مجتمع مدني

ناشطات يعتبرن "الأحوال الجعفري" جريمة بحق الطفولة / أرينا قاسم

وصفت ناشطات وناشطون مدافعون عن حقوق المرأة، قانون الأحوال الشخصية الجعفري، بأنه "جريمة ضد الطفولة"، وانه يلغي "العلاقة الحميمية بين الزوجين"، مؤكدين ان تشريعه سيدمر نسيج المجتمع العراقي القائم على المصاهرة المختلطة بين الطوائف والقوميات. وفيما نوهوا الى ان انتقادهم للقانون لا يستهدف طائفة او مذهبا خاصا، بل يهدف الى التنبيه الى مخاطره، دعوا الاحزاب الاسلامية المؤيدة للقانون الى الالتزام بتوجيهات المرجعية التي رفضت تشريع القانون وتحفظت على العديد من بنوده.
وفي حديث الى "طريق الشعب"، قالت هناء أدور، الناشطة المدنية، ورئيسة منظمة أمل، ان "مطالبنا هي اسقاط مشروع قانون الاحوال الشخصية الجعفري الذي مرره مجلس الوزراء قبل ايام الى مجلس النواب من اجل تشريعه، بعد ان كان مجلس الوزراء في نهاية العام الماضي قد اتخذ قرارا بتأجيله الى ما بعد الانتخابات، ولهذا هو يعتبر الآن احد الأوراق السياسية او اللعبة السياسية او الحزبية والطائفية من اجل اللعب عليها في الانتخابات القادمة"، مضيفة "كنساء عراقيات نعتبر القانون مثلما اعتبرته المرجعية الدينية في النجف الاشرف والعديد من رجال?الدين الاخيار، بانه مشروع يشكل إساءة للمذهب وللدين الاسلامي". وتابعت انه "بدورنا نؤكد على ذلك ونزيد على هذا ونقول انه جريمة ضد الانسانية، جريمة ضد الطفولة، حينما يسمح للبريئة بان ينتهكها ويقسرها على زواج لا تعرف معناه، وهي طفلة بتزويجها دون سن التاسعة من العمر، فهذا انتهاك لكرامة المرأة حينما يحولها الى اداة متاع جنسي للرجل ويلغي العلاقة الحميمية بين الزوجين القائمة حسب الشرائع السماوية التي تقول (مودة ورحمة) وشراكة بين الطرفين"، مؤكدة ان "هذا كله الغاء ويدمر وحدة النسيج العراقي الاجتماعي القائم على المصاه?ة المختلطة والزواج المختلط بين مختلف الاقوام والمذاهب وحتى الاديان وأيضا يمزق وحدة التشريع الوطني العراقي القائم على قانون الأحوال الشخصية العراقي وتعديلاته المرقم 188 لسنة (59) الذي تستند احكامه بالاساس الى الشريعة الاسلامية، واغلب احكامه مستندة الى الفقه الجعفري".
وحذرت أدور من ان "القانون في حال اقراره سيدمر وحدة مؤسسات الدولة، متمثلة بمحاكم موحدة وتفاصيل موحدة، اعتادت عليها الأسرة العراقية، منذ عقود، واستقرت على هذا العمل وبالعكس كان هذا الاستقرار مثار إشادة وتقييم ايجابي من قبل القضاة ومن قبل السلطة القضائية، نحن اليوم نجد أنفسنا في مهب الريح، نجد أنفسنا أمام نفق مظلم يحاولون ان يدخلونا في هذا النفق باسم الطائفية وباسم دونية المرأة".
وأشارت الى انه "سنعمل على مستويين، الاول، تكثيف حملات المدافعة اولا بالتوعية لمختلف شرائح المجتمع ولا سيما النساء، وتثقيفهم بالأضرار الجسيمة التي يمثلها مشروع هذا القانون، وتوعيتهم ان كرامتهم وان شخصيتهم وحقوقهم مضمونة بالدستور ومضمونة بالقوانين العراقية بأنها كلها ستكون في مهب الريح"، مضيفة اما المستوى الثاني فنحن نحاول نكسب الرأي العام العراقي بجانبنا في هذا الشأن ومخاطره في تفكيك وحدة الاسرة العراقية وتفكيك المجتمع العراقي وكذلك نحاول ان ندفع صناع القرار ايضا ونعمل بالتأثير عليهم ومحاولة إسقاط هذا المشر?ع القانوني وعدم تمريره في مجلس النواب".
وردت ادور على منتقدي دور منظمات المرأة لما اعتبروه تأخرا منها في الخروج بتظاهرات ضد قانون الاحوال الجعفري، بالقول "نحن من اول من أعلن رفضه لهذا المشروع في تشرين الاول من العام الماضي، وضغطنا بمختلف المستويات كي لا يمرر هذا المشروع من قبل مجلس الوزراء، وفعلا مجلس الوزراء في بداية كانون الاول اتخذ قرارا بتأجيل البت به ووضعه ما بعد الانتخابات"، مردفة "نحن بيّنا في بياناتنا في 5 كانون الاول هذا الموقف، وأكدنا على ضرورة عدم تمرير هذا المشروع، وبالعكس نحن اثرنا الموضوع على الجهات الدولية في اجتماعنا في شباط في ج?يف مع لجنة اتفاقية الغاء كافة اشكال التمييز ضد المرأة وإحدى التوصيات التي خرجت من الاجتماع هو إسقاط هذا القانون وإفشال تمريره بأي وسيلة من الوسائل". ونوهت بأن "وزيرة الدولة لشؤون المرأة كانت حاضرة الاجتماع وقالت ان هذا القانون معلق، والدليل على ذلك انه عندما عادت من جنيف تفاجأت بتمرير هذا القانون من مجلس الوزراء وقدمت مذكرة قانونية تعترض بها على تقديمه وذكرت بها بانها معارضة لهذا القانون وهي مع قانون الاحوال الشخصية المدني لجميع العراقيين".
بدورها، قالت كوريا الشيباني، الناشطة النسوية، لـ"طريق الشعب"، امس، ان "اهم المطالب التي ركزنا عليها هي الغاء قانون الأحوال الشخصية الجعفري، الذي يتعارض مع الدستور، بالاخص المادة 14 منه باعتبارها مادة خلافية، لا يجوز التشريع بقوانين اخرى عليها".
وبينت انه "ستكون خطواتنا واحتجاجاتنا القادمة توحيد جهود الحركة النسوية وتوحيد شعاراتنا من اجل تشريع قوانين منصفة للمرأة، مثل قانون حماية الطفولة والضمان الصحي، والغاء اي قانون يحاول ان يضطهد المرأة العراقية، اكثر مما هي مضطهدة"، مضيفة "كذلك سنقوم بوقفات من اجل توحيد العراق ضد اي قانون يحاول تفكيكه، والغاء القوانين المجتمعية التي تعطل الحياة المدنية وتناضل المرأة من اجل فصل الدين عن الدولة حتى يكون الدين محترما".
وخلصت الشيباني الى ان "قانون الاحوال الجعفرية في حال تشريعه سيؤثر سلبيا على عموم المجتمع العراقي".
الى ذلك، قال احمد البغدادي، الناشط المدني لـ"طريق الشعب"، "كناشطين مدنيين ركزنا وطالبنا على سحب مسودة هذا المشروع، لان هذا المشروع يكرس للانقسام الطائفي المجتمعي والذي سيؤثر بشكل سلبي كبير على المجتمع العراقي الذي يعمل على ان تكون هناك عدة احوال شخصية للعراقيين وهذا بالتالي يعزز للانعزال ما بين الاطياف والألوان المجتمعية العراقية بدلا من ان يجمعنا قانون مدني واحد"، مشيرة الى انه "أكدنا ضرورة سحب هذا المشروع من قبل رئاسة الوزراء، لانه بالاضافة الى ذلك، فهو يتعارض مع مواد دستورية ويتعارض مع تعاهدات العراق واتفاقياته الدولية الموقع عليها".
وشدد البغدادي على ان "حملتنا ليست موجهة ضد مذهب معين او معتقد معين فحملتنا ضد هذا القانون وسلبياته بحد ذاته"، منبها الى ان "هذا القانون فيه الكثير من النقاط الخلافية حتى داخل مذهب ابناء الطائفة الشيعية لان هذا القانون خلافي، من ضمن النقاط الخلافية انه يتعارض مع حقوق الانسان وحقوق الطفولة مقارنة مع طبيعة العصر، ولاحظنا ان المرجعيات الدينية اعترضت على هذا القانون وطالبت بإيقافه، لذا على الاحزاب الاسلامية ان تلتزم بتوجيهات المرجعية".
وطالبت فعالية نسوية أقيمت الجمعة الماضية في شارع المتنبي، باعلان الحداد ردا على قانون الاحوال الشخصية الجعفري.
واعتبرت النسوة المشاركات فيها ان القانون يريد العودة بالمرأة الى العصور الوسطى، وأكدن أحقية المراة بان تأخذ مكانتها الحقيقية في المجتمع، وان تكون جزءا أساسيا من بناء ونهضة هذه البلاد.