المنبرالحر

هزيمة داعش وفكرهم الظلامي !/ صادق محمد عبد الكريم الدبش

داعش ليس فقط منظمة أرهابية متواجدة في بقعة جغرافية !.. هنا وهناك ؟
أن أفكار وثقافة وفكر وفلسفة داعش !.. موجود في عقول وثقافة أنظمة الدول العربية والأسلامية وسياساتهم ونهجهم !...
وحتى يصار الى القضاء عليه !.. وليس فقط على تنظيماته المسلحة وحواضنه وموارده وقدراته المختلفة !.. نحتاج لعقود وربما أكثر، لنتمكن من أقتلاع فلسفته وأيديولوجيته من جذورها ، ومن عقول وثقافة مجتمعاتنا وأنظمتنا المتهالكة والمعادية للحياة .
فنظامنا في العراقي على سبيل المثال لا الحصر !، يحارب داعش عسكريا !.. وينتج لنا ثقافة وأعراف وقيم وسلوك !.. لا يختلف عن فلسفة وفكر داعش ، بل يلتقي معه في مفاصل كثيرة ، ومناهج وقيم ومفاهيم يسعى لترسيخها في الدولة والمجتمع ، والشواهد على ذلك كثيرة !.. وهو بارع في فلسفته وأيديولجيته وفبركاته الأسلاموية ، القائمة على العنصرية والطائفية، وعلى التصحر الفكري والمعرفي ، من خلال تغييب للثقافة والأداب والفنون وقتل الأبداع ، ومعادي للديمقراطية وللمواطنة ولحرية الأختلاف ، وللمرأة وحقوق الناس !.. ولمعتقدات هذه الشرائح التي تختلف معه !.. وما يؤمن به هؤلاء .
هذا النظام الساعي لبناء وترسيخ مفهوم الدولة الثيوقراطية !.. التي تفرض على الناس رؤيتها !.. وما تؤمن به من قيم وتعاليم ومفاهيم جاهزة ومفبركة ، والتي هي بالضد من حركة الحياة وقوانين التطور الطبيعي للمجتمع البشري .
فكيف لنا أن نهزم داعش وأخواتهم وأخوانهم ؟ ... وهل معقول هذا أو مقبول ؟.. عند العقلاء والأسوياء ؟.. ويقبلوا بأن هزيمة داعش في الفلوجة والرمادي وعانة وراوة وهيت والقائم ؟.. وغدا في نينوى وبيجي والمناطق الأخرى ؟.. يعني أننا أنتصرنا على داعش ؟ ...
أعتقد ومن وجهة نظري المتواضعة !... وحتى لا أبخس حق من يختلف معي بهذا الأستنتاج !.. والذين قد يسفهوا ما ذهبت أليه ويستسخفونه !.. وأنا أحترم رؤاهم ورؤيتهم وما قرؤوا ويقرؤون ،من تجارب التأريخ !.. في الماضي والحاضر وما سيستجد من جديد في المستقبل المنظور !
عن مسيرة هذه الحركات الراديكالية المتطرفة والظلامية !.. وموقعها وما تشغله من حيز في ثقافة وفلسفة وعرف مجتمعاتنا ؟.. ولأسباب عديدة وتراكمات كمية ونوعية أفرزها الواقع ، وما أنتجته الأنظمة المتعاقبة وخاصة خلال المائة سنة !.. أي بعد سايكس بيكو وحتى اليوم .
علينا كسياسيين ..! وعامة الناس ومثقفين ومتلقي المعرفة والمتابعين لحركة الحياة في هذه المجتمعات ، وعلينا أن ننظر بموضوعية ومن دون غلو أو تطرف ، وبعيد عن العاطفة والأنحياز، ونبتعد عن الأمنيات والأحلام !..ونربط كل ذلك بحركة المجتمع البشري .
فمن خلال هذه الصورة القاتمة سنجد بأن السبب المباشر لكل الكوارث والتراجعات والهزائم والأنكسارات التي تعرضنا لها !؟.. كان سببه الأساسي هو !.. أنتاجنا لأنظمة أبوية دكتاتورية قمعية وظلامية ، وأقرب الى نظام ( الدولة الدينية ) بل ربما تلتقي بشكل وبأخر معها ومع فلسفتها ونهجها ، وكلاهما لا يقل أحدهم عن الأخر سوء !.. وكلاهما يسعيان لبناء وقيام الدولة الدينية ، والتي نرى الكثير من علاماتها يتم ترسيخه في نهج الأسلام السياسي الحاكم في العراق ، وما أنتجه من ثقافات ومعارف رجعية وظلامية ،وما رسخه من مفاهيم ، وما يفرضه اليوم على المجتمع والدولة ، وكلاهما يسيران نحونهج وفلسفة الفكر الديني السياسي المؤدلج واللاغي لحركة الحياة.
ومن يريد أن يلمع الوجه الكالح لهذه الحركات والقوى والأحزاب والأنظمة ، أو للبعض منها ، ولأسباب ومبررات هو من يعتقد بها !!.. أو يبررها ، ولأسباب تكتيكية أو لقناعات ستراتيجية ، أو لظرف سياسية مرحلي ؟.. فهذا يعود له وهو حر بما يعتقد ! ...
ولكني أعتقد بأن غير الخيار الذي أختارته أوربا ما بعد الثورة الأمريكية واالفرنسية ، والتي أذنت لظهور عصر النهضة ، وقيام الأنظمة الديمقراطية !.. الأكثر عدلا ومساوات ، غير هذا لن تتمكن شعوبنا من قطع شوط كبير ، وتبدء بدايات سليمة صحيحة ، لتتخلص من ثقافة داعش والقاعدة والنصرة وحلفائهما في العالم.
حتى نتخلص من هذه القوى الأكثر رجعية وظلامية وتعسف وراديكالية ، وأجتثاث وأقتلاع فكرهم الأرهابي والمعوق لحركة المجتمع !!؟.. علينا بالسعي لبناء الدولة الديمقراطية العلمانية ، دولة المواطنة وقبول الأخر ، ومن دون قيام هذه الدولة والفصل بين الدين والدولة !.. فلن يستتب السلام والأمان ، ولا التعايش والأنسجام بين مختلف المكونات والأطياف والأديان والمذاهب ، ولن يعم الرخاء والأزدهار ، ولن يتم القضاء على الفساد ولا على الفاسدسن والطائفيين والعنصرين.
15 /7/2016 م