فضاءات

الطبيب الذي أدار ظهره للثراء وكرس حياته لقضايا الفقراء.. الشهيد الدكتور محمد الجلبي

د.حسان عاكف
ولد الشهيد محمد باقر الجلبي في الكاظمية لعائلة بغدادية ميسورة عام ١٩٢٣. تخرج في كلية طب بغداد عام ١٩٤٥، منذ بدايات وعيه الاولى جذبته افكار التحرر الوطني والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وانعشته نسائم السلم والحرية، التي حملتها اخبار الانتصارات الكبرى في الحرب الكونية الثانية على قطعان النازية والفاشية..
مازال أهالي شواكة بغداد من مجاييله وأبنائهم يتذكرون عيادة الطبيب الديمقراطي المتواضع وصاحب الخلق الجم ، التي كانت ملاذا للمرضى الفقراء والمحتاجين في عقد الخمسينيات وحتى شباط عام ١٩٦٣ ، حيث اعتقل في قصر النهاية وعذب حتى استشهاده في تموز من نفس العام .
رشح الشهيد الجلبي ضمن قائمة الجبهة الوطنية في انتخابات مجلس النواب عام ١٩٥٤ عن مدينة بغداد، و التي فاز في عضويتها ١١ نائبا عن الجبهة، غير ان نوري السعيد ومن ورائه القوى الرجعية لم يتحملوا النتيجة فسارع وهو في لندن للضغط والغاء المجلس، قبل ان يكمل الشهرين من عمره، وهو لم يعقد سوى جلسة الافتتاح اليتيمة.
بعد ثورة الرابع عشر من تموز عين الشهيد الدكتور رئيساً لدائرة صحة بغداد.
اصبح مسؤول لجنة المثقفين في الحزب الشيوعي في منطقة بغداد، وتذكر زوجته د. بثينة شريف ان رفاقه وزملاءه المثقفين اقاموا له حفلة بمناسبة خطوبته في بيت الشاعر بلند الحيدري، انشد فيها مظفر النواب وغنى بعضا من قصائده. حضر الحفلة نخبة من المثقفين من اعضاء الحزب ورفاقه. من أصدقاء الشهيد واصدقاء العائلة المقربين ، كما تذكر السيدة بثينة، د. فاروق برتو ود. قتيبة الشيخ نوري وزوجته سميرة بابان ود.رحيم عجينة وزوجته بشرى برتو ود.محمد سلمان حسن وزوجته ايسر الخفاف ود.مهدي مرتضى وآخرين تعتذر د.بثينة لانها لا تتذكرهم جميعا.
تضيف الرفيقة بثينة شريف ان الشهيد كان حريصا على ان يرتبط يوم زواجهما بذكري حدث وطني هام، لذلك إختار يوم ٢٧ كانون الثاني عام ١٩٦٣ حيث الذكرى الخامسة عشر لوثبة كانون يوما لزواجهما..
لم يكمل زواجهما اسبوعه الثاني حيث وقع انقلاب ٨ شبا الاسود وقامت قطعان الحرس القومي باعتقاله من داره في كرادة مريم يوم ١٠ شباط بمعية الدكتورين ابراهيم كبة ومحمد سلمان حسن اللذان كانا معه في البيت.
ستبقى ذكرى الشهيد محمد الجلبي ورفاقه الابرار وصمة عار على جبين القتلة الجبناء على مر التاريخ.
الصحة التامة والعمر المديد للرفيقة بثينة شريف.