المنبرالحر

يا أعداء الشيوعية اتعظوا !/ بشار قفطان

بين الحين والأخر يظهر على السطح من يمارس التهجم والتحريض على الشيوعيين العراقيين وحزبهم المناضل . لغرض نفث سموم الحقد والضغينة للاستفزاز وجر الحزب إلى مطباتهم الخبيثة .
متناسين إن من سبقهم راح إلى مزبلة ولعنة التاريخ غير مأسوف عليه.
أثبتت الوقائع وطنية الشيوعيين العراقيين منذ ممارسة نشاطهم في الربع الأول من القرن الماضي وحتى يومنا هذا, ولأجل ذلك تم تعويض بعض الضحايا الذين قدموا أنفسهم قرابين من اجل القضية الوطنية التي امنوا بها،ومنحهم ليس كل ما يستحقه مناضلو الحزب طيلة العقود الثمانية والنيف الماضية.
منذ بداية الإعلان عن تأسيس الحزب الشيوعي العراقي مطلع عام 1934.. خاض الحزب نضالا جماهيريا وبلا هوادة ضد مختلف أشكال الاضطهاد والاستغلال والسياسات التعسفية التي تعرض لها أبناء الشعب العراقي وفي شتى الميادين.. وقد وجدت القوى المهيمنة على مقاليد السلطة وبدعم من الدول الرأسمالية. ان الخطر الحقيقي الذي تواجهه تلك الأنظمة ومعارضة صارمة لسياساتها، الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، من قوة تأثير ونشاط الشيوعيين، وحزبهم الطبقي. وهي تعتبره رأس رمح لحركة التحرر الوطني أينما وجدوا..
لذا نرى ما قدمه الحزب الشيوعي من التضحيات الجسام أذهل الأعداء وجعلهم يتمادون ويوغلون في ممارسة مختلف الوسائل لاجتثاث الحزب من مجمل الساحة العراقية،, ففي شباط من عام 1949 أقدمت السلطة الحاكمة على تنفيذ أحكام الإعدام بحق قادة الحزب الشيوعي العراقي يوسف سلمان يوسف ( فهد ) وزكي محمد بسيم وحسين محمد الشبيبي، وحتى كان التأكيد على إعدام احد أعضاء المكتب السياسي السني او الشيعي فجاء الجواب من رأس السلطة العليا وقت ذاك يحبذ كلاهما من الشيعي والسني. وهذا مايؤكد الحقد على وطنيتهم..
ان عملية الإعدام وحملات الاعتقالات وإصدار الأحكام القاسية وانتزاع الاعترافات والبراءات سيئة الصيت لم تفل من عزيمة الشباب المندفع من اجل مصلحة الشعب والوطن..وقد تم تحقيق بعض المكاسب خلال تلك المرحلة النضالية من ابطال التوقيع على معاهدة بورت سموت وتحسين ظروف العمل، ونتيجة الضغط الجماهيري أيضا كانت تجرى التعديلات الوزارية وتغيير رئيس الوزراء بسبب هذه النضالات. وبعد عقد من الزمان حصل التغيير الجوهري في انتصار ثورة الرابع عشر من تموزالمجيدة عام 1958، وصار رموز مكافحة الشيوعية في العراق في خبر كان.. وتم اعتبار ضحايا الحزب شهداء، وأعمالهم لخدمة مصلحة الوطن والشعب.. وبعد ما تحقق من المنجزات الوطنية والتقدمية في ظل ظروف الثورة المجيدة ارتفعت من جديد نغمة معاداة الشيوعية، وكانت نتائجها الانقلاب الدموي في الثامن من شباط الأسود والذي أباح قتل الشيوعيين أين ما وجدوا واستهدف معهم كل من وقف ضد الانقلاب او دافع عن انجازات الثورة الوطنية في الرابع عشر من تموز. وكان ذلك البيان الدموي رقم (13) قد عزز من مكانة الحزب. بالرغم من تصفية قادة الحزب وكوادره في أبشع الصور، من التعذيب والقتل، وكان الشهيد سلام عادل وسائر الرفاق والأصدقاء والشخصيات الوطنية من العسكريين والمدنيين وما زال التاريخ شاهدا يذكرهم بكل احترام.
وعززت تلك الجرائم من تعاطف جماهير الشعب مع الحزب ومع ضحاياه، ولم تمض فترة طويلة على ذلك الانقلاب الدموي، حتى أطاح به حليفهم عبد السلام عارف في الثامن عشر من
تشرين الثاني وكشف الستار عن الجرائم التي ارتكبت واعتبرها من الجرائم بحق الإنسان والإنسانية لتبرئة الذمة، وقد عزز ذلك بكراس ( المنحرفون ).
ان العداء للحزب الشيوعي العراقي لايشرف أحدا، لما بذله الحزب من التضحيات الجسام من اجل مصلحة الشعب والوطن خلال مسيرته النضالية منذ بداية تأسيسه وحتى يومنا هذا، وقد
وقف الى جانب قضايا الشعب وبحزم ضد المعاهدات الاسترقاقية التي كانت تكبل البلاد خلال فترة الحكم الملكي الذي ارتبطت مصالحه مع الدولة البريطانية، وكانت ذروتها وثبة كانون من عام 1948 ضد معاهدة بورت سموث. وعمد تلك الوثبة بدماء زكية من رفاقه ومؤيديه. وخاض الحزب نضالا واسعا ضد قيام حلف بغداد مطلع خمسينات القرن الماضي. وكان كل ما يتعالى نضال الشيوعيين ودورهم البارز في النضال الوطني تبرز أصوات نشاز هنا وهناك للتقليل من دورهم ومن شانهم أو إلصاق التهم التي تثير مشاعر الناس البسطاء ضدهم لغرض تحجيمهم وإبعادهم عن المسرح السياسي.
ولكن يبدو ما زال من يسير في تلك الجوقة ولم يستفد من دروس وعبر الماضي البعيد والقريب، وأين صار مكان من حمل راية معاداة الشيوعية حينما مارسها خلال فترة وجوده في السلطة، ولأكثر من ثلاثة عقود. ونسأل هؤلاء الذين يفزعهم دور ونشاط الحزب الشيوعي العراقي الذي أعلن رأيه صراحة قبل الاحتلال للعراق من قبل الولايات المتحدة الامريكية وقوات متعددة الجنسيات رفضه المطلق للحرب المقترحة، التي أطاحت بالنظام فيما بعد. بالشعار العتيد ( لا.. للحرب.. لا للدكتاتورية ) وها نحن اليوم ومنذ اكثر من عقد من الزمان نحصد ثمار تلك الحرب. وكان الحزب الشيوعي العراقي أول من دعا إلى عقد مؤتمر وطني والاتفاق على برنامج ينضوي تحته كل من يريد تطور العملية السياسية في البلاد على اساس وطني بعيدا عن المحاصصة الطائفية والمذهبية والقومية، وذلك بعد سقوط النظام مباشرة ولكن ذلك لم يجد اذناً صاغية من البعض.
ان معاداة الشيوعية والشيوعيين في العراق معناه العودة الى ممارسات الدكتاتورية ونظامها البغيض من جديد. وعلى الذين يريدون النهوض بالوطن والشعب في هذا الظرف المعقد، الاتفاق على مشروع وطني بعيدا عن نهج المحاصصة البغيض والاعتماد على الهوية الوطنية..وتعزيز دور القوات المسلحة ومن يساندها من الفصائل في قتال عصابات داعش، وتحرير كامل التراب العراقي من دنسها. ان من يريد النهوض بالواقع الذي نعيشه اليوم عليه ان يضع نصب عينيه وحدة القوى والتيارات الوطنية العاملة على الساحة العراقية والداعمة للعملية السياسية ان توحد رؤاها في الاتفاق على المشتركات التي تجمعها.. بدلا من كيل الاتهامات للشيوعيين العراقيين وحزبهم.