اعمدة طريق الشعب

الخدمات الطبية والصحية ..اكسباير !/ عبد السادة البصري

قبل أيام وأنا في طريقي الى الديوانية للإشراف على انتخابات اتحاد أدبائها ، دار حديث في السيارة بين الركاب عن الفساد المستشري في كل مفاصل ومؤسسات الدولة ، وتوقف الصناعة والزراعة مما أثر على الخدمات وفي المجالات الحياتية كافة ، فقال السائق : راح أسولف حادثة صارت وياي شخصيا ، أجبته: أكيد مراجعة دائرة ؟ رد علي : صار لدي ألم قوي في خاصرتي اليسرى، ذهبت الى الطبيب الأخصائي وبعد الفحص والتحاليل قال : عندك حصوة بالكلية ولازم تسوي عملية، لأنه اذا متسوي العملية احتمال تتمزق كليتك أو تنزل بالحالب وتسده نهائيا فترتفع عندك نسبة اليوريا وتموت خلال أيام، حقيقة ــ الحديث للسائق ــ خفت حيل، فوافقت على إجراء العملية ، فقال : سأجريها لك في مستشفى أهلي لأن خدماته أفضل، وكلفة العملية ثلاثة ملايين دينار، قلت له : دكتور أنا رجل اشتغل على باب الله سائق تكسي وما عندي مورد مالي آخر، المهم حاولت مع الطبيب وبعد الترجي تم الاتفاق على مليون وربع المليون، أرسلني للمستشفى ودفعت فلوس الدخولية وتم إجراء العملية فصارت الكلفة كاملة مليونين مع العلاج، وبعد يومين من اجراء العملية بدأ الألم يشتد عندي وأخذت أصرخ من شدته فأخذوني الى الطبيب نفسه ليفحصني حيث تبين أنه فتت الحصوة لكنها لم تنزل لأنها انقسمت الى أربع حصيات، أعطاني علاجا ورجعت الى البيت لكن الألم أصبح لا يطاق ولم أعد أقوى على الجلوس أو النوم، أخذوني الى طبيب آخر فقال : ان التفتيت سبب عندك تمزقا في الكلية ونزيفا فتم إدخالي المستشفى لتجرى لي أربع عمليات منها لسحب الدم من الكلية واستخراج اثنتين من الحصيات وإنزال الاثنتين الاخريات في الحالب ومحاولة تفتيتهما لينزلا مع البول، وقد أجريت لى خمس عمليات جراحية خلال اقل من أسبوع لأن الأولى لم تجر بالشكل الصحيح من قبل الطبيب، الغريب ليس في عدد العمليات بل في الخدمات العلاجية والصحية ، فقد كنت اشتري كل لوازم العملية من ( القطن والكانونة والصوندة والشاش والمغذي) من الصيدليات الأهلية ، ومعنى ذلك ان جميع مستشفياتنا تعمل بنظام ــ غير الموجود ــ دائما ، أو ــ روح اشتري من الصيدلية وتعال !.
ليلة الأحد الماضي جُرح ابني الصغير وهو يلعب فأخذته الى المستشفى وأول ما واجهني به الطبيب الخفر في شعبة الطوارئ هو : روح جيب شاش وباندج من الصيدلية وتعال حتى نداويه..
ــ صيدلية الطوارئ ؟
ــ لا.. أي صيدلية أهلية خارج المستشفى ، لأنه كلشي ما عدنه وإذا تريد تعالج ابنك حضر المستلزمات هذه !! ذهبت الى الصيدلية واشتريت الدواء والمستلزمات العلاجية الأخرى لتتم معالجته وأنا أتساءل ويتساءل معي العراقيون جميعاً :
أين تذهب الميزانية المالية المخصصة للصحة وتحديداً لشراء الأدوية والمستلزمات الطبية ، إذا جميع الخدمات الصحية والعلاجية عبارة عن اكسباير ومفقودة ويشتريها المواطن من الصيدليات الأهلية ؟؟؟ والمصيبة كل مرة نسمع تصريحاً لمسؤول كبير حول الاهتمام بصحة المواطنين والسهر على علاج مرضاهم !..