المنبرالحر

الطَلَق بميليشيا جديدة !!! / احسان جواد كاظم

هل نحن موعودون بولادة مسخ جديد يضاف الى قائمة المسوخ التي تسفك الدم العراقي كل يوم ؟ ان ما دعانا لطرح هذا السؤال دعوة القيادي في المجلس الاسلامي الأعلى الشيخ جلال الدين الصغير الى تشكيل لجاناً شعبية لحماية المناطق الداخلية. وهذه الدعوة اعتراف رسمي بفشل ائتلافه الحاكم والاجهزة الامنية والجيش التي يهيمن عليهما والتي وصل تعدادهما اكثر من مليون منتسب والمشكّلة على اساس طائفي تحاصصي من السيطرة على الوضع الأمني في البلاد, الذي تعبث به عصابات القاعدة كما تشاء, اضافة الى شيوع عمليات الاغتيال والتهجير الطائفي الواسع النطاق التي تشهدها مناطق متعددة في البلاد ويشمل مواطنين من طوائف وقوميات مختلفة ابتداءاً من البصرة والناصرية حتى بغداد وديالى والموصل.
وبدلاً من ان يسعى عضو الائتلاف الحاكم الى اسناد القوات الأمنية والجيش ودعم وحدة الجهد الحكومي في مقارعة الخارجين على القانون والتمسك ببنود الدستور الذي منع تشكيل الميليشيات, يدعو الى تشكيل اخرى تعقد الوضع وتؤزمه.

وفي الوقت الذي يزدحم فيه المشهد العراقي بميليشيات وتنظيمات اسلامية مسلحة من الطائفتين على شاكلة تنظيم القاعدة الارهابي والطريقة النقشبندية وجيش المهدي وجيش المجاهدين وعصائب اهل الحق ومنظمة بدروايتام البعث وجيش المختار وانصار السنة ثم مجالس الأسناد المدعومة من حزب رئيس الوزراء وحمايات المسؤولين وجيوش بعض المرجعيات الدينية وعصابات الجريمة المنظمة وغيرها يراد ان يضاف اليها ميليشيات مناطقية ( ميني ميليشيا ), اشبه ما تكون بسلطة شقاوات الحارات لمنع الاختراقات الامنية, والتي ستشكل عبئاًْ جديدا على الدولة من خلال تجهيزها وتسليحها واماكن تجميعها وتحديد صلاحياتها ورواتب منتسبيها... ومما يشكله ذلك فيما بعد من نشوء علاقات نفعية مصلحية متبادلة فيما بين افرادها واطرافها, وخلافات على مناطق النفوذ مع الميليشيات الأم المتواجدة أصلاً والتي ليست مستعدة, بالتأكيد, للتنازل عن مكاسبها على الارض والتي هي ثمرة جهود بُذلت ودماء أُريقت, وهذا ما قد تترتب عليه صراعات تتسبب في مآسٍ جديدة للمواطنين فيما لو التجأت الى السلاح في حلها, وحتى امكانية حل هكذا ميليشيات كما اكدت التجربة سيؤدي الى تحولها الى عصابات جريمة منظمة, لاسيما وان اُطرها وتشكيلاتها الخاصة متوفرة.

ان تشكيل ميليشيا جديدة او استدعاء ميليشيا قديمة لمسك الملف الامني, كما دعا زميل الشيخ الصغير في الحزب, المجلس الاسلامي الاعلى السيد صدر الدين القبنجي خطيب جمعة النجف الذي اقترح تسليم الملف الأمني لمنظمة بدر بعد فضيحة تهريب منظمة القاعدة الارهابية للمئات من ذباحيها من سجن ابي غريب اكثر معتقلات العراق حراسة, رغم وجود جيش يتبع للدولة, يُعد خرقاً فضاً لبنود الدستور وإمعان إجرامي في تشظية المجتمع العراقي وتقسيم البلاد على اساس طائفي بغيض.

ومن خلال معرفتنا لدوافع الشيخ الصغير المعروف بخطاباته ذات المسحة الطائفية, لاسيما عندما كان عضواً في مجلس النواب وكخطيب جمعة في جامع براثا وسعيه الدائم الى فرض هيمنة اصولية طائفية شيعية على المجتمع, فأننا نشكك بنواياه الحقيقية من وراء هذا الأقتراح , فهو يحاول فرض مقابل شيعي للصحوات المنتشرة في مناطق متعددة في البلاد, رغم وجود ظروف موضوعية فرضت تشكيل هذه الصحوات والتي أبلت بلاءاً حسناً في قتالها لعصابات القاعدة, كما اننا لم نسمع يوما بفرض هذه الصحوات لاجنداتها الخاصة في مناطقها من قبيل تشكيل محاكم شرعية خاصة بها خارج اطار الدولة وهو ما قامت وتقوم به الميليشيات الشيعية التي طرحت نفسها في باديْ الأمر, كحامي لجموع الشيعة من بطش عصابات التكفيريين لكنها شرعت مباشرة بفرض قيمها الأيديولوجية المتخلفة واجنداتها القمعية الخاصة على المواطنين في المناطق التي تقع تحت سيطرتها وشكلت محاكمها الشرعية الخاصة وفرضت الأتاوات على اصحاب المصالح والسكان بدعوى الحماية إسوة بما يقوم به ارهابيو الدولة الاسلامية في الموصل وغيرها من البلدات و منعت تطوير المناطق التي تسيطر عليها مالم تحصل على حصة معلومة من المقاولات والاستثمارات واصبحت جزءاً فاعلاً من دائرة الفساد والارهاب التي تثقل على كاهل المواطن البسيط وترهبه.
ان التمسك بالحلول الامنية لمشكلة الارهاب وعسكرة المجتمع دون الأخذ بالاعتبار الحلول الموازية الاخرى كمكافحة البطالة وتحريك الدورة الاقتصادية في البلاد وإحقاق الحقوق وضمان الحريات العامة وإتاحة فرص متساوية لكل المواطنين على حد سواء في إبداء الرأي وتقرير ما يروه مناسباً لهم بحرية وبدون إكراه وبما يتناسب مع القانون والدستور سيبقي البلاد في دوامة العنف ويديم معاناة المواطنين ولن يحقق مطامحهم في الأستمرارفي الحكم.

لم يستطع الشيخ جلال الدين الصغير ان يكون إلا إيّاه, وما دعوته إلا نفثة من نفثات جهنم, خصوصاً بوجود الشباب من انصار المركيز دي ساد الواقفون على أهبة الأستعداد لأرتكاب مجزرة.