اعمدة طريق الشعب

أهوارنا.. وازدهار السياحة / عبد السادة البصري

في سبعينات القرن المنصرم، وفي قريتي الغافية عند تخوم البحر في أقصى جنوب القلب، كانت الأنهار الحد الفاصل بين (حوزٍ) وآخر، منها تتفرع السواقي والجداول الصغيرة لتسقي مزارع النخيل والحناء وغيرها ...كنا نغترف من النهر مباشرة ونشرب حتى نرتوي ماءً عذباً، وعلى مقربة من بيوتاتنا وتحديدا في مركز القضاء كان الميناء الذي يصل البصرة والعراق بالعالم عبر رحلات بحرية متنوعة.
كان مركز القضاء يضم دوراً للسينما ونوادٍ اجتماعية ومكتبات ومقاهٍ وساحات للهو والتنزه، وحينما نذهب الى المركز نشعر بالسعادة والارتياح ونحن نتجول بين المقاهي والمكتبات ونتحايل على آبائنا أن يأخذونا معهم لنشاهد فلما هنديا أو من أفلام الكاوبوي ، وكان القائمون على النوادي الاجتماعية تلك (نادي الموانئ، نادي النفط ...الخ ) يقيمون حفلات وسهرات عائلية بين وقت وآخر، إضافة الى السفرات السياحية هنا وهناك ومسابقات الزوارق الشراعية والتجديف والسباحة وغيرها ..كان القضاء ــ اقصد قضاء الفاو ــ في الستينات والسبعينات يعج بالسواح والزائرين من أجانب وعراقيين من العاصمة والمحافظات الأخرى ، ازدهرت السياحة بسبب اهتمام المسؤولين والقائمين على امور القضاء اداريا !.
وأنا أتذكر تلك الأيام تمر في خيالي الآن صورة جزيرة السندباد التي انتعشت في تلك الفترة وصارت محطة للمصطافين والزائرين والعرسان من مختلف المحافظات !.
لهذا أرسم في مخيلتي صورة مستقبلية للأهوار بعد إدراجها تراثا عالميا ومعها بعض المواقع الأثرية ،صورة زاهية إذا التفتنا اليها بشكل صحيح بعيداً عن العقلية الضيقة والأفكار السطحية والفساد بشتى صوره .
فإذا أردنا أن تظل أهوارنا وآثارنا ضمن اللائحة علينا أن نبعد شبح الفساد والمحاصصة عن كل خطوة نخطوها لجعلها محطة للسياحة في العالم اجمع.. والسياحة في أي مكان مورد اقتصادي مهم جداً، فهناك العديد من البلدان يعتمد اقتصادها كليا على السياحة !.
علينا أن نضع الدراسات والبرامج الكفيلة وبشكل جدي وصادق لتحويل هذه الاهوار الى منتجعات سياحية فيها ما يجذب السائحين ويجعلهم في ذهاب وإياب، كما علينا أن نفكر بجدية في تحويل العديد من الشواطئ والساحات الى متنزهات وأماكن للترفيه والسياحة والاصطياف ـــ كم من آبائنا وإخوتنا ومعارفنا قد احتفل في زواجه في جزيرة السندباد ؟؟!!ـــ وبهذا سنفتح بابا لدعم الاقتصاد الوطني وموردا اقتصاديا مهما ، مع تشغيل أيدي عاملة كثيرة والقضاء على نسبة عالية من البطالة ، إضافة الى فتح مجال للصناعة والزراعة أن تمسح الغبار وتزيل التراب الذي غطى معاملها وشركاتها نتيجة الإهمال والتوقف الذي حولنا الى أكبر مستوردين ومستهلكين لكل منتج أجنبي ..أهوارنا بإدراجها كتراث إنساني فتحت بابا كبيرا لازدهار السياحة والتفكير بجدية وإخلاص في تطويرها وبكل المجالات .