المنبرالحر

الجامعة العربية: إشكالية حقوق الإنسان..!؟ / باقر الفضلي

عندما يجري الحديث عن الدول العربية، فإنه بأي حال من الأحوال، ينصرف الى طبيعة الأنظمة السياسية التي تحكم تلك الدول أو تتحكم فيها، وما يميز الدول العربية عن غيرها، خاصيتها في أنها ولأسباب بنيوية، قد تجمعت في تشكيل يمتلك الصفة الإعتبارية، بعد أن ضمتها منظومة الجامعة العربية، التي تمتلك على الصعيد الدولي، تلك الخاصية الإعتبارية، ويجري التعامل معها من قبل المجتمع الدولي بإعتبارها ذات شخصية إعتبارية، وتمتلك الشخصية القانونية، ومن هنا يجمع المراقبون السياسيون ودارسو العلاقات السياسية والتنظيم الدولي بصفة خاصة على أن إنشاء جامعة الدول العربية يعد أهم حدث شهده تاريخ العالم العربي المعاصر..!
ولأهمية ما تكتسبه حقوق الإنسان من أهمية تأريخية ودولية، فقد عقدت الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان )FIDH( بالتعاون مع المنظمة العربية لحقوق الإنسان )AOHR( ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان )CIHRS( والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية )EIPR( يومي 16 و17 فبراير/شباط 2013 بمدينة القاهرة ورشة عمل إقليمية جمعت أكثر من 50 مدافعا عن حقوق الإنسان يمثلون منظمات محلية وإقليمية ودولية غير حكومية، وكذلك خبراء لحقوق الإنسان من مختلف النظم الإقليمية والعالمية لحقوق الإنسان.، لمناقشة التحديات التي تواجهها جامعة الدول العربية على مسار تحسين حماية وتعزيز حقوق الإنسان في المنطقة، ولإقتراح رؤيتهم لإصلاح وتدعيم مكون حقوق الإنسان بجامعة الدول العربية.
ومن هذه الزاوية، يمكن القول؛ بأن إشكالية ( حقوق الإنسان ) بالنسبة للدول العربية، تظل إشكالية قائمة، ولفترات بعيدة إذا ما قورنت مع مسار تلك الحقوق على صعيد المجتمع الدولي، دولاً ومنظمات، طالما ظلت تلك الدول العربية تنظر الى تلك الحقوق، من زاوية مصالحها الخاصة ومصالح حكامها الذاتية؛ فأغلبها تعترف قولاً بما لحقوق الإنسان من أهمية خاصة، وفي كثير من دساتير تلك الدول، بل وفي العديد من نصوص قوانينها، يلاقي المراقب الكثير من النصوص الدستورية، ما يكرس مكاناً خاصاً لتلك الحقوق، بل وفي وبعضها ما يجاري فيه نصوص القانون الدولي لحقوق الإنسان..!
ولكن الطامة الكبرى، حينما تصطدم تلك الحقوق بمصالح حكومات تلك الدول، أو مصالح حكامها الخاصة، لدرجة تصبح فيه تلك الحقوق، وكأنها تتعارض مع قواعد وأنظمة للدولة، سبق وأن شرعتها في دساتيرها وأنظمتها القانونية، ولا ضير بعد ذلك، فيما لو أخذت تلك النصوص الدستورية والأنظمة القانونية، طابع سنن وأحكام دينية أو عادات شرب وأكل الزمن عليها، أو تعارضت مع المباديء العامة للقانون الدولي لحقوق الإنسان..!؟
ولعل من الأمثلة الحية والقرببة، على ما تمت الإشارة اليه في أعلاه، موقف المملكة العربية السعودية، من رفضها للدعوة الموجهة لوزيرة الخارجية السويدية السيدة مارجو والستروم من قبل الجامعة العربية للمشاركة في إجتماع الجامعة الحالي والمنعقد في القاهرة، والتركيز على حقوق الإنسان، حيث قال متحدث باسم وزارة الخارجية السويدية يوم الاثنين؛ [[ إن السعودية أعاقت خططا لإلقاء الوزيرة مارجو والستروم كلمة أمام وزراء الخارجية العرب المجتمعين في القاهرة يوم الاثنين..!؟؟]] وأشار المتحدث إريك بومان إلى أن الموقف السعودي جاء احتجاجا على انتقاد الحكومة السويدية لسجل الرياض في مجال حقوق الانسان..!؟]] (1)
إن اللافت للأمر هنا؛ أن التعامل مع الدول الأخرى في شأن حقوق الإنسان، بالنسبة للدول العربية، يبدو أنه ينبغي أن يأخذ بالإعتبار، مصالح تلك الدولة العربية المعنية، قبل النظر الى ما تتطلبه مباديء وإلتزامات حقوق الإنسان، فمصلحة الدولة المعنية، هي فوق مصلحة الفرد أو المواطن المعني بالأمر، وبعيداً عن جميع الإعتبارات الأخرى..!؟ ولكن وفي مثلنا أعلاه، فإنه وكما يبدو من وجهة نظر بعض البلدان العربية ومنها المملكة العربية السعودية، فإنه لم يعد ضرورياً أخذ موقف دولة السويد أو غيرها من القضايا العربية عموماً، وبالذات وعلى سبيل المثال، موقفها من القضية الفلسطينية، بل ولا حتى موقف دول الإتحاد الأوروبي من تلك القضية، على محمل الجد..!(2)
فإن كان الموقف السعودي من دولة السويد مبنياًعلى أساس موقف السويد الناقد للموقف السعودي من حقوق الإنسان، فالأمر هنا يتعلق بموقف الجامعة العربية من دعوتها لوزيرة خارجية السويد للمشاركة في ملف حقوق الإنسان وإلقاء كلمة بالمناسبة؛ وليس هناك، ووفقاً للإعتبارات الدبلوماسية ، ما يمنع أن يرد المندوب السعودي على الضيف السويدي، بما يعتقد أن فيه مساساً أو تدخلاً في الشأن الداخلي السعودي من قبل السويد، ولكن وكما يبدو، تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، فالجامعة العربية لا تمثل نفسها فقط حسب، وموقفها من شطب كلمة وزيرة الخارجية السويدية، تحت وقع الضغط السعودي، أمر لا يعبر عن موقف متجانس، وكما لو أن موقف المملكة العربية السعودية هنا، يعبر عن مواقف جميع الدول العربية أعضاء المنظمة بهذا الشأن، فيا لغرابة الأمر..!؟(3)
______________________________________________________