مجتمع مدني

التجاوزات.. ظاهرة اجتماعية واقتصادية خطرة / ايهاب القاضي

في شوارع العاصمة بغداد وساحاتها العامة، وفي العديد من مناطقها، غدت صورة التجاوزات واستغلال المباني والأرصفة والساحات أمراً شائعاً تراه في بغداد مثلما هو شائع في بقية المحافظات، لكن هذه الصورة غير القانونية وغير المتحضرة تفضح صورة اجتماعية أكثر بؤسا عن واقع المواطنين الذين يعانون الفقر والبطالة والبؤس الاجتماعي المزمن، وتدفعهم حاجة العيش الى البحث عن أي مأوى لإيواء عائلاتهم، واستغلال أي مكان من اجل البيع فيه والحصول على لقمة العيش.
هاتان الصورتان، مهما اتحدتا أو انفصلتا، لا تلغيان موضوعة التجاوز ومظاهرها غير الحضارية وغير القانونية من جهة، وهي تدق ناقوس خطر ينذر عن حالة بؤس جمعية تعيشها شرائح واسعة من المواطنين.
من داخل الصورتين/ صورة التجاوز التي تطورت واستفحلت، حتى أن بعض الأماكن، سواء في الأسواق أو المناطق التجارية أو الساحات العامة والأرصفة باتت تباع بمبالغ كبيرة من المتجاوزين عليها ! بينما راح البعض من «المتهاونين» من الموظفين في استغلال تلك التجاوزات كواقع حال لغرض الحصول على المزيد من الرشا، أقصد «الهدايا»!، الأمر الذي زاد من استفحال ظاهرة التجاوز في بغداد بعيدا عن البحث عن حل جذري وواقعي وقانوني لمعالجة التجاوز وانصاف المواطنيين، خصوصا باعة الأرصفة، مع ابداء المزيد من الحسم لبعض المتنفذين الذين يستولون على مبان وساحات عديدة تابعة للدولة بالقوة والترهيب.
هناك من يسكن في مباني الدولة، وهناك من أقام بيتا الى جانب مئات البيوت في عشوائية جديدة، وهناك من فتح مرآبا، وثمة وضع يده على مكان في منطقة ثم حوله الى قطع أراض سكنية وباعها بلا أي سند قانوني، ومقابل ذلك بات مناطق عديدة في بغداد والمحافظات تعيش حالة مزرية من الفوضى.
وهناك افتتح من افتتح محلا لبيع المواد الغذائية بالجملة، وعرض بضاعته على الرصيف، وآخر مظاهر الفوضى هناك من حول مكانا عاما الى جانب الشارع الى بيع المواشي والأغنام!
امانة بغداد تعلن بين فترة وأخرى عن اعداد خطة مشتركة مع قيادة عمليات بغداد لإزالة التجاوزات الحاصلة على شوارع وأسواق وأرصفة العاصمة بغداد، وتشير الى أنها ماضية بخطتها لإيجاد البدائل للباعة الجوالين المتجاوزين على الشوارع والأرصفة عبر تهيئة ساحات نظامية مع تكليف دائرة الوحدات الانتاجية بإعداد نماذج العربات بتصاميم ذات طابع بغدادي وتهيئة ساحات وقوفها ومبيتها لقاء أجور معينة، كما أن اجراءات ازالة التجاوزات ستشمل أيضا موضوع بناء الوحدات السكنية العشوائية وايقاف تجريف البساتين والأراضي الزراعية».
ولكن ماذا بشأن آلاف العائلات التي لجأت الى بناء التجمعات العشوائية لإيواء أبنائها من البرد في الشتاء والحر في الصيف؟، وماذا عن المباني الحكومية التي يستولي عليها المتنفذون؟. ان المشكلة أكبر بكثير من تصريح استهلاكي مكرر يساق إلى الإعلام بين فترة وأخرى، بينما يبقى الفقير مضطرا إلى التجاوز، والمتنفذ مستمرا في تجاوزه، وبعض الموظفين «امبربشين بالرشاوي»!
قد نعذر البعض ولكننا لا نعذر الجميع
تقول المهندسة أم أيسر من أمانة بغداد: الحاجة والحرمان تدفعان البعض إلى التصرفات المرفوضة؛ كما فعل الكثيرون من إخوتنا الفقراء الذين اضطرتهم الظروف المعيشية القاسية التي فرضها «الطاغوت» على العراقيين طوال مدة حكمه المظلمة وضيق اليد والمورد الضئيل المحدود إلى القيام ببعض التصرفات المرفوضة عرفاً وشرعاً وقانوناً، والتي تصدرتها ظاهرة الاستيلاء على مساحات صغيرة من الأراضي أو أجزاء صغيرة من المباني العائدة للدولة، واتخذت منها سكناً ومأوى لهم ولأسرهم. وهذا الأمر بالرغم من مخالفته للشرع والقانون، قد يكون مبرراً ومقبولاً نسبياً؛ بناء على النوايا والدوافع والظروف التي أجبرتهم على هذا التصرف، لكن أغرب ما في الأمر وأعجبه، وما لا يمكن تبريره إطلاقاً، هو مشاركة عدد كبير من الميسورين، أو من يملكون دارا سكنية وربما أكثر، وهم معروفون من الآخرين بامتلاكه المال الذي يسيّر معيشته بحال مقبولة، الفقراء في هذه الظاهرة، طمعاً في حطام الدنيا وزخرفها، فتحملوا العيش في أماكن ربما لا تصلح للعيش الإنساني، وأجبروا عائلاتهم على تحمل هذا الوضع المزري، حيث لا تتوفر فيها أبسط مقومات العيش المقبول، على أمل أن تقوم الحكومة بتمليكهم ما استحوذوا عليه أو حصولهم على مكاسب مادية جراء ذلك.
وحتى هذا ربَّما يمكن تجاوزه والقبول به؛ نظراً إلى محدوديته وقلة القائمين به. إلاّ إنَّ ما لا يمكن قبوله أو تبريره، هو استمرار هذه الظاهرة السلبية حتى يومنا هذا، واتساعها لتشمل الاستيلاء على قطع من الأراضي الفارغة في مناطق راقية ذات أثمان باهظة، أو عدد كبير من الدونمات التي تعود ملكيتها إلى الدولة والقيام ببيعها كقطع زراعية للسكن، لقاء عقود خارجية لا قيمة لها قانوناً.
كله من جوّه راس «صدام»
وعقب مؤيد ناصر، موظف، قائلاً: كنت ولا أزال موظفا بسيطا أعمل في دائرة خدمية، ليس فيها أيّة امتيازات أو مخصصات للعاملين فيها؛ ولهذا فإنني لم أتمكن من امتلاك بيت أو شقة، أو حتى قطعة أرض ولو صغيرة، نتخذ منها أنا وعائلتي سكناً ومأوى لنا. ولمّا كانت بدلات الإيجار في السبعينيات وبداية الثمانينيات بسيطة ومقدوراً عليها نوعا ما، فعلى سبيل المثال أنا كنت أسكن بيتاً جيداً وكبيراً نسبياً لقاء إيجار شهري لا يصل إلى ربع ما كنت أتقاضاه من راتب شهري آنذاك، على الرغم من بساطة راتبي، الأمر الذي حدا بي إلى القناعة وعدم التفكير بعمل ثانٍ أحاول من خلاله جمع مبلغ من المال وأشتري به مأوى لي ولعائلتي، يخلصني من الإيجار الذي تحول إلى معاناة وعبء ثقيل. إذ أخذت الأمور تتعقد شيئاً فشيئا؛ حتى بات الموظف والكاسب لا يقدران على توفير لقمة العيش إلى من يعيلونهم، إلاً إذا واصلوا العمل ليل نهار، وذلك بالعمل في أكثر من مجال عمل؛ وقد حصل كل هذا، بعد نجاح المخطط الغربي المتمثل بلعبة «تأميم الدكتاتور للنفط». وبعد فصول من مشاهد اللعبة، وانتهاء تمثيلية ما سمي «نجاح التأميم». والحقيقة أن الغرب كان يهدف من وراء تلك اللعبة إلى تحقيق أمرين: الأول هو الهدف إلى رفع الدول المصنِّعة أسعار منتجاتها الصناعية التي تصدرها لنا، أضعاف ما سيدفعونه من زيادات على أسعار النفط الذي يشترونه منّا.
والثاني: إعطاء صفة القوي المنتصر إلى عميلهم الدكتاتور، فعملوا منه بطلاً ينفذون من خلاله مخططاتهم التي كان من بينها حربا الخليج. وبعد أن حدث التغيير في 9/4/2003 وحصل ما حصل من فوضى في البلاد، اضطررت إلى السكن في إحدى المباني الحكوميَّة، والتي مازلت أسكنها مع مجاميع أخرى من العوائل الفقيرة، منتظرا أن تجد الحكومة حلاًّ لوضعنا المأساوي الذي نعيشه.
من مآسي الناس تصنع قصصا
وتحدثت السيِّدة أم نصير ربة بيت قائلة: تعوق زوجي في الحرب العراقية الإيرانية، وعندنا أربعة أولاد، كنا وما زلنا نسكن في الإيجار، إذ إننا الآن نسكن في شقة صغيرة مستأجرة، بعد أن كنا مستأجرين بيتا كبيرا وفي منطقة أرقى بعض الشيء من التي نسكنها حالياً؛ وذلك بسبب ارتفاع بدلات الإيجار التي لم نستطع تحملها أو مجاراتها؛ فاضطررنا إلى الانتقال من منطقة راقية نسبيا إلى منطقة «تعبانة» كما يطلق عليها ساكنوها، ومن بيت كبير إلى شقة صغيرة، لأن زوجي معاق ولا يقدر على العمل، والتقاعد لا يسد نصف مصاريفنا، خصوصا وإن ابني الوحيد وأخته الكبيرة يدرسان في الجامعة، وان أختيهما الأخيرتين طالبتان في الإعدادية.
وأضافت: طبعا سأترك لكم تقدير المصاريف التي تتطلبها مثل هذه العائلة المنكوبة بأبيها، وقد لا تصدقون إن قلت لك: إني خريجة جامعية، وأن عوق زوجي أبقاني إلى جنبه لرعايته وتدبير شؤونه، لم أتقدم بطلب تعيين؛ وبقينا معتمدين على تقاعد زوجي الذي لم يعد يسد المصرف والإيجار؛ ما دفعنا بعد التغيير إلى السكن في إحدى الشقق الكائنة في شارع أبي نؤاس.
وأضافت: وبعد مضايقات كثيرة خلال مدة إقامتنا فيها، وتهديدنا بوجوب إخلائها، إلاّ إن السكان، اتفقوا على البقاء في تلك الشقق التي لم يكن الحصول عليها سهلا، وعدم الخضوع إلى تهديدات من كانوا يأتوننا بالزي العسكري، مدعين أن لديهم أوامر بذلك، إلا أن «تكاتفنا»، وخصوصا بعد أن عرفنا بأنهم يريدون إخراجنا منها كي يسكنوها مع عوائلهم أو يبيعوها إلى الآخرين، أفشل محاولاتهم تلك!
أم نصير أضافت أيضا: وبعد أن قمنا بتظاهرات ومناشدات كثيرة إلى السيد رئيس الوزراء، تمت الاستجابة إلى مطلبنا وتمليكنا تلك الشقق.
لا أخفي عليك أشعر بالندم
وتحدث حامد جميل، متقاعد قائلا:
جراء قلة الراتب التقاعدي الذي كنا وما زلنا نتقاضاه، خصوصا نحن المحالين في التسعينيات وما قبلها، ونتيجة كبر سني الذي لا يساعدني على العمل، ولا أملك من الأولاد سوى ولد واحد مصاب بمرض التوحد الذي يستوجب العلاج النفسي المتواصل، والذي أصيب به نتيجة رؤيته خمسة من أصدقائه وزملائه في الدراسة، يقتلون أمام عينيه جراء القصف الأمريكي على جنودنا المهزومين من الكويت،أجبرت على الاستحواذ على مساحة صغيرة من الأراضي العائدة للدولة، واتخذت منها سكنا لي ولعائلتي. لكن فتوى المرجعية التي صدرت في حينه، وحرَّمت الإستيلاء على أموال الدولة وممتلكاتها؛ دفعتني إلى ترك هذا السكن والانتقال إلى مشتمل صغير استأجرته، بعد أن استحصلت ما أنفقته على بناء المشتمل الذي بنيته من «البلوك»، من الشخص الذي سكنه. ولا أخفي عليك، إنني أشعر بالندم كلما أمر بضائقة مالية على خسارتي المأوى الذي خلصني ولو لفترة قصيرة من الإيجار وشعرت خلالها بشيء من الراحة والاطمئنان من جهة، ومن جهة أخرى حين علمت بتمليك الحكومة تلك القطع المتجاوز عليها لساكنيها المتجاوزين.
«ناس امبربشه تعيينات.. وناس شابعة بطالة»
يقول ناصر نعمه، صاحب بسطية: تخرجت من كلية العلوم الجامعة المستنصرية، قسم علوم الحياة للعام الدراسي 2006-2007 وبعد تخرجي بدأت رحلة البحث عن تعيين، وكانت مراجعتي تنحصر في المديرية العامة للصحة، إلاّ أن أغرب ما في الأمر، هو إنني كل ما أراجع أصدم بعبارة  -لا توجد تعيينات ولا عقود في الوقت الحاضر- مكتوبة بخط واضح وكبير على ورقة «مقوى» مثبتة على أكثر من حائط، فأرجع أدراجي خائبا مهموما، لأعود بعد مدة فأجد القطعة لاتزال معلقة ولم يتغير شيء. إلاّ إنني أصدم من جهة أخرى حين سماعي أنَّ فلاناً من زملائي في الدراسة والمتخرجين معي، قد حصل على تعيين بعقد، عن طريق الدائرة صاحبة الإعلان ذاتها، والغريب إني عندما أراجع في اليوم التالي، على أمل أن لا أجد تلك القطع الباعثة على اليأس، وحصولي على فرصة تعيين كالتي حصل عليها بعض زملائي وأصدقائي، لا أجد شيئا قد تغيَّر، وعند سؤالي لأي موظف من العاملين، ينفي ذلك نفيا قاطعا ويؤكد لي أنني «غلطان»!؛ وبعد البحث والتحري عن طريقة تعيين زملائي، علمت أن القسم الأكبر منهم حصلوا على فرصهم عن طريق دفعهم مبالغ كبيرة «كهدايا»! لا أستطيع دفعها، والبعض الآخر وهم الأقل طبعا، قد حصلوا عليها عن طريق الوساطة والمعارف، في حين اني لا أملك هذا ولا ذاك؛ وقد اضطررت إلى العمل في أحد المختبرات الأهلية، وهذا طبعا، خصص لي أجراً مقداره 150 ألف دينار في البدء، بحجة أني لا أملك خبرة عملية، وعلي أن أدفع أنا لصاحب المختبر، لأنه سيعلمني ويمنحني خبرة تؤهلني إلى العمل في أي من المختبرات الراقية، وعندها سأتقاضى أجرا لا يقل عن 600 الف دينار. كما وعدني صاحب المختبر ذاته، بأنه في حال تعلمي واكتسابي الخبرة الجيدة، سأكون مخيرا، بين أن يضاعف أجري ومن ثم يزيده بعد مدة أخرى، أو ترك العمل لديه والانتقال إلى مختبر آخر يدفع لي أجرا أكبر.
وافقت على ذلك وعملت عنده، على أمل أن يعلمني في غضون شهر أو أقل؛ باعتباري دارسا لذلك، ولا أحتاج سوى الممارسة العملية. ولمّا وجدته يحاول إطالة بقائي والعمل عنده بالأجر البسيط؛ وكوني مسؤولاً عن عائلة، تركت العمل عنده؛ بل تركت حتى التفكير في العمل في مجال تخصصي؛ ومنذ عام 2008 وحتى يومنا هذا، وأنا أعمل على هذه البسطية التي أحصل منها على مصروف عائلتي، وإن كان هذا خاضعاً إلى رحمة وابتزاز مراقبي البلدية.
خريجون.. باعة على الأرصفة
فيما تحدث أبو محسن، متقاعد وكبير السن قائلاً: كل الباعة الذين تراهم على هذه الأرصفة وغيرها، أمّا خريجون أو متقاعدون، وكلنا من الفقراء والمكلفين بإعالة أسر بعضها كبيرة والأخرى صغيرة، وبالرغم من معاناتنا قسوة الحر في الصيف، والبرد والمطر في الشتاء، والتعب الشديد الذي يصيبنا، فإننا نحمد الله ونشكره ليل نهار، على رزقه لنا. ولكن لا يوجد شيء حلو كله، إذ بالرغم من إننا ندفع مبالغ شهرية «رشوة أقصد هدية»!، إلى مراقبي الأمانة كي يغضوا النظر عنا، غير أنهم يقومون بين فترة وأخرى بحملات تحت عنوان رفع التجاوزات، فيقومون بتكسير بسطياتنا بواسطة «شفل» يأتون به؛ فنضطر إلى جمع مبالغ إضافية ندفعها لهم، فضلاً عن الإذعان إلى مطلبهم بزيادة المبلغ الشهري الذي ندفعه لهم. وفي كل مرة يأتون فيها يقولون أنهم لا يقدرون هذه المرَّة على إبقائنا، كونهم مأمورين بإزالة كل التجاوزات التي على الأرصفة؛ كي نضطر إلى القبول بكل ما يفرضونه علينا.
بسطات ورشاوي
وتحدث المواطن صالح مهدي شاكر، بائع أقمشة قائلاً: أنا صاحب محل داخل هذه القيصرية التي تراها، إلاّ إن عزوف الناس وعدم تكليف أنفسهم عناء الدخول إلى القيصرية وشراء ما يريدونه من المحال الموجودة فيها؛ أرغمني على وضع هذه البسطية والبيع عليها، ما يعني أنني صرت أدفع فضلاً عن إيجار المحل، رشوة إلى مراقبي البلدية أسوة بالباعة المتجاوزين على الأرصفة، وهذا سبب الناس الذين يفضلون الشراء من البسطيات على المحال، بغض النظر عن كون البضاعة التي نبيعها في محالنا أفضل وأجود من التي نبيعها على البسطية.
دونمات للبيع ابكيفي
أمّا الرياضي كريم الياسري فإنه قال: نحن مجموعة من شباب الزعفرانية، قمنا قبل سنوات بتشكيل فريق لكرة القدم، واخترنا بستانا في منطقتنا، مساحته 20 دونماً لنتدرب فيه، لان ملكيتها، حسب ما علمنا، تعود إلى وزارة النفط، وقبل أشهر فوجئنا بشخص ومعه قوة يرأسها ضابط برتبة لواء، قاموا بطردنا بحجة أن البستان تعود ملكيته إلى هذا الشخص الذي قام بعد ذلك بتقسيمها وبيعها إلى المواطنين كأراض سكنية، بعقود خارجية!
مبروووك
لا بد من التخطيط والدراسة
وقال السيد عدنان شهاب، الخبير في تخطيط المدن والموارد البشرية: من مبادئ العمل الهندسي، وخصوصا في ما يتعلق بوضع التصاميم الأساسية للمدن، يفترض على القائمين وضع تصميم أساس، لأية مدينة سواء كان ذلك في العراق أو غيره، لأن هذا المبدأ لا يختص بمدينة أو دولة معينة، وإنما هو مبدأ عام ومعمول به في كل بلدان العالم، وهو أن يأخذ واضعو التصميم الأساس، لأية مدينة ضمن حساباتهم الزيادات البشرية وأعداد السكان المتوقعة، ولعقود طويلة، وبالتالي يضعون الحسابات الدقيقة للتوسعات والوحدات السكنية التي تتطلبها تلك الزيادة في عدد السكان؛ إلاّ أن ما حصل في بغداد من زيادة انفجارية في عدد السكان، وبالنظر إلى المساحات الشاسعة التي تحيط بغداد، والتي عدَّها واضعو التصميم؛ معينا لتدارك التوسعات المتوقعة، فقد ارتأوا أن تكون المساحات المخصصة لسكن العوائل كبيرة نسبيا، مع ترك فضلات كبيرة على جانبي معظم الشوارع، بالرغم من عرضها، لتكون تلك الفضلات حدائق ومشجرات أمام تلك الدور. إلاّ أنَّ فوضى ما بعد التغيير، غيرت كل ما خطط له. وكي لا أطيل في الكلام فإنني أقدم مقترحا إلى السيدة أمينة بغداد، بضرورة استغلال هذه الفضلات ذات المساحات الكبيرة، من خلال بناء محال أو أكشاك تجارية على طول الشارع، وتأجيرها إلى المتجاوزين حاليا على تلك الأرصفة، وبطريقة المزايدة العلنية، وبهذا تكون الأمانة قد حققت هدفين مشروعين في آن واحد، الأول: قطع الحجج والأعذار على المتجاوزين، والثاني: إعطاء جمالية للعاصمة بغداد عن طريق البناء الجميل والمنظم لتلك المحال أو الأكشاك، فضلاً عن تحقيقها مردودات مالية وإيرادات جيدة للأمانة يمكن أن تساعدها على تنفيذ وإنجاز الكثير من الأمور والمشاريع المعطلة جراء الوضع الاقتصادي الذي تعيشه البلاد، فضلا عن القضاء على التجاوزات العشوائية التي شوهت الصورة الجميلة لعاصمتنا الحبيبة بغداد.
كما فعلها «الزعيم»
ومن جانبه عقب السيد عصام الخطيب، الخبير في التخطيط الاستراتيجي لتنمية المدن قائلاً:
في ما يخص أزمة السكن، فإنني أستبعد إمكانية حلها في الوقت الحاضر، والكل يعرف السبب، أما الحلول الترقيعية فأنا لست معها، لذا أدعو المواطنين الكرام إلى الصبر والتحمل، إلى حين تمكن قواتنا الباسلة من إخراج العدو المحتل، وعودة أهلنا إلى منازلهم إن شاء الله. وعند ذاك يتوجب على الحكومة أخذ دورها في معالجة وحل أزمة السكن.
وأضاف: أقترح أن تخصص مساحات كبيرة من الأراضي الواقعة على أطراف بغداد، وأن يتم وضع تصميم أساس لمدينة جديدة، على غرار ما قام به الشهيد عبد الكريم قاسم. في إنشاء مدينتي الثورة والشعلة، وأن يتم توزيع قطع أراض على كل مواطن لا يملك عقاراً أو قطعة أرض مسجلة بإسمه في دائرة التسجيل العقاري، بمساحة «150 متراً مربعاً»، حسب ضوابط وشروط وأولويات تضعها لجان مختصة، وأن تقوم أمانة بغداد ووزارة البلديات والأشغال العامة ومحافظة بغداد بتنفيذ المشاريع الخدمية تنفيذاً مباشراً من كوادرنا الهندسية والفنية، كي نقلل من فرص الفساد المالي، وأن لا نلجأ إلى المشاريع التي يمكن أن تكون بوابات للفساد كما حصل في مجمع بسماية وأمثاله، وأن تناط مهمة الإشراف على إنجاز هذا المشروع المهم من بدايته وحتى الانتهاء منه، إلى أناس مشهود لهم بالأمانة والنزاهة والإخلاص والكفاءة، وكي نضمن نجاح هذا المشروع؛ ينبغي إبعاد المقربين من المتنفذين عنه؛ كونهم اعتادوا على أكل المال السحت ولا تهمهم مصلحة الوطن والمواطنين.
لا بد من الحسم والمعالجة
السيد فلاح الجزائري، عضو لجنة الخدمات في مجلس محافظة بغداد، تحدث قائلاً: بعد أن أتضح لنا، وقوف جماعة من المتنفذين وراء ظاهرة التجاوزات على ممتلكات الدولة، واستمرارها حتى يومنا هذا، تم في اجتماعنا المنعقد يوم 9/6/2015 اتخاذ قرار بالعمل الجاد لإيقاف هذه الظاهرة أولاً، والعمل بعدها على كشف المافيات التي تقف وراء استمرار وتوسع هذه الظاهرة اللاقانونية، وإحالتهم إلى القضاء؛ كي ينالوا جزاءهم الذي يستحقونه قانوناً. ثم أردف قائلاً: نحن جادون في هذا الأمر، وبعد أن يتحقق لنا ما نبغي، نبدأ المرحلة الثانية، والمتعلقة ببقية الإجراءات والمعالجات، لرفع التجاوزات الأخرى وإعادة بغداد إلى ألقها ورونقها اللائق.