مجتمع مدني

وطنية العامل العراقي علي عبد الله / نوار احمد

أكدت الطبقة العاملة العراقية عبر تأريخها المجيد انها تمتلك شعوراً عالياً بمسؤوليتها الوطنية تجاه قضايا شعبنا المختلفة، فهي في الوقت الذي تناضل من اجل الدفاع عن حقوقها ومصالحها الطبقية لضمان حياة حرة كريمة لجميع أبنائها بغض النظر عن انتماءاتهم القومية او الدينية او السياسية، ناضل أبناؤها وعبر مختلف الوسائل والطرق للدفاع عن الوطن والشعب بروح عالية وتقديم التضحيات حد الشهادة من اجلهما كما فعل أول شهيد في ثورة العشرين التحررية العامل حميد رشيد النجار الأخرس الذي ضحى بحياته من أجل استقلال وطنه من الاحتلال الأجنبي.
اليوم العامل العراقي الشهم علي عبد الله يؤكد حقيقة ما سارت عليه طبقتنا العاملة في التضحية من اجل مواجهة الإرهابيين القتلة الذين احتلوا بعض المدن العراقية. رغم وضعه المادي الصعب وأجوره البخسة في ميزانية بلد تبلغ العشرات من مليارات الدولارات ومئات التريليونات من الدنانير العراقية التي لا نصيب له فيها كونها مسخرة لمن لا يستحقها من المتنفذين في الرئاسات الثلاث والدرجات الخاصة وتجار الحروب والمزايدين على كادحي شعبنا وطبقته العاملة من السياسيين الذين لا هم لها الا جني الأموال والسحت الحرام بعيدا عن هموم ومصالح شعبنا وهم من يتربع على مافيات الفساد المالي والإداري في المؤسسات الحكومية كافة.
يكتب العامل العراقي الوطني علي عبد الله الذي يتوجه الى جبهة القتال ضد عصابات داعش الإجرامية رسالة الى مدير عمله يقول فيها :
الاستاذ المدير منذر
اني العامل علي عبد الله اعمل في شارع الضغط محلة 345 استلمت راتبي البارحة اعطيته لزوجتي وانا ذاهب للقتال مع الحشد الوطني وسابقى شهراً ومن حقك ان تفصلني بس احلفك بعلي واولاده ان ترجعني للشغل اذا رجعت من الجبهة سالماً واذا ما رجعت اجعل ابني عامل بدلي والله المعين
ابرينه الذمه
العامل علي عبد الله
هل أطلع أي من المسؤولين الذين يقبضون الملايين من الدنانير على حال العامل علي؟ اجور لا تسد الرمق. اجور في ظل عمليات النهب والسلب لا مكان لها.. وتؤكد ان العامل العراقي بلا ضمان له ولعائلته في ظل عدم وجود قوانين تحميهم من التعسف والاستغلال.. في ظل سلطة تشريعية تهتم بتجميل نوابها أكثر مما تهتم بتشريع قانون عمل جديد مركون لديها منذ سنوات. ومسودات لقانون يسمى الضمان الاجتماعي لا يعرف أين مصيره!!.
العامل العراقي علي يتحدث بمرارة عن عدم ضمان إعادته إلى عمله في حالة ذهابه إلى جبهة القتال دفاعاً عن وطنه وعودته سالماً !! أي مهزلة ومسخرة انتم ايها السادة وزراء ونواب ومسؤولين لا تضمنون حق عامل مستعد للتضحية بحياته من اجل الدفاع عن وطنه !!.
ان ما يعاني منه العامل العراقي الشهم علي عبد الله من عدم ضمان مستقبله ومستقبل عائلته هو ما يعاني منه جيش البطالة في بلادنا.
حيث إن مشكلة البطالة واحدة من أخطر المشاكل التي يواجهها العراق الآن، إن لم تكن أخطرها على الإطلاق، ولا يكمن ذلك في إن ارتفاع عدد العاطلين عن العمل يمثل هدراً في عنصر العمل البشري مع ما ينجم عنه من خسائر اقتصادية فحسب، بل من النتائج الاجتماعية الخطيرة التي ترافق حالة البطالة، ولاسيما بين الشباب. إذ ارتفاع البطالة يعني انعدام إمكانية الحصول على الدخل، مع ما يترتب على ذلك من خفض مستوى المعيشة ونمو عدد من يقعون تحت خط الفقر، فضلاً عن أن البطالة تعد بيئة خصبة ومؤاتية لنمو الجريمة والتطرف وأعمال العنف.
هكذا يمكن تصور العلاقة الجدلية التي ستنشأ بين الفقر والإرهاب، فالإرهاب ينمو ويزدهر في ظل الفقر ومجتمعات التهميش، كما أن ضحايا الفقر هم في الغالب من ضحايا الإرهاب، سواء كانوا ضحايا مباشرين أم غير مباشرين، والنتيجة أن أسراً وعوائل بالكامل تُزج عنوة في فقرٍ مدقع، بعد أن تفقد مُعيلها أو تنتهي قدرته على العمل، وهو ما يعني تشغيل أشخاص خارج قوة العمل من الأطفال أو من كبار السن، كما يفرض على النساء الأرامل والمنكوبات بفعل العمليات الإرهابية، البحث عن عمل في ظل فقدان المهارة الضرورية للحصول على عمل مجز. ومع عدم قدرة الاقتصاد على توليد وظائف جديدة في القطاعين العام والخاص. وعدم وجود التشريعات العمالية التي تنظم قضايا العمل والعمال على وفق المعايير العربية والدولية تضمن العمل اللائق والمستدام وبما يضمن حقوق ومصالح ومستقبل عمالنا.