المنبرالحر

القدس.. هل ستكون غرفة عمليات عسكرية لحرب عالمیة ثالثة ؟ / احمد جواد محمد

عام 1995 أثناء حكم الرئيس الأمريكي بيل كلنتون أصدر الكونغرس الأمريكي قانوناً ینص علی (وجوب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس). لكن كلنتون والذين جاؤوا من بعده أجلوا تنفيذ هذا القانون بحجة حماية المصالح الحيوية للولايات المتحدة. في عودة سريعة الى الماضي وتحديدا في اليوم الثاني من شهر تشرين الثاني عام 1917 اصدرت وزارة الخارجية البريطانية ممثلةً بوزیر خارجیتها آنذاك ( جيمس آرثر بلفور ) وعداً صادقت علیه الوزارة وأيده الملك البريطاني وفي هذا الوعد تنظر بريطانيا بعين العطف الى آمال اليهود في إقامة وطن قومي لهم في فلسطين، وكذلك تتعهد بالقيام بالتسهيلات التي تحقق هذا الوعد على أرض الواقع. بريطانيا وقتها لم يكن لها سلطة على فلسطين، سلطتها بدأت عام 1920 حين فرضت سياسة الإنتداب على فلسطين. بالعودة إلى قضية القدس وقضية نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس نجد إن الرئيس الامريكي الحالي دونالد ترامب قد ألمح في حملته الانتخابية وأكد في اكثر من تصريح على أهمية تنفيذ هذا الوعد وقد أعلنها رسمياً أمام مرأی ومسمع كل العالم. للربط بین عنوان المقال وموعد الإعلان لابد من العودة مرة أخرى الى العام 1917 ومعرفة الأسباب التي من خلالها وَعَدَ بلفور الیهود بهذا الوعد وأیضاً معرفة الأسباب والدوافع التي جعلت ترامب ينفذ وعده أيضاً. وعد بلفور جاﺀ في فترة ضعف الدولة العثمانية عندما هُزمت في الحرب العالمية الأولى وتشتت الدول العربية والإسلامية مما مهّد لإنشاﺀ الكیان الصهیوني. اليوم نرى إن تاريخ التشتت العربي والإسلامي يعيد نفسه من جديد ويعطي الضوء الأخضر لترامب من أجل تنفيذ وعده، ولأننا نتحدث الآن عن الحاضر المؤلم للعرب وللإسلام فلابد لنا من مراجعة تصريحات وخطابات وزير خارجيتها الاقدم في عهد الرئيس ريتشارد نيكسون وتحديداً لقاءه الذي نشرته صحيفة الديلي سكيب النيويوركيه عام 2012 حيث قال مانصه :- إن كلاً من الدب الروسي والتنين الصيني لن يقفا موقف المتفرج ونحن نمهد الطريق لقوتنا، خصوصاً بعد أن تشن إسرائیل حرباً جدیدة بكل ما أوتيت من قوة لقتل أكبر قدر من العرب، وقتها سيكون نصف الشرق الأوسط على الأقل قد أصبح إسرائيلياً. حدیث كیسنجر هذا يحتاج إلى أدوات مساعده، أدوات المساعدة تتلخص في التشتت والإنقسام العربي والإسلامي الحاصل الآن في الأمة العربيه، العراق، سوريا، مصر، ليبيا، تونس، اليمن، السعودية.. هذه الدول السبعة هي التي كانت تمنع تحقيق وعد بلفور. يضاف إليها طبعا إيران المعروفة بأنها جمهورية المسلمين الشيعة والذين يشكلون أغلبية سكانية لايستهان بها ولا بقوتها وبما تفرضها عليها مرجعيتها الدينية والسياسية، هذه الدول السبعة تعيش اليوم أزمة سياسية كبيرة داخل أراضيها وتعيش أيضا أزمة عدم ثقه وتخوف من بعضها البعض وهذا لوحده سبب قوي وكاف ليقول ترامب قولته هذه وينفذ وعده الذي قطعه على نفسه أمام أصدقائه وحلفائه اليهود. كلام الثعلب كيسنجر ليس كلاماً عادیاً وهو لیس تخاریف رجل مُسن، كلامه هذا اعتراف واضح وصریح بحقيقة ما جرى ويجري لكل شعوب المنطقة، كلامه هذا هو إعلان حرب عالمية ثالثة طرفيها هم الولايات المتحدة من جهة والصين وروسيا وإيران من جهة أخرى، وما يجري الآن ليس سوى تمهيد لهذه الحرب والتي ستكون شديدة القسوة بحيث لا يخرج منها سوى منتصر واحد هو الولايات المتحدة الأمريكية حسب كلامه ووجهة نظره، ويستطرد في كلامه ليقول:- من الرماد سنقوم ببناء مجتمعٍ جدید وسوف تكون هناك قوة عظمى واحده فقط باقية وسوف تكون هذه القوة هي الحكومة العالمية، لاتنسوا أن لدى الولايات المتحدة أفضل الأسلحة وسوف نقدم هذه الإسلحة الى العالم عندما يحين الوقت المناسب. إن قرار ترامب هذا بقدر ماهو مستفز للمسلمين عامة لكنه يصب في مصلحة أمريكا الانتهازية المستكبرة وبسببه سوف تشتعل الحروب وسوف ترتفع مبيعات الاسلحة الامريكية للدول العربية وتحقق أمريكا أرباحها السياسية والعسكرية والمالية على حساب البسطاء الأبرياء من الناس. الآن هل ستدرك الأنظمة العربية بأنها ليست سوى لعبة تحركها أمريكا وحلفاؤها اليهود من أجل أن يتسيدوا هم وحدهم على العالم؟ هل ستدرك الأنظمة الغبية هذه حقيقة سياسة التفرقة التي صنعتها لهم أمريكا وحلفاؤها ويعودوا إلى رشدهم؟؟ هل سيدرك العرب أن فرقتهم هذه وتناحرهم السياسي والديني سوف يجلب لهم ولشعوبهم الموت والخراب ؟؟ هل سيتحد العرب فيما بينهم من أجل أن يستعيدوا كرامتهم التي اغتصبها بلفور وترامب واليهود وباقي فحول الدول المؤيدة لقرار الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل؟