المنبرالحر

58 عاما على قانون الاصلاح الزراعي : المواقف التاريخية للحزب الشيوعي العراقي من الملكية الزراعية / حمدي العاني

ينفرد الحزب الشيوعي العراقي عن باقي الاحزاب السياسية التي ناضلت معه بموقف خاص ومتميز بحل المسألة الزراعية في العراق، وهذا الموقف عبر الحزب عنه في ادبياته وبرامجه ومؤتمراته حين اشار الى ان جوهر حل المسألة الزراعية في العراق هو الاصلاح الزراعي الجذري، وتجلت مواقفه في مساندة الانتفاضات الفلاحية والمساهمة الفعالة فيها مع باقي الاحزاب السياسية الاخرى، ابتداء من انتفاضة سوق الشيوخ عام 1936 ومروراً بانتفاضتي آل ازيرج وقلعة دزي وآخرها انتفاضتا الشامية عامي 1954، 1958 وتجلت هذه المواقف في ما أقرته مؤتمراته التسعة ومتابعته لمجرى النضال الفلاحي الطويل في الريف. وكانت بصمات الحزب واضحة في موقفه من اول تشريع لقانون الاصلاح الزراعي رقم 30 لسنة 1958 وتحفظاته على تحديد الملكية الزراعية ومطالبته بمحاكمة الاقطاعيين والملاكين الذين اساؤوا الى الفلاحين في ظل النظام الملكي وايضا رفضه مبدأ التعويض لهؤلاء الذين استولى القانون على اراضيهم ورفضه ايضا حق اختيار الارض من قبلهم وانصاف العاملين في البساتين ورفضه استحصال ثمن الارض من الفلاحين.
ورغم هذه التحفظات فان الحزب الشيوعي العراقي ساند بقوة قانون الاصلاح الزراعي الذي شرعته ثورة 14 تموز الخالدة واشترك الفلاحون الشيوعيون في اكثر من لجنة من لجان الاستيلاء والتقدير، ولم يتوقف نضال الحزب عند هذا الحد، بل استمر في نهجه المتواصل لمساندة الحركة الفلاحية لازالة كافة النواقص التي اضرت بمصالح الفلاحين. جاءت الفرصة الثانية عند تشريع قانون رقم 117 لسنة 1970، حيث لعب الحزب دورا مهما من خلال ممثليه في اعداد مسودة هذا القانون وازالة تحفظاته على القانون السابق كافة.
وفعلا تم تجاوز الكثير منها في القانون الجديد الا ان ما تبقى من المساحة الزراعية بحوزة الاقطاعيين والملاكين، لعب دورا معرقلاً في مسيرة الاصلاح الزراعي وشوه مضمونه من خلال مواقع المسؤولين التي اثرت بهذا القدر او ذاك لعرقلة الخدمات والمستلزمات الزراعية التي تقدم الى الفلاحين ولعدم ايمان الحكومات المتعاقبة على الحكم بحل المسألة الزراعية وانهاء التباين الحاصل بين الريف والمدينة، بسبب المواقف الطبقية لهذه الفئات التي تسلمت امور البلاد ووضعت الفلاحين في موقف صعب من خلال قصورها المستمر والواضح من اجل بقاء الفلاحين في دوامة الفشل في ادارة اراضيهم وبالتالي محاولاتهم الاجهاز على قانون الاصلاح الزراعي والعودة مرة اخرى الى ما كان عليه وبطرق جديدة، وهذا فعلا ما حصل عليه اعداء الفلاحين واعداء قانون الاصلاح الزراعي واعداء التقدم والازدهار.
ان النهوض بالقطاع الزراعي في العراق يتطلب المزيد من الدعم للمستلزمات الزراعية من بذور وسماد واستصلاح الارض وتوفير المياه والمكننة الحديثة وتوفير المخازن وتسويق الحاصلات الزراعية والحد من عملية الاستيراد العشوائي الذي يمر به البلد.
وهذا ما يتطلب اعادة تنشيط الحركة الفلاحية والتعاونية المتخصصة وتوحيد الصف الفلاحي من اجل الدفاع عن قضيتهم العادلة، ومن اجل انتاج سلة الغذاء وطنياً، كما يتطلب ايضا تحويل سندات التخويل للارض الى سندات طابو خاصة بقوانين الاصلاح الزراعي.