها من الناحية القانونية في مقاييس  العدوان السافر على دولة عضو في الأمم المتحدة ، ناهيك عن كونها إنتهاك لسيادة دولة سوريا، وتحد فاضح لمقاصد الأمم المتحدة ومبادئها، بما فيها التجاوز على السلطات المخولة لمجلس الأمن، وخرق فض لأحكام الفصلين الخامس والسادس من ميثاق الأمم التمحدة..!؟؟