مجتمع مدني

وفاة عمال مصابين بالسرطان مع سبق الاصرار والترصد / حميد عبد الرزاق

موت هؤلاء العمال كان بسبب اصابتهم بالسرطان الناجم عن اشعاعات اليورانيوم بسبب اهمال التحذيرات العلمية المؤكدة بخطورة مخلفات الحرب التي شنها التحالف الدولي ضد العراق في عام 2003 باستخدام السلاح المنضب باليورانيوم وهنا نشير الى وزارتي المالكي الاولى والثانية وخاصة وزارات الصناعة والمعادن والبيئة والصحة وانها قد تجاهلت مع سبق الاصرار والترصد استشارات علمية قدمت لها للتخلص من اثار الحرب ومنها المشروع الخاص بطمر النفايات المشعة الذي قدمته ورشة العمل الدولية التي نظمتها الجامعة التكنولوجية في (لوليو) في السويد، قبلها كان المشروع الذي تقدمت به جامعة اوهايو الامريكية للمساعدة في دراسة ومعالجة التلوث باليورانيوم المنضب، بل واهملت هذه الوزارات نتائج العشرات من البحوث والدراسات العلمية الاجنبية والعراقية في هذا المضمار ويذكر ان العديد من الباحثين في مجال البيئة كانوا يطمحون الى ان تقوم وزارة البيئة بدورها في معالجة المشاكل البيئية القائمة في العراق خصوصا وان العديد من الدول المتقدمة تمتلك خبرات غنية في تطبيقات الادارة البيئية كجزء من استراتيجية التنمية المستدامة.
وفي السنوات العشر الاخيرة شهدت البلاد ضعفاً بارزاً في الاداء البيئي بكثير من الاهمال والتقصير وكل ذلك انتج تداعيات وخيمة راح ضحيتها عراقيون ابرياء حيث توفي 31 عاملا من مجموع 68 عاملا مصابا بالسرطان في معمل الحديد والصلب في البصرة الذين تعرضوا الى اشعاعات اليورانيوم نتيجة استخدام السكراب كمادة اولية في صناعات مختلفة التي تضم اليات عسكرية ثقيلة تابعة للجيش العراقي تم تدميرها بالسلاح المنضب باليورانيوم.
وسبق لمجلس الوزراء ان اتخذ قرارا بالاستفادة من السكراب في عمليات التصنيع وصدرت التعليمات لوزارة الصناعة بالاستفادة من مادة السكراب ونقله الى معامل الحديد والصلب في البصرة وشركة الصمود العامة في التاجي، الا ان الوزارة المذكورة توقفت فيما بعد عن هذه العملية بسبب ارتفاع تكاليف النقل وليس بسبب اثارها السلبية على حياة العمال دون الاشارة الى التحذيرات العلمية من قبل علماء اجانب قاموا بأبحاث ودراسات ميدانية علمية في جنوب العراق ومنهم العالم الكندي (هاري) والعالم البريطاني (جارس) وشملت هذه الابحاث مدينة بغداد وضواحيها وكافة مدن وسط وجنوب العراق حيث وجدت ان نسب التلوث الاشعاعي تتراوح بين 10-30 الف ضعف الحدود المسموح بها دوليا.
وكانت دراسة مشتركة قامت بها وزارات الصحة والبيئة والعلوم والتكنولوجيا بينت وجود اكثر من اربعين موقعا ملوثا بمستويات عالية من الاشعاع وسموم ديوك سين تقع 25 منها داخل وحول مدن النجف والبصرة والفلوجة التي شهدت نسبة مرتفعة من الاصابات بمرض السرطان والولادات المشوهة وتحتوي عشرة مواقع بمستويات عالية من الاشعاع تضم مفاعلات نووية في منشاة التويثة وكشف مسح جوي انجزه فريق اجنبي متخصص وجود اكثر من 143 موقعا ملوثا باليورانيوم في 7 محافظات منها 22 موقعا ملوثا باليورانيوم في البصرة و40 موقعا في بعداد والأخرى موزعة بين محافظات الوسط والجنوب.
وتجدر الاشارة الى ان السكراب المتكون من الاليات العسكرية والمدنية قد تم تجميعها في منطقة المشاهدة وقضاء الطارمية ويمكن تقديرها بمئات الملايين من الاطنان من مادة الحديد لا تزال تشكل خطرا ليس فقط على البيئة العامة وإنما خطرا على سكان المناطق القريبة وقد تدفعهم الحاجة الى استخدام بعض اجزائها وخصوصا كأدوات احتياطية للسيارات القديمة ولأشياء اخرى دون ان يعوا خطورتها مما تعرضهم الى مخاطر الاصابة بالسرطان خاصة وان الاشعاعات المنبعثة عنها قد تستمر لملايين السنين الامر الذي يتطلب كخطوة اولى العمل على تسييجها بما يمنع المواطنين من الوصول اليها وتثبيت علامات تدلل على خطورتها وفي الوقت نفسه التفكير بكيفية الاستفادة منها عن طريق الاتفاق مع شركات اجنبية معروفة برصانتها عن طريق الاستثمار وإذا تعذر كل ذلك فمن الممكن ايجاد مدافن خاصة بها في مناطق لا يصل اليها احد وأي مشروع تجده الوزارات المعنية مناسبا للتخلص من مخاطرها.