فضاءات

انتفاضة الحي في ذكراها التاسعة والخمسين / بشار قفطان

في الثامن عشر من كانون الاول من العام الحالي ستكون الذكرى التاسعة والخمسون لانتفاضة الحي الباسلة في علم 1956,
تلك الانتفاضة الباسلة التي ستظل ذكراها عالقة في اذهان ابناء شعبنا بشكل عام وابناء محافظة واسط ومدينة الحي بشكل خاص ودرسا بليغا لمن يتجنى على مصالح الشعب في العيش الكريم
ان انتفاضة مدينة الحي لم يكن حدثا عابرا لم يرتكز على خلفيات اساسية من الصراع الطبقي بين الشرائح الاجتماعية التي استهدفها الاضطهاد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي من قبل الطبقة الحاكمة المتمثلة بالنظام الملكي شبه الاقطاعي الذي ربط البلاد وثرواته بالنظم الاستعمارية من خلال الأحلاف العدوانية والقواعد العسكرية التي انتشرت على طول وعرض البلاد من جهة وجعلت من الاقطاع ذراعا في الهيمنة على الثروة الزراعية والاراضي التي استحوذ عليها , وسوطا على ابناء المدن ..
انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945لصالح قوى التحرر التي تزعمها الاتحاد السوفيتي السابق ودحر النازية في تلك الحرب وازدياد الوعي الجماهيري في المدينة بسبب انتشار الوعي ونفوذ الافكار الاشتراكية بين اوساط الشباب والاهتمام بمتابعة الوضع الاقليمي والداخلي والتواصل مع حلقات الحزب الشيوعي العراقي الذي دخل المدينة اواسط عام 1947 صعد من النشاط الجماهيري, ووجود الصرح العلمي في المدينة واعني به الثانوية الجعفرية الذي شيده المرحوم الشيخ بلاسم الياسين وماتركته قصيدة بنت رسطاليس للشاعر الكبير الجواهري في حفل الافتتاح عام 1947 من اثر بالغ في نفوس ابناء المدينة
قل للمعلم راجيا لاراشدا كن للشبيبة في المزالق راشدا
قل للشبيبة حين يعصف عاصف ان لايضلوا كالنسيم رواكدا
واذا اغتلت فينا مراجل نقمة ان لايكونوا زمهريرا باردا
صعد من الفعاليات ألجماهيرية الاحتجاجية ضد النظام القائم كالتظاهرات والاعتصامات والاضرابات الطلابية ضد مجمل سياسات النظام التي شكلت صداعا يؤرق ادمغة الحكام .. ووجد النظام فرصته التي سبق ان خطط لها في كبح جماح المد الجماهيري في كانون الاول من عام 1956عند اشتداد العدوان الثلاثي على مصر فترة تاميم قناة السويس واشتداد الهجوم الفرنسي الغادر على الشعب الجزائري واختطاف قادة الثورة الجزائرية جميلة بو حريد ورفاقها .. وموقف الحكومة العراقية المتفرج من العدوان على مصر ترى ابناء مدينة الحي فتحوا بابا للتطوع لمقاتلة المعتدين في نهاية تشرين الثاني من عام 1956
في مطلع كانون الاول من عام 1956 استقدمت الحكومة فوجا من قوة شرطة السيارة لكسر شوكة ابناء المدينة ظنا بالاستسلام السهل لمن التف حولهم العشرات من الرجال والنساء والشباب في مقاومة القوة المهاجمة .. دخلوا المدينة بعد ان واجهوا مقاومة شرسة من المدافعين عنها .. واستشهد خلال تلك المقاومة الشهداء كاظم الصائغ وركَية شويلية وحميد فرحان الهنون والعديد من الجرحى .. ولن ينتهي حقد الحكام عندهذا الحد بعد استباحة المدينة وانما جرت حملة اعتقالات واسعة شملت العديد من الشباب والرجال لا على التعيين وجرت محاكمات صورية لمن اشتبه به مع المنتفضين واصدرت عليهم احكام قاسية وخصوصا الحكم باعدام قادة الانتفاضة الشهداء علي الشيخ حمود وعطا الدباس وجرى تنفيذه بهم فجر يوم العاشر من كانون الثاني عام 1957 واستشهاد عبد الرضا الحاج هويش بعد انتهاء مؤتمر اتحاد الطلاب العالمي في الصين في حادث سقوط الطائرة وكان قد حكم عليه بالاعدام غيابيا
الدماء التي سالت وروت ارض المدينة يوم مقاومة العدوان الغادر على المدينة واعدام قادة الانتفاضة وسط احدى الساحات التي كانت منها تنطلق الفعاليات الجماهيرية لم تذهب سدى .. نجح المعتدون في افشال الانتفاضة ولكنهم لم ينجحوا في حماية عروشهم التي تهاوت كورق التوت صبيحة الرابع عشر من تموز الخالد والتي كانت من ثمراته انتفاضة الحي والتي ساهمت ايضا في التعجيل بانبثاق جبهة الاتحاد الوطني مطلع اذار من عام 1957.
المجد والخلود لشهداء انتفاضة مدينة الحي الباسلة كاظم الصائغ ركَية شويلية حميد فرحان الهنون
علي الشيخ حمود عطا الدباس عبد الرضا الحاج هويش