ادب وفن

المسرح هو الأم للفنان / نضال عبد الكريم

ربما كنت أرغب أن أكتب عن عمل مسرحي عشت تفاصيله كاملة، وعندما قرأت ما كتبه الزميل فاروق صبري عنه، وهو امتحان الموديل الذي كان يمثل مشاركة مع الفنان فلاح هاشم، لهذا عدت بذاكرتي إلى حدث مسرحي تعرضت له قامة مسرحية وهي تؤدي دورها على خشبة المسرح، وقد شغل الحدث كل الأوساط المسرحية بما فيهم الأوساط الفنية التابعة للحكومة آنذاك، لهذا تقرر إرسالها على حساب الدولة العراقية للعلاج في لندن، وهذا الحدث أضاف الكثير إلى هذه القامة المسرحية المتميزة، مما جعلنا نتابع أخبار علاجها يوميا، وبالفعل فقد تم علاجها وعاد لها البصر من جديد وكانت فرحة كبيرة لنا جميعا، رغم ما عرفنا بعد ذلك من تلكؤ في مواصلة العلاج من قبل السفارة العراقية في لندن.
عادت فنانتنا القديرة ناهدة الرماح إلى العراق، بعد رحلة العلاج وهي ترتدي نظارات طبية وهذا أمر طبيعي على ما يبدو، واعتزازا بها وبعودتها وهي ترى خشبة المسرح مثلما كانت تراها سابقا، جرت لها لقاءات عدة في التلفزيون وعدد من المسارح، مثلما جرى لها لقاء مع جمهور مسرح الستين كرسياً، احتشدت قاعة المسرح بجمهور أغلبه ظل واقفا في القاعة التي لا تستوعب مصاطبها لأكثر من ستين شخصاً، ويبدو الإعلان عن الفعالية جعل الكثير من الجمهور يحضر تلك الأمسية، حين دخلت القاعة كنت واقفة في بداية مدخل القاعة، ومثل عروس تدخل إلى غرفة عرسها نثرت الجكليت على رأسها وزغردت لها بكل عذوبة، عندها أحتظنتني وقبلتني، ثم توارد عليها زملاؤنا الفنانون عانقوها وأسمعوها كلمات الاحترام والحب.
عندما بدأت حديثها عن دورها في النخلة والجيران، شعرت بأنها لا ترى شيئا، وحدث ما حدث، وعادت إلى البيت، وكانت بحاجة فعلا للعلاج السريع، ولكن ضيق اليد يمنعها من ذلك، تقول:"أكثر ما جعلني أحب المسرح هو مجيء نساء قرويات ورائحة الأبقار في فوطهنَّ يقدمن لي الذهب من أجل العلاج، عندها أفتهمت أن المسرح هو الأم الحقيقية للفنان".
أتذكر تلك الحادثة لأقول بصدق لو كان مسرحنا العراقي معافى لما حلت بشعبنا كل هذه الكوارث، لأن المسرح هو الأم التي تحمي الوطن والشعب.