مجتمع مدني

ناشطون يحذرون من سعي الاتصالات الى فرض "رقابة ايجابية" على الانترنت / نبراس احمد

اكدت وزارة الاتصالات ان الهدف من مشروع الرقابة الايجابية على الانترنت الذي تعمل عليه والذي بلغ المراحل النهائية، هو حماية المجتمع العراقي من المواقع غير الاخلاقية والارهابية, مؤكدة ان المشروع يعتمد معايير دولية، فيما رحبت عضو في لجنة حقوق الانسان البرلمانية بمشروع الوزارة، الا انها اشترطت عدم شموله مواقع اخرى تتعلق بالحريات.
ورفضت عضو في لجنة الثقافة البرلمانية، فرض أي رقابة على الانترنت، تحت اي مبرر، كاشفة عن ان اللجنة ليس لديها علم بهذا المشروع وستناقشه لمعرفة حيثياته تمهيدا لاتخاذ موقف رسمي بشأنه.
وفي حين رفض صحفيون واعلاميون فرض رقابة على الانترنت لخشيتهم من ان تتحول "الرقابة الايجابية" على المواقع الاباحية والارهابية الى رقابة على جميع المواقع الثقافية والفكرية والسياسية التي لا تنسجم مع اراء وزارة الاتصالات او توجهات الحكومة الحالية، دعوا الحكومة ووزارة الاتصالات الى مناقشة اي نوع رقابة مع منظمات المجتمع المدني المعنية قبل تنفيذه.
وقال المدير العام لشركة الانترنت في وزارة الاتصالات,علي القصاب, لـ"طريق الشعب", امس الاربعاء, ان "الهدف من مشروع الرقابة الايجابية على مواقع الانترنت الذي تعمل عليه وزارة الاتصالات هو حماية العائلة العراقية التي هي اساس المجتمع, حيث ان المجتمع له عاداته وتقاليده التي تحكم افراده ونحن كوزارة فنية نهتم بهذا الجانب من الموضوع", معتبرا ان "تلك المواقع غير الاخلاقية هي عامل ضعف في المجتمع وتؤثر عليه سلبا".
وأعلن وزير الاتصالات حسن كاظم الراشد، في مطلع الشهر الجاري في مؤتمر صحفي بمحافظة بابل، عزم وزارته فرض "السيطرة الايجابية" على مواقع الانترنت، عازياً ذلك الى المحافظة على النسيج الاخلاقي والاجتماعي في العراق.
واضاف القصاب، ان "الرقابة تتضمن ايضا المواقع التي تحرض على العنف الاسري واستغلال الاطفال وهذه المواقع منافية للدين والاخلاق والعادات العربية".
وأكد ان "الحجب لن يمس المواقع التي تعبر عن حرية الرأي كالمواقع السياسية والاجتماعية والثقافية وانما تمس المواقع التي تحرض على الارهاب والعنف", موضحا ان "المشروع يعتمد ضوابط ومعايير دولية ومن ضمن هذه المعايير هو الالتزامات الاخلاقية والدينية وكذلك ان هذا المشروع معتمد في جميع البلدان المجاورة للعراق".
واردف المدير العام لشركة الانترنت في الوزارة، ان "الدستور العراقي كفل الحرية المطلقة ولكن بشرط ان لا تلحق الاذى بالمجتمع وابنائه", منوها بان "هذا المشروع في مراحله الختامية وبعدها سيتم تطبيقه على المواقع المحددة".
بدورها، قالت عضو لجنة حقوق الانسان البرلمانية, ختام الربيعي, لـ"طريق الشعب", امس، ان "المواقع غير الاخلاقية والمحرضة على العنف مسيئة للانسان ونحن لجنة حقوق الانسان ضد تلك المواقع ومع قرار وزارة الاتصالات", الا انها شددت على انه "يجب الا تمتد الرقابة على المواقع التي يعبر فيها الفرد عن آرائه, ونحن ضد تقييد الحريات ومن ضمنها مواقع التواصل الاجتماعي التي يعبر فيها الفرد عن آرائه".
واضافت، ان "هناك قاعدة تقول: الضرورات تبيح المحظورات حيث يتم تقييد الحرية في جانب معين اذا كانت هناك مصلحة عليا ويجب ان تكون الجهات الامنية المختصة هي التي تحددها وليست وزارة الاتصالات", لافتة النظر الى ان "اللجنة ضد الرقابة بوجه عام ولكن هناك حالات معينة تحتم ان تكون هناك رقابة سواء تكون مختصة بالاخلاق او الامن الوطني وان المصلحة العليا للبلد هي التي يجب ان تحدد هذه الرقابة".
من جهتها، قالت سروة عبد الواحد,عضو لجنة الثقافة والاعلام البرلمانية, لـ"طريق الشعب", امس، ان "فرض اي رقابة من اي نوع كانت هو تقييد لحرية التعبير والرأي، وانا برأيي الشخصي ضد فرض اي نوع من الرقابة على الانترنت، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي والمحطات التلفزيونية وعلى الاعلام بشكل عام, لان هذا يسهم في فرض عقوبات اخرى على الصحفيين وعلى من يريدون ان يبدوا اراءهم بصورة صريحة"، مضيفة ان لجنتها "ليست على بينة من هذا الموضوع وستتم مناقشة هذا الموضوع داخل اللجنة لاتخاذ الاجراءات المطلوبة لمعرفة حيثيات هذا المشروع ومعرفة جميع جوانبه".
واستطردت عضو لجنة الثقافة والاعلام البرلمانية، ان "هناك امورا كثيرة يجب ان تتوضح حول هذا الموضوع لكي يكون لنا تصور كامل حوله وبعدها سنقوم باتخاذ الاجراءات"، مبينة ان "من تلك الامور هو انه تجب معرفة الجهة المسؤولة عن هذه الرقابة هل هي المؤسسات الامنية ام هيئة الاتصالات".
وعدت "المواقع غير الاخلاقية ومشاهدتها من قبل الناس امرا شخصيا وليس من شأن هيئة الاعلام والاتصالات ان تفرض قرارا على الاخرين,وان تلك المواقع ليس لها تأثيرات على المجتمع كالمواقع الارهابية التي تحرض على العنف وبالنتيجة هذا الامر يعود الى شخصية المواطن".
من جانبه، قال مشرق عباس، مدير بيت الاعلام العراقي, لـ"طريق الشعب", امس، ان "اية رقابة يتم فرضها على اي موقع سواء كان الكترونيا او غير الكتروني يشترط ان تكون بحدود وضمن رؤيا تضعها المنظمات المعنية في الصحافة والاعلام, اي بمعنى يجب ان لا يتم تصنيف ما هو اخلاقي وما هو غير اخلاقي وما هو شرعي وما هو غير شرعي الى تصنيف كيفي من قبل الحكومة فقط", مشددا على ان "التصنيف يجب ان يكون بين المنظمات المعنية والسلطات الحكومية لاننا لا نثق بشكل عام بان تقوم السلطات بمهمات منفردة في هذا الاطار".
وحذر عباس من ان "ترك مثل هذا الامر بيد السلطات ربما يتحول الى موضوع انتقام سياسي او انتقام ثقافي، وهذا امر خطر ويجب ان ترتبط القضية بفتح حوار ثقافي واعلامي قبل الاقدام على مثل هذه الخطوات".
الى ذلك، قالت عضو النقابة الوطنية للصحفيين العراقيين، الأكاديمية ارادة الجبوري, امس, لـ"طريق الشعب", ان "الرقابة على مواقع الانترنت حتى لو كانت تحت مبررات اخلاقية يجب عدم فرضها لانها ستمدد لتشمل المواقع الاخلاقية وغير الاخلاقية"، مسترسلة "في مسألة الارهاب نحن نخشى في لحظة معينة تحت مبرر ما ان يتم تصنيف بعض المواقع التي تتبع سياسة معينة تحت مواقع الارهاب"، موضحة ان "التنظيمات الارهابية عادة ما تكون خارجة من المجتمع اي ان المجتمع هو من يقوم بتنظيم احواله ولا تستطيع اي سلطة معينة متخذة رقابة شديدة قادرة ان تمنع الاشخاص من اي موقع سواء كان الكترونيا او غيره".
ورأت الجبوري، ان "الدولة يجب الا تتبع سياسة الخفاء كما كان في السابق حيث كانت الرقابة شديدة على بعض الكتب والمجلات ولكن كان البعض يتداولها خفية عن السلطة, ويجب ان تكون كل الامور معلنة امام الانظار حتى يتم الانتباه اليها وتتم السيطرة عليها بالتوجيه والارشاد".