اعمدة طريق الشعب

يا فرحة اللي ما دامت! / عاصي دالي

نشأت البنوك في مراحلها الأولى كمحصلة لتطور واتساع النشاط التجاري وتعدد أشكال النقود المتعامل بها، إلا ان التطورات الاقتصادية المتلاحقة دفعت نحو تطوير هذه البنوك، وإيجاد نظم مصرفية لتقديم خدماتها لمختلف القطاعات ضمن السياسات الاقتصادية في جميع الدول. ويذكر التاريخ ان نشوء الفن المصرفي يرجع إلى ما قبل الميلاد. ففي العهد البابلي ظهرت مجموعة من المؤسسات المصرفية تولت تنظيم عمليات السحب والإيداع. وقد تأسس في العراق مصـرف الرافـدين بموجب القانون رقم (33) لسنة 1941، وباشـر أعمالــه برأس مال مدفوع قدره (50) خمسون ألف دينار، وكان أول مصرف وطني يمارس الصيرفة التجارية بين العديد من المصارف الأجنبية. وقد أطلق خلال مراحل وجوده قروضا نقدية لموظفي دوائر الدولة أو المتقاعدين، الهدف منها خدمة الموظف والمتقاعد. فهو يحتاج إلى دعم وتمويل كمبدأ خدمي، باعتبار أن المصرف لخدمة المجتمع. أما من الناحية الثانية فالمصرف قطاع يهدف إلى الربح من خلال وضع فوائد على المبالغ التي يتم إقراضها.
ويعتبر مصرف الرافدين من المؤسسات المالية الحكومية التي أصبحت تتخبط في قراراتها، ما يجعلنا أمام سؤال: هل ان هذه حكمة أم تلاعب بأعصاب موظفي الدولة ومتقاعديها. ففي أيار الماضي أعلنت دائرة التقاعد العامة، وعلى لسان رئيسها السيد احمد عبد الجليل، لوسائل الإعلام، إنها ستطلق «سلفة فرح» التي تبلغ خمسة رواتب، للموظفين والمتقاعدين من حملة البطاقة الذكية، مبينة ان فوائد السلفة وآلية احتسابها والتسديد، ستكون يسيرة جدا على المواطن.
وفي نهاية آب من هذا العام، أعلن مصرف الرافدين عن إطلاق سلفة تبلغ 10 ملايين دينار لموظفي الدولة، تسدد على أقساط شهرية لمدة خمس سنوات, وتم نشر الاستمارة الالكترونية لتقديم الطلبات عن طريقها. وقد فرح الموظفون بذلك، ورسم كل منهم مشروعه في استغلال المبلغ الذي يستلمه. لكن «يا فرحة اللي ما دامت»، فسرعان ما تبخرت أحلامهم بعد أن أعلن مصرف الرافدين عن إيقاف السلفة!