المنبرالحر

اذا هتف المعلم ( بالروح بالدم ) .. كيف نبني العراق ..؟؟ / علي فهد ياسين

أقامت نقابة المعلمين العراقية احتفاليتها السنوية لمناسبة بدء العام الدراسي على المسرح الوطني في بغداد , وهو أكبر مسارح العاصمة , قدم فيها نقيب معلمي بغداد ( محمد سعيد حاتم ) , بالنيابة عن معلمي العراق ( درع الوفاء ) للسيد رئيس مجلس الوزراء , رافق مراسم التقديم أهازيج وهلاهل وهتافات كان ضمنها هتاف ( بالروح بالدم نفديك يا ....!) , هذا الهتاف الذي رافق العراقيين عقوداً من الدمار والخراب والقتل والمرض والجوع , كان منتوجاً رئيسياً من منتجات الدكتاتورية البعثية البغيضة في حروبها العبثية التي لازلنا تحت وطأة آثارها بعد عقد على سقوطها .
كلمة السيد المالكي في الأحتفالية وكلمته الأسبوعية التي خص بها المناسبة تضمنت تأكيدا في أكثر من موقع على أهمية العلم وتطوير المناهج والمسؤولية الجمعية لبناء الوطن على أسس سليمة لمواجهة الإرهاب والطائفية , من خلال التأكيد على الهوية الوطنية ودور المعلم تحديدا في البناء السليم للعراق , بعد عقود من سياسة ( قيادة القطيع ) التي أنتجت الهتافات الفارغة التي أسقطت البلاد في ( البركان ) , وكان أخطر واقبح تلك الهتافات هو ( بالروح بالدم ...) الذي كان يسمعه المحتفى به في منفاه , مع عشرات آلاف العراقيين المناهضين للدكتاتورية , ويستهجنه بقوة المتطلع الى التغيير ( لمسح ) هذا الشعار الدموي من ذاكرة شعبه .
مع ان المفارقات في العراق صادمة لأهله يومياً ان لم نقل في كل ساعة ودقيقة , لكن مفارقات حدثنا هذا نوعية , لأن توقيتها ترافق مع تفجيرات دموية في مدينة الثورة والأعظمية والدورة , ولأنها تواقتت مع ما يسمى بمؤتمر السلم المجتمعي لتوقيع ( وثيقة الشرف ) التي تدعو لحفظ دماء العراقيين التي أتحفنا سياسيو السلطات من خلالها بابتساماتهم العريضة وحرارة مصافحاتهم ( الأخوية ) أمام وسائل الأعلام , دون الإفصاح عن محتوى وآليات التهدئة التي اتفقوا عليها وتوقيتاتها الزمنية التي يستطيع أن يتلمسها العراقي على الأرض !.
ما يدعو للأسى هو سماع الرئيس ذاك الهتاف ( البعثي ) القميء دون أن يردع هتَافيه , ولم تحرك نقابة معلمي العراق ساكناً لتنظيف ذيل ردائها من التلوث !, ولأننا في زمن ( الديمقراطية ) فأن جميع فروع نقابة المعلمين في العراق من واجبها أن تحتج على ذلك , لابل أن ما حدث يلزم كافة منظمات المجتمع المدني العراقية واتحادات الطلبة على رفضه ببيانات معلنه لأنه يخصهم كتنظيمات مهنية أولا وكعراقيين لا يوافقون على العودة الى سياسة ( القطيع ) , ولا تعفى المنظمات العراقية في الخارج من اعلان مواقفها بأساليب هي تحددها , لأن ما حدث ليس تصرفاً فردياً طالما أنه لم يدن ولم يُصحح .
قد يعتقد البعض ( وهذا من حقه ) أن هناك الكثير مما هو أهم مما حدث على خشبة المسرح الوطني في احتفالية نقابة معلمي العراق ونحن معه في ذلك , لكننا في موضوعة الهتاف تحديداً نقول , أن هناك منهجية ملموسة وبارعة ( للذيول ) في شق طريقها نحو الأعلى , والأمثلة الدالة نجدها في عقول وقلوب الوطنيين الحقيقيين وعلى شفاه فقراء شعبنا الذين يدفعون يومياً استحقاقات جدل الحكام وفواتير أجنداتهم .