اعمدة طريق الشعب

صراع المبادئ وأزمة الإصلاح الرياضي / مظفر العقابي

يبدو ان رياضة الوطن ما زالت تحاول ان تجد لها موطئ قدم رصين وحقيقي، في عالم آخر مختلف عما نحن فيه، عالم متطور مخلص متفان مهني واكاديمي من اجل تحقيق الافضل، بالرغم من كل العراقيل التي خلفها الواقع المرير، خلال عقود من زمن الحروب والحصار والتغيير، وما صاحبه من دمار وفساد وارهاب في كل المستويات. ويبدو جلياً اننا في أغلب مسمياتنا ما زلنا نوهم انفسنا، ونناقض قيمنا الظاهرة على السطح، وطروحاتنا ومجالسنا ومؤتمراتنا، وحربنا الاعلامية الرياضية والشعبية المعلنة والخفية، ضد الفساد والفاسدين في كل ميادين العمل وخاصة الرياضي، الذي اصبح في زمننا الملون هذا رهنا بما يتحقق من نتائج آنية وزمنية سرعان ما تتبخر من دوران عجلة الايام والسنين، لتصبح مجرد ذكرى مبهمة فقدت اريج عطرها المزيف بفعل الاساس الغائر في وسط اديم واحة من الرمال المتحركة.
قبل ايام حقق الوطن الرياضي انجازاً كروياً مهما وتاريخيا، افرح من لا يعرف في بواطن الامور كثيرا ومن يعلم بكل تلك الامور قد فرح فرحاً مسرحياً بامتياز، واحيانا كان فرحا خجولا وصل ببعضهم الى حد الاحمرار، لأننا نعلم ان الصدمة لا بد ان تحصل ولو بعد حين، لتربك البناء، وتسرق البسمة من الشفاه والعيون التي طالما بكت على تلك النتائج والانجازات الوهمية والمبهمة والهشة لذلك البناء المهترئ والمزيف، وكل ذلك الرماد الذي تم ذره في العيون المسالمة والناعسة في احضان الوطن العظيم.
اننا وبرغم كل سطوتهم، لا يمكن ان نتنازل عن قيمنا واخلاقنا ومبادئنا الوطنية والرياضية السامية، الى اولئك المتهورين والسائرين برياضتنا وكرتنا وجماهيرنا الحالمة بالنجاح، صوب كل طرق التيه المؤدية الى مديات السراب الذهبية المزيفة. ربما يكون منجزنا الوحيد والحقيقي الذي تحقق لنا، هو ذلك البروز اللامع لبعض طاقاتنا وخاماتنا التي كان لها بصمة مميزة وألق كبير، برغم حتمية اعتراضنا على الفئة العمرية التي تألقت من خلالها وتبقى كل الانجازات المتحققة لكل فرق الفئات العمرية في العالم المتطور، ما هي الا محطات اعدادية للوصول الى المحطة الاخيرة والمهمة الشاقة في تشكيل منتخب وطني اول قادر على المقارعة المشرفة للوصول الى كاس العالم، وتحقيق الاعجاز والانجاز المنتظر.
اود هنا ان اذكر الجميع ان الاصلاح الرياضي ليس خياراً لكل من يريد الخير لرياضة الوطن، بل لا بد ان يكون واقعاً وضرورة ملحة، لانتشال رياضتنا من الضياع والضمور، فقيمة المبادئ الاصلاحية السامية تبرز دائما حينما يكون الواقع غير مناسب لحضورها.