اعمدة طريق الشعب

عائدات الجمارك والادعاء العام الغائب / راصد الطريق

لا اقتصاد وطنيا من دون قانون جمارك، يحمي الزراعة والصناعة الوطنيتين، ويصون العملة ويمنع استنزافها.
ولا معنى لقانون الجمارك من دون ترجمته ميدانيا، بمضامينه الاقتصادية والمالية والاجتماعية العميقة.
ففرض التعرفة الجمركية يحفز الانتاج الوطني، وهذا يعزز العملة ويقوي سعر صرفها وقدرتها الشرائية. فضلا عن كونه رافدا لتمويل الميزانية. فالموارد هنا تضاف الى سواها، لتحد من الاعتماد وحيد الجانب على النفط.
من جانب آخر يتيح النهوض بالعمل الجمركي تطبيقا كفؤا للرقابة الصحية والبيئية على الواردات. الرقابة التي عانينا كثيرا ولا نزال، بسبب غيابها، من دخول السلع الملوثة والفاسدة وحتى المسرطنة.
ولا جدال في ان عائدات الجمارك ستشكل مصدرا اساسيا لميزانية الدولة، اذا توفرت قناعة حقيقية بضرورة تطبيق القانون ولجمت شهوات بعض اقطاب التجارة الطفيلية، الذين يرفضون اي اجراء رقابي او تنظيمي ولا يفكرون الا في تعظيم ارباحهم ولو على حساب الدولة، واذا كان هناك استعداد لايقاف الطفيليين المتعيشين على المنافذ الحدودية عند حدهم، وقطع دابر السرقة والتهرب الضريبي.
والسؤال المطروح هنا هو: لماذا يجري تجاهل ما ينشر ويذاع من معطيات على ألسنة بعض الاقتصاديين، وقبلهم بعض ممثلي المؤسسات الرسمية، خصوصا اعضاء مجلس النواب، من ارقام ووقائع ملموسة حول ما يجري في المنافذ الحدودية وفي الجمارك عموما؟ لماذا لا يبادر الادعاء العام والجهات الاخرى ذات العلاقة الى التحقيق في تلك المعلومات والارقام، واتخاذ التدابير في ضوء نتائج التحقيق، للردع ووضع حد للاهدار من قبل عناصر الفساد والغش والتهريب؟
لقد افاد بعض البرلمانيين ان عائدات الجمارك كان يفترض، انطلاقا من الارقام المنشورة، ان تبلغ عشرة مليارات دولار، في حين ان مجموعها، حتى بعد اتخاذ بعض التدابير المضادة للفساد اخيرا، لم يتجاوز مليار دولار!
ترى .. الا يهز هذا ضمائر المعنيين في الادعاء العام ويدفعهم الى متابعة الموضوع والتحقيق فيه، خصوصا وانه ينطوى على درجة عالية من الصدقية التي تظهرها المقارنة بين ما باعه البنك المركزي من دولارات لتغطية الاستيرادات، وبين الواردات الفعلية وما استلم مقابلها من رسوم جمركية؟