مجتمع مدني

الغش في الامتحانات.. أسبابه وسبل الحد منه/ سلام السوداني

الغش في الامتحانات نزعة كامنة لدى الطالب غالبا ما تدفعه نحو الحصول على الاجابة من سؤال او اسئلة بطرق غير مشروعة لا تعكس في الطالب مستوى تعليميا حقيقيا ، ويحاول تحقيقها بأحدى الوسائل مثل النقل من زميل او من كتاب او (برشامة) . من وجهة نظر اخلاقية، ان لا يمارس الناس الغش ابدا، الا انهم يفعلون ذلك ، ولعل المعلمين يغضبون بشدة من الغش وذلك لأنه ما دام الطالب يهدف الى خداع المعلم، الذي ينظر الى الذنب بصفته موجها اليه شخصيا.
ان الغش يشوه سلم الدرجات في الصف، وبذلك فانه يوقع الظلم على طلاب الصف الاخرين ، ولما كان الغش في الامتحان يهم مساق المدرسة والدرجات فيها فأنه يبدو جنحة دنيئة قذرة ، واني اطلب من المعلمين ان ينظروا الى الغش في الامتحان بمقاييس اخرى غير اعتباره شرا مطلقا ، أي ان الغش امر طبيعي وعام ، لأن الاحتياطات الكبيرة التي تفرض في قاعة الامتحان والجو المتشنج ينمي الرغبة في الغش، وكلما زادت صعوبة الاسئلة زاد تزاحم افكار (الغش) في رؤوس الطلبة، فهو مسألة صعبة من الناحية النفسية وان المعلم الحكيم يأخذ احتياطات عادية من محاولات الغش ، لكنه من المهم له وبنفس الدرجة ان يستعمل انواع الفحص وممارسات التعليم التي توفر اقل ما يمكن من التبرير الفعلي لتلك المحاولات.
ولغرض الوقوف على هذه الظاهرة السلبية في الجسم التعليمي كان لصفحة ( تربية وتعليم ) جولة مع عدد من المعلمين والمدرسين والمشرفين والمهتمين بالشأن التربوي:
خلدون عبد الرسول كاظم / معلم
ان المستوى الاجتماعي الاقتصادي الثقافي للاسرة قد يشكل ضغطا على ابنائها لتحسينه بالحصول على الشهادة التي تؤهل حاملها للحصول على وظيفة ذات مركز ودخل ، فأذا لم تكن القدرات العقلية كافية والظروف المعيشية ملائمة فأن الطالب قد يلجأ الى وسائل ملتوية لتحقيق ذاته من بينها الغش في الامتحان ، كما ان طموحات وتطلعات الوالدين الذين يضغطون على ابنائهم بالحاح لكي يحققوا النجاح من اسباب توجه الطالب نحو الغش. ان البيت يلعب دورا هاما ورئيسا في العملية التربوية ، فالبيت الذي يعاني فيه الطالب من علاقات اسرية مفككة يخلق جوا غير?ملائم للدراسة ، ما يدفعه احيانا لاستخدام الغش في الامتحانات كشكل من اشكال التعويض.
نجاة علي محسن / مدرسة
اعتقد ان سلوك الغش لدى الطلبة يعود الى عملية التنشئة الاجتماعية وهي عملية تعلم وتعليم وتربية تقوم على اساس التفاعل الاجتماعي وتهدف الى اكساب الطالب سلوكا ومعاييرواتجاهات مناسبة لادوار اجتماعية معينة تمكنه من مسايرة اقرانه والتوافق معهم والتنشئة الاجتماعية تتمثل في ثلاثة محاور: المدرسة والاسرة والثقافة، واذا اختلت هذه المحاور فسيختل النظام الاجتماعي ما يؤدي الى ظواهر مرضية انحرافية مثل ظاهرة الغش في الامتحانات وهي تشمل الغش في الجامعات والمدارس الثانوية والمتوسطة والابتدائية وباساليب مختلفة ومتنوعة.
سعد محسن عبد الكاظم / معلم متقاعد
ان سبب ظاهرة الغش يعود الى عوامل اخلاقية مثل ضعف او اختلال التربية الاسرية ، ضعف الاطار القيمي لدى الطالب، انعدام اخلاق بعض المعلمين والمدرسين الذين يسمحون بالغش داخل القاعات الامتحانية وعوامل اخرى تتعلق بالمجتمع مثل عدم وجود الضوابط والقوانين الرادعة لكل من يغش ،صعوبة المناهج مع سوء نظام الامتحانات وعدم ادخال تعديلات جوهرية عليه لأنه ما زال منذ النظام الملكي ولحد الان ، ولم يتجرأ اي وزير تربية على تعديله ، كذلك ازدحام القاعات الامتحانية مع ضغوط بعض الاهالي على المراقبين واغرائهم بالاموال وعدم توفر السرية الكاملة للامتحانات اي حدوث خروقات داخل القاعات الامتحانية.
حسين محمد سلطان / مرشد تربوي
ان الضغوط النفسية المصاحبة للطالب من قبل اسرته للحصول على درجات متميزة مع المشكلات الاسرية والخلافات بين الاب والام وضعف القدرة على تنظيم الوقت والمذاكرة وضعف المراقبة في الامتحانات واستخدام نظم الامتحانات التقليدية وسوء المناهج، وان الرغبة القوية في الحصول على اعلى الدرجات لتحقيق القبول في كلية مرموقة ( بالنسبة لطلبة السادس الاعدادي ) تدفع كثيرا من الطلبة لممارسة الغش في الامتحانات ، واخر ابتكارات الغش في القاعات هي ( سماعة الاذن) .
سعاد خليل ابراهيم / مديرة مدرسة
ان عدم الاستعداد الكافي للامتحان يصاحبه صعوبة الاسئلة الامتحانية والرغبة في الحصول على درجات عالية والخوف من الرسوب والحرص على النجاح وعدم فهم المادة الدراسية او كره المادة الدراسية المعنية وتهاون المعلمين والمدرسين داخل القاعات الامتحانية بحجة "خطيه" كل هذه الامور تدفع الطلبة الى الغش في الامتحانات .
سلوى حازم شغاتي / مدرسة متقاعدة
ان صعوبة المادة الدراسية بالنسبة للطالب يصاحبه ضعف مستوى المدرس المقرر للمادة مع شعور الطلبة بعدم الامن ، زيادة الاهتمام بدرجات الامتحان، والتاثير السيىء للاخرين وتحريضهم ، ضعف ثقة الطالب في نفسه، مع المفهوم الخاطئ للغش كذلك ان ضعف الرقابة اثناء الامتحان كل ذلك يؤدي الى الغش في الامتحان، اضافة الى ان بعض مدارسنا تهتم بنسبة نجاح الطلبة وليس بمستوى هذا النجاح وفي كثير من الاحيان تحدد المدرسة هذه النسبة مسبقا مما يفقد الامتحان وزنه وقيمته الفعلية التي يجب ان تكون له بالفعل مما يضعف الرقابة على الامتحان الى حد?يدفع البعض من الطلبة لاستخدام الغش كما ان الجو اللاخلاقي السائد في المدرسة يمكن ان يكون له تأثير على اخلاق الطلبة وكذلك على حالات الغش في المدرسة.
سندس عبد الهادي / مشرفة تربوية
تتمثل اسباب القلق بـ ضعف شخصية المدرس او المعلم وطريقة تدريسه، التي تعد من المتغيرات المهمة، والتي لها علاقة بممارسة الطلبة للغش لان المدرسين ذوي الشخصية الضعيفة الذين يتصفون باللين واللامبالاة يشجعون الطلبة على ممارسة الغش. كذلك ان اتصاف بعض المناهج الدراسية بالصعوبة وعدم مراعاتها للمستوى العقلي للطلبة واهتمامها بالكم وافتقارها احيانا لعنصر التشويق، تؤدي الى تفاقم ظاهرة الغش بين الطلبة. الى ذلك ان تسامح المدرس او المعلم المراقب مع الطالب الغشاش باسم العامل الانساني، وعدم جديته في المراقبة وتهاونه، احد ال?سباب المشجعة على الغش وان تضخم المنهج وضعف الوسائل التعليمية والسمعية والبصرية مع غلبة الطابع النظري على المواد الدراسية وانتشار الملازم "الملخصات" وهجر الكتاب المدرسي، اسباب اخرى من اسباب الغش.
حسام علي ناجي / محامي
اوعز الغش الى جملة من الاسباب وهي: اكتظاظ الصفوف الدراسية والقاعات الامتحانية. انعدام الاتصال بين المدرسة والمنزل واولياء امور الطلبة بشأن تحصيلهم الدراسي يدفعهم للغش. ضعف العقوبة الفعلية التي توقع على من يدان بالغش . تكاسل الطالب وعدم رغبته في بذل الجهد وتعوده منذ المرحلة الاولى على الغش مع تردي القيم الخلقية لديه. عدم ثقة الطالب في نفسه ورغبته في التأكد من صحة اجابته. وعدم توفر الاجراءات الامنية الرادعة داخل وخارج المدرسة.
واخيرا، لا بد من اعادة النظر في اسلوب وزارة التربية الخاص بتقويم المدارس المختلفة للطلاب بحيث تدرس الظروف الموضوعية المحيطة بالعملية التربوية والتعليمية في هذه المدارس دون اعتبار نتائج الامتحانات هي الاساس الوحيد للتقويم وخصوصا شهادات البكالوريا حتى تتفادى هذه المدارس الغش في الامتحانات والتساهل في عمليات التصحيح ولا بد من مواجهة سياسية مع النظام التعليمي برمته من حيث المناهج الملائمة والمدرسين الاكفاء ونظم الامتحانات المناسبة المتنوعة التي لا تركز على الحفظ وانما تؤكد النمو العقلي المعرفي الحقيقي مع الاكثار من حوافز الطلبة المادية والمعنوية. كذلك من الضروري اعادة النظر في هيكلية اللجنة الدائمة للامتحانات فهي ليست لجنة دائمة بافرادها الذين مضى عليهم سنوات طويلة جدا وانما زجها بكوادر كفوءة ومدربة على نظم الامتحانات، لا سيما بعد هذه الخروقات التي نسمع عنها في تسريب الاسئلة الامتحانية الوزارية، فمن بين مهام وزارة التربية الاساسية هو الحفاظ على هيبة الامتحانات وسرية الاسئلة والعدالة بين الطلبة .