المنبرالحر

60عاما على انتفاضة مدينة الحي الباسلة.. واعدام قادتها الميامين / بشار قفطان

(بالحي نصبوا مشانق نفرح بيها.. ونحييها نصعدها زغار كبار.. خل يسمع الثوار..)
مرت هذه الايام ذكرى عزيزة على قلوب العراقيين بشكل عام وأهالي مدينة الحي ومحافظة واسط بشكل خاص.
الذكرى الستون لانتفاضة مدينة الحي البطلة، وإعدام قادتها الشجعان.
عام 1956 كان عام التحدي في مدينة الحي والاصرار على مواجهة و منازلة سلطات النظام الملكي الاقطاعي، من اجل تحقيق العدالة وحرية واستقلال الوطن من الاحلاف والمعاهدات الاسترقاقية، وسعادة الشعب وتحرير ثرواته الطبيعية، من اجل العيش الرغيد. وظن الحكام ان ممارساتهم القمعية وسياسة الاضطهاد والاعتقال والملاحقة لأبناء المدينة ستنفعهم، وتطيل من امد حكمهم، حيث اتجهوا في التعامل مع المد الجماهري وسخط الشارع الى سياسة الحرب على المدينة واحتلالها عصر يوم الثامن عشر من كانون الاول من العام 1956، واستباحتها بواسطة فوج من شرطة قوة السيارة. فاستشهد ثلاثة من ابنائها كل من الشهيد كاظم عبد الصائغ، وركَية شويلية، والشهيد حميد فرحان الهنون، والعديد من الجرحى. واعتقال خيرة ابنائها من الرجال والشباب بشكل عشوائي، وتقديمهم لمحاكمات صورية، وتكبيل العديد منهم بسنوات من السجن. اضف الى ذلك صدور احكام قاسية يندى لها جبين الانسانية بحق قائديها الشهيدين على الشيخ حمود وعطا مهدي الدباس.
في مطلع شهر كانون الثاني عام 1957وتحديدا فجر يوم العاشر منه، اقدمت السلطة الغاشمة على تنفيذ جريمة الاعدام بحق البطلين، وسط اجراءات امنية مشددة، خشية الغليان الشعبي الذي تصاعدت وتيرته بين ابناء المدينة، تم تنفيذ تلك الجريمة بالرغم من التضامن والاحتجاج الدولي والاقليمي، من قبل المنظمات والحركات والاحزاب اليسارية مع الشهيدين.
توهم الحكام بتنفيذ جريمتهم الشنعاء انهم سيتمكنون من كسر شوكة وعزيمة ابناء المدينة، ويطفئوا الشرارة التي انطلقت منها تلك الانتفاضة الباسلة، التي هزت اركان النظام البغيض، بالرغم من الذي حصل للمدينة من استباحة حرماتها، ومن اعتقال العشرات من الاهالي، واختفاء العديد من المناضلين عن انظار السلطات. لكن ذلك لم يفت من عزيمة الشباب، واصرار ابناء المدينة على تحدي سطوة النظام الغاشم.
في عام 1957، واثناء زيارة اربعينية الامام الحسين عليه السلام في العشرين من صفر كان موكب قضاء الحي الكبير بأعداد المشاركين فيه، يعبر عن الفخر والاعتزاز بما قدمه ابناء المدينة من التضحيات الجسام في تلك الانتفاضة، وكانت ( الردات) التي اطلقها الشباب تستقطب العديد من المشاركين في المواكب الاخرى وتبث روح الحماس الثوري في النفوس، والقناعة بحتمية الانتصار. وهذا ما تحقق صبيحة الرابع عشر من تموز عام 1958.
الشاعر المعروف المرحوم حبوب الشيخ طاهر هو من وضع تلك (الردات الحسينية) وهي تعبير عن ارادة التحدي والاصرار على مواصلة النضال ضد النظام الملكي:
(بالحي نصبوا مشانق.. نفرح بيها.. ونحييها، نصعدها زغار كبار.. خل يسمع الثوار)، وكانت مجموعة اخرى تهتف (بالحي نزلوا قوتهم.. قابلناهم، دمرناهم.. كَبعناهم بثوب العار.. خل يسمع الثوار)
المجد والخلود لشهداء انتفاضة الحي الباسلة
ومجدا (للصاعدين الى المشانق مثلما ارتقت النسور الى السماء صواعدا)