اعمدة طريق الشعب

التربية الوطنية / محمد علي محيي الدين

في ظل شيوع المفاهيم الخاطئة التي سادت الواقع العراقي وشيوع الطائفية والاثنية والعشائرية، بتنا نفتقد الهوية الوطنية التي يلتقي تحت ظلالها الجميع، وباتت هذه المفردات تطفو على ألسنة الجميع، وأدت في ما أدت الى هذا التشرذم والاقتتال الدامي، وأصبح أسم الوطن والوطنية غائبا إلا على ألسنة القليلين ممن تربوا على حب الوطن والتفاني في خدمته ورفع شأنه والدفاع عنه، بل أصبح من يتحدث بالوطن والمواطن في نظر البعض إنساناً جاء من العصور القديمة، ويعيش بأفكار السلفيين أن لم يوصم بالكفر والخروج عن الدين والمذهب.
عندما كنا طلابا، كنا ندرس التربية الوطنية ونتعلم حب الوطن، وتطالعنا الشعارات المحبذة لهذا الحب فـ «حب الوطن من الإيمان»، ونحفظ في درس المحفوظات «روحي فداك متى أكون فداكا»، وزاد الطين بلة هؤلاء الوافدون الذين تربوا في أحضان غير عراقية وهم يعبئون الناس بمفاهيم بالية تحبذ الولاء للأجنبي وتدعو الى الطائفة والقومية والعشيرة والدين والمذهب، وتنسى الوطن، وأصبح العراق غريبا لا أسم له ولا رسم. فقد وزع على أديان ومذاهب وأثنيات، وما يحصل اليوم سيؤدي لا محالة الى تقطيع أوصال ما تبقى من هذا الوطن المستباح.
كان سوادي الناطور صامتا يسمع وينظر فانتفض قائلا: «سالفتنه مثل ذاك، يگولون أكو واحد عنده سياره عتيگه يشتغل بيهه تكسي، ما عنده گراج بالبيت فـيخليهه بالباب ويضل الليل كله گاعد يحرسهه، من يطلع الصبح للشغل جماعته السواق يشوفوه نعسان واحد منهم نصحه يشتري چلب ويربطه يم السياره حتى يحرسها. صاحبنه جاب چلب من صديقه وربطه يم السيارة مالته وگام ينام من وكت ويشبع نوم، وره اسبوع گعد الصبح لگه السياره مالته ماكو، اتخبل راح اشتكه يم الشرطه، من أجو الشرطه شاف المحقق الچلب، سأله هذه الچلب مالك گله نعم، گله منين جبته گله من صديج بقريتنه، أخذ أسمه، وبوره يومين أجو الشرطه للسايق گلوله يردوك بالمركز، راح گالوله لگينه سيارتك عند فلان اللي اشتريت منه الچلب لان من اجه يريد يبوگ سيارتك الچلب ما نبح عليه، لان هو اللي مربيه، فاخذ سيارتك وروح اخذلك چلب زغير وربيه حته ينتمي الك ويواليك مو تجيب چلب مربيه غيرك!».