فضاءات

فائق بطي .. قديس الصحافة / ألفريد سمعان

هو ليس قديس الصحافة وانشودة الآمال المرسومة على ملامح الامناء على الكلمة الشريفة، بل هو المشعل المضيء منذ اكثر من نصف قرن حمل الامانة وهموم الشعب وتجشم صعوبة الدروب المعبدة بالاشواك وعلى ضفتيها تتربص العقارب وتتبارى الاحقاد وتزمجر القيود وهي تهدد وتطلق صرخات الرعب لايقاف المسيرة وانزال اشد اساليب القمع واذلال المناضلين الاشداء حملة رايات الحرية وكرامة الانسان.
كان فائق الذي عرف بقامته الرشيقة وابتسامته التي لا تغادر شفتيه امينا على تراث والده روفائيل بطي الذي كان من ابرز المثقفين الذين عرفهم عصره واحد اركان الصحافة العراقية عندما اصدر جريدة البلاد واستطاع عبر ما كان ينشر فيها تغطية الاحداث ومواكبة التطورات السياسية المعقدة التي كانت تتطلب نوعا من الذكاء والخبرة والتحدي والدهاء الفكري الخلاق، وقد استقطب ابرز الكتاب واسهم في بناء الصرح الصحفي بوسائل طباعية متواضعة ولكنها استطاعت ان تشق طريقها بحكمة واعتزاز من دون ان تنحني او تتنازل عن متابعة الحقيقة ورصد الامور الصعبة المعقدة والانتصار للشعب وكرامته.
ان القديس فائق واشقاءه تحملوا المسؤولية وكانوا امناء على تراث ابيهم. وقد انفرد القديس بادارة الجريدة في عمر مبكر لانه كان متابعاً على مستوى رفيع وخاض التجربة القاسية بذكاء واعتزاز ووضع لمساته الابداعية واستطاع ان يكسب الاقلام المخلصة الشريفة ويجند الكلمة لانتصار الشعب وتحقيق امانيه وفضح الاجراءات والتصرفات الدكتاتورية التي حاولت وعملت على رصد تحركات المناضلين والبطش بهم وتنفيذ اقسى العقوبات واغراق السجون بقوافل لم تخضع للذل والعبودية.
لقد كان القديس مثقفاً كبيراً يتابع بغبطة وثقة ما يجري على الساحة الوطنية في الداخل ونقل تجارب الكفاح في العالم وتطوير العمل الصحفي وفتح ابواب جديدة لنشاطات تغري القراء. وجريدة البلاد اول من فتح باب الرياضة وكرس شاكر اسماعيل لها ثم تبعه آخرون.
ان القديس فائق سيبقى في الذاكرة وتظل قيثارة الصحافة تعزف له وقافلة الكلمة النيرة تغني وتشدو باسمه، لأنه المعلم الذي كتب تاريخ الصحافة ونثر ثمارها في كل مكان ويبقى قديساً ثائراً ينشد له التاريخ الثوري احلى الاناشيد.