من الحزب

كلمة الحزب الشيوعي في اربعينية الرفيق محمد احمد صالح (دلمان)

اقام الحزب الشيوعي الكردستاني مساء يوم السبت 30 أيار 2015 في اربيل، حفلا تأبينياً كبيرا في مناسبة اربعينية الرفيق محمد احمد صالح (دلمان) القيادي في الحزبين الشيوعي العراقي والشيوعي الكردستاني، وسكرتير لجنة الرقابة المركزية في الحزب الشيوعي الكردستاني، حضره جمهور غفير غصت بهم قاعة الاحتفال الكبيرة. كما حضره محافظ اربيل وعدد من المسؤولين في حكومة اقليم كردستان، وممثلو الاحزاب الكردستانية. والقيت في الحفل كلمات الشيوعي الكردستاني والشيوعي العراقي، وعائلة الفقيد دلمان، بالاضافة الى كلمات منظمات واحزاب اخرى كما?عرض فيلم وثائقي عن لقاءات ونشاطات الفقيد العزيز "دلمان. "
وفي ادناه كلمة الحزب الشيوعي العراقي في الحفل التأبيني التي ألقاها الرفيق محمد جاسم اللبان عضو المكتب السياسي للحزب:
الرفاق الأعزاء
السادة الحضور الأفاضل
السلام عليكم
نجتمع اليوم، والحزن يلفنا، لنؤبن رفيقاً عزيزاً، ومناضلاً بارزاً ترك بصمته الواضحة، والمتميزة في جميع المجالات التي عمل فيها، وفي المسؤوليات الكثيرة التي نهض بها في مسيرته الحافلة بالعطاء، والمترعة بنكران الذات الذي يليق بالشيوعي الحقيقي، الشيوعي القدوة والنموذج، ليس لشبيبة الحزب ورفاقه الجدد وحسب، وإنما لمجايليه والأكبر منه سناً أيضا.
نشعر جميعاً بالخسارة الفادحة، وتختلج مشاعرنا وعواطفنا بقوة، لتكوّن سحابة من الأسى والألم الممض، تأخذ بألبابنا، وتطبق على عقولنا، فالمصاب جلل حقاً، والفقدان شديد الوطء على نفوسنا، فالذي غادرنا مسرعاً، ودون أن يتيح لنا فرصة وداعه، ترك فراغاً كبيراً على الصعيدين الحزبي والشخصي، و فقيدنا الغالي "دلمان" استطاع أن يحوز المجد من جميع جوانبه.
وكما الشجرة المثقلة بالثمار، اعدّ نفسه ليكون شبيهاً بها، ثقافياً، ومعرفياً، والتزاما حزبياً عالياً، وتواضعاً، وقدرة على تحويل هذا النسيج الرائع إلى واقع ملموس، وممارسة عملية، وجدت ترجمتها في الكفاءة العالية التي كان يتحلى بها، وفي التشخيصات الدقيقة والاقتراحات الناضجة، جاعلاً منها قوة جاذبة، سرعان ما تجد القبول والتأييد بحماس من الرفاق الآخرين. وكان عنصر تجميع وتقريب بين وجهات نظر، تبدو للوهلة الأولى متباعدة، وربما غير قابلة للصهر في بوتقة واحدة، بوتقة الحزب، وما ينجم عنها من إثراء لسياسته، وتوظيف لمواق?ه المشرفة، من اجل مصالح الجماهير الكادحة وحقوقها المشروعة في كردستان والعراق عموماً.
لقد كان فقيدنا العزيز منظماً بارعاً، ورجل علاقات وطنية يشار له بالبنان وسياسياً محنكاً، وقد جعلت منه سماته القيادية والشخصية موئلاً للأمل، ومصدراً للتفاؤل في تحقيق ما يصبو إليه الحزب ورفاقه، وتحقيق ما يتطلع إليه شعب كردستان في تقرير مصيره بنفسه، وبناء نظام ديمقراطي حقيقي ترفرف عليه رايات المحبة والسلام والعدالة الاجتماعية، نظام يوفر للكادحين الكردستانيين بحبوحة من العيش الكريم تليق بإنسانيتهم وتضحياتهم.
كان اممياً بكل ما في الكلمة من معنى، ولم ينس لحظة واحدة، أن وحدة الشيوعيين العراقيين، هي الجسر الذي يوصلنا بأمان وثقة عالية بالنفس إلى أهدافنا وطموحاتنا، والى تحقيق شعارنا العتيد في الوطن الحر والشعب السعيد.
كان معروفاً عن الفقيد الغالي، مقدار ما يتمتع به من شجاعة وجرأة كبيرتين، سواء عندما حمل السلاح في جبال كردستان الأبية، مع رفاقه ضد النظام الديكتاتوري وجلاوزته، أو عند الإدلاء برأيه في أية قضية سياسية أو حزبية، ولهذا كان موضع تقدير أضافي، للرأي المستقل الذي يجاهر به، من دون أن تأخذه في الحق لومة لائم، وبهذا ساعد الكثيرين من الرفاق والرفيقات على التخلص من حالة التلقي السلبية وما يرتبط بها من المجاملات والمحاباة في بعض الأحيان.
كان الشاعر واللغوي المعروف "أبو الأسود الدؤلي" في أيامه، يكرر دائماً، عندما يخطف الموت اعز أبنائه: أن الموت اخذ مني واسطة العقد، أي منتصف "القلادة" كناية عن أحبهم إلى نفسه، وأفضلهم ذكاءً وخلقاً، وها هو القدر اللعين يخطف من بيننا أعز رفاقنا، وأحبهم إلى نفوسنا، رفيقنا الغالي "دلمان".
عزاؤنا أن الإرث النضالي والسلوكي، والمآثر القيادية التي تركها لنا، ستكون زاداً نضالياً، وملهماً للشيوعيين في كل أنحاء العراق، وحافزاً لتحقيق المزيد من النجاحات والانتصارات في نضالنا الجسور لتوطيد منظماتنا الحزبية والدفاع عن مصالح كادحي بلدنا، والمساهمة الجدية في إنقاذ العملية السياسية من الأدران والتعقيدات والمشاكل التي تكاد تغرقها في المستنقع الآسن، مستنقع المحاصصة الطائفية- الاثنية وإرهاب "داعش" ومن يقف وراءها وفي الفساد المالي والإداري الذي يمسك بتلابيبها ويجعلها عرضة للانهيار.
لك المجد كل المجد ايها الرفيق العزيز "دلمان" وستظل ذكراك العطرة متوهجة ابداً.