المنبرالحر

مسكينهم الواقف في شارع المتنبي / احسان جواد كاظم

استفزاز, هو باختصار ما يمكن قوله عن رفع لافتات في وسط شارع المتنبي في بغداد, مزار المثقفين, تعيّر "العلمانيين" بعدم تقديمهم شيئاً للوطن مقابل ما قدمته جماعتهم من دماء
صيغة اللافتات المباشرة والحادة تفضح شخصية وغرض من ارسلوا حامليها, المتعجرفة, والساعية لأفتعال مشكلة واشعال فتنة بين العراقيين في هذه الظروف العصيبة والتي تمر بها بلادنا والتي تستوجب التضامن والتكاتف والوحدة.
حسناً فعل رواد شارع المتنبي برد فعلهم المسؤول بتجاهلها واهمالها, فقد كان رداً بليغاً على الجهات التي تقف وراء هكذا كتابات مغرضة. وقد اثبتوا سموهم ورفعتهم ورقي وعيهم ازاء هكذا استفزازات بليدة. فلابد وان الساعين للفتنة كانوا يتربصون في زاوية ما في شارع المتنبي, يتحينون الفرصة للانقضاض على رواد هذا الشارع الثقافي, الزاخر بالتنوع الفكري, عند ادنى هفوة.
ان طريقة قاصدي اثارة الفتنة في (عرض آرائهم) الاتهامية, تتعارض مع طبيعة الشارع المتسامحة, المنفتحة على تلاقح الافكار بينما هم يودون فرض نمط تفكير اقصائي, فئوي, مغرق في تخلفه, يعبر عن بلطجة فكرية لاتمارسها سوى ميليشيات وقحة.
انه سلوك ميليشياوي مشين، تتوسع يوماً بعد يوم مؤشرات رفضه ومقاومته شعبياً، لا بل ان اوساطاً رديفة له مذهبياً باتت تشكو منه ومن سلوكياته وتدعو الى نقل مقراته الى خارج المدن, اضافة الى محاولات حكومية لتجريده من السلاح.
اخيراً, كانت مرجعية السيد علي السيستاني العليا, على لسان ممثلها في كربلاء, صريحة في ادانتها لميليشيات تقوم بترويع واختطاف المواطنين وزوار البلاد الاجانب, ودعت الحكومة الى مكافحتها.
ان اغلب المدنيين ان لم يكونوا كلهم يميزون بين المقاتلين على الجبهات ضد داعش, الذين يضحون ويدفعون دمهم ثمناً لحرية الوطن وسلامة شعبه, بمن فيهم ابناء الحشد الشعبي بكل اطيافه, وبين الميليشيات التي تجول في مدن البلاد الآمنة لترهب المواطنين وتبتزهم وتفرض عليهم شرائعها المتخلفة البالية بغطرسة وتجبّر.
ولان ليس للمدنيين ميليشيات خاصة بهم, لاحترامهم دستور بلادهم الذي يمنع تشكيلها, فهم منخرطون بالتأكيد, كأفراد, في تكوينات قواتنا المسلحة والقوى المقاتلة الساندة لها, باعتبارهم من ابناء هذا الشعب البررة, ويدفعون اسوة بالآخرين ضريبة الدم على وجود داعش على اراضينا. وما من احد يحق له المزاودة عليهم. كما انهم ليسوا مطالبين بأعطاء صك براءة لأحد.
أليس صلافة... ان يبخسوا دماء وتضحيات الشهداء الآخرين من غير ميليشياتهم, حتى من غير المدنيين؟